الرأي

آفة التستر الصناعي والاقتصاد الوطني

سعد السبيعي
التستر الصناعي آفة تضرب القطاع الصناعي في مملكتنا، حيث يشمل هذا النوع من التستر تمكين الوافد من استثمار أو ممارسة نشاط الصناعي لحسابه، أو بالاشتراك مع غيره المحظور عليه ممارسته، أو لا يسمح له نظام استثمار رأس المال الأجنبي أو غيره من الأنظمة والتعليمات بممارسته، ويعد المواطن متسترا في حالة تمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو السجل الصناعي لممارسة النشاط الصناعي.

لكن كيف يحدث ذلك؟

في الواقع تكمن خطورة التستر الصناعي على الاقتصاد الوطني في تكبده خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويا، لذلك فقد أقدمت المملكة على إنشاء البرنامج الوطني لمكافحة التستر، بهدف معالجة التستر بشكل عام في القطاعات كافة، وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به، وتحفيز التجارة الالكترونية واستخدام الحلول التقنية. كما يواصل البرنامج العمل على تنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال وتعزيز النمو في القطاع الخاص وإيجاد بيئة تنافسية جاذبة للسعوديين وتشجيعهم على الاستثمار وإيجاد حلول لمشكلة تملك الأجانب بشكل غير نظامي في القطاع الخاص.

وفي هذا المجال يجب أن نشير إلى أن بعض الأجانب الحاصلين على ترخيص استثمار أجنبي صناعي، يمكنون وافدين آخرين من العمل لحسابهم خلافا لنظام استثمار رأس المال الأجنبي، مما يؤدي إلى تهرب الوافد من الرسوم التي يتطلبها نظام الاستثمار الأجنبي من خلال عقد صوري بالراتب والميزات، وعليه فإن كشف مثل هذه القضايا تكتنفه صعوبات عدة.

لكن ما هي خطورة التستر الصناعي على الاقتصاد الوطني؟

تكمن مخاطر الصناعة المستترة في استنزاف عنصرين تنعكس آثارهما على الاقتصاد الوطني، وهما رأس المال والعمل، فرأس المال ينتج عن الأرباح الناتجة من الصناعة المستترة التي يجري تحويل معظمها إلى الخارج، وفى أغلب الأحيان ينتهج الوافد أقصى عمليات تعظيم الأرباح على حساب المستهلك المواطن. أما العمل فيكمن في أن الوافد هو مالك المشروع الصناعي، ويسعى إلى توظيف عمالة وافدة بمصنعه، مما لها من آثار سلبية مدمرة على سوق العمل بالمجال الصناعي في المملكة.

ختاما، يتسبب التستر الصناعي بدرجة كبيرة في إفشال سياسات الاستقرار الاقتصادي في المملكة، وتشويه المؤشرات اللازمة لوضع السياسات الاقتصادية المحددة، التي من أهمها مؤشرات الأسعار ومعدلات البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي، كما أن هناك تأثيرا سلبيا بالغا على فعالية السياسة النقدية في الاقتصاد، فزيادة الأنشطة الصناعية في إطار معاملات التستر يؤدي إلى زيادة الطلب على النقود ويصبح أحد الدوافع الأساسية للاحتفاظ بها، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على فعالية السياسة النقدية.

وبالطبع فإن أغلب الأرباح الناجمة عن التستر الصناعي لن تستثمر في المملكة، مما يضعف الكفاءة الاقتصادية لها، ويؤدي إلى الإخلال بتوزيع الموارد، ويخلق نوعا من المنافسة غير الشريفة في غير صالح المواطنين العاملين في المجال الصناعي نفسه، ولا سيما أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتزداد بذلك حالات الغش التجاري بالقطاع الصناعي.