موضوعات الخاصة

القاتل مرشح لرئاسة إيران

رئيس البرلمان قاليباف يتفاخر أمام رجاله بإطلاق النار على الطلاب المتظاهرين نجل المرشد الإيراني قاد حملاته السياسية ثم انقلب عليه لصالح نجاد يقود المحافظين الجدد.. ورئاسة البرلمان مكافأته الأخيرة من النظام حصل على عقارات تتجاوز 500 مليون دولار وتورط في قضايا فساد خامنئي تحدى كل الاتهامات وعينه في مجمع تشخيص مصلحة النظام

محمد باقر قاليباف
يقود رئيس البرلمان الإيراني الجديد محمد باقر قاليباف فصيل المحافظين، ويظهر كأحد أبرز المرشحين لخلافة حسن روحاني في رئاسة إيران خلال الانتخابات التي ستجرى في يونيو 2021.

ووفقا لعدد من التقارير العالمية يبدو»القاتل» الذي تفاخر أمام الشرطة الإيرانية باغتيال الطلاب المتظاهرين، بأنه مُحدث براغماتي ومتشدد سلطوي، ويبدو أن لكل مراقب للمشهد الإيراني توقعا بأن انهيارا قد يحدث في بنية النظام في طهران، فالصورة الذهنية لقاليباف في أذهان عدد من الإيرانيين تأتي من شهرته المرتبطة بقضايا الفساد وليس من مؤهلاته السياسية والعسكرية.

انتخب قاليباف رئيسا للبرلمان الإيراني قبل شهور قليلة، ليصبح مؤهلا بشكل أكبر لمنافسة رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي في الانتخابات المقبلة، بعد أن خاض انتخابات الرئاسة مرتين، مع تآكل سلطة البرلمان الإيراني في السنوات الأخيرة.

صعود سريع

تزامن صعود قاليباف إلى المناصب العليا في النظام مع صعود خامنئي كمرشد أعلى للنظام الإيراني في 1989، وأصبح نائب قائد الباسيج، وتولى قيادة جهازي الحرس الثوري الإيراني.

من 1994-1997، كان رئيسا لمقر شركة خاتم الأنبياء للإنشاءات خلال فترة إعادة البناء بعد الحرب العراقية الإيرانية.

من 1997 إلى 2000، أصبح قاليباف قائدا للقوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني

ـ وقع قاليباف على رسالة في يوليو 1999 إلى جانب قادة آخرين في الحرس الثوري الإيراني، يحذر فيها الرئيس الإصلاحي آنذاك محمد خاتمي من استمرار الاحتجاجات الطلابية والضغط عليه لوقف الاضطرابات.

قتل المتظاهرين

أصبح قاليباف قائدا للشرطة الإيرانية أو قوة إنفاذ القانون في إيران، وبدأت الشرطة تقدم تقاريرها شكليا إلى الحكومة الإيرانية من خلال وزارة الداخلية، بينما كان المرشد الأعلى لإيران يشرف على عملياتها.

وكان اختيار قاليباف مهما، حيث تمت الإطاحة بسلفه، هدايت لطفيان، بعد الاحتجاجات الطلابية، وكان ذلك إشارة إلى ثقة خامنئي لإضفاء الطابع الاحترافي على قوة إنفاذ القانون خلال فترة حساسة في إيران، كما كان بمثابة فحص لخاتمي خلال ولايته الثانية، حيث كان قاليباف أحد الموقعين الأصليين على الرسالة العامة المذكورة في يوليو 1999. وظهر شريط لاحقا لقاليباف يتفاخر فيه أمام الباسيج بأنه أمر الشرطة بإطلاق النار على الطلاب المتظاهرين في 2003.

طمع بالانتخابات

بعد توليه رئاسة قوة إنفاذ القانون دخل قاليباف المشهد السياسي الإيراني، حيث ترشح للرئاسة في 2005. وتكشف البرقيات الدبلوماسية للحكومة الأمريكية المسربة عن تكهنات بأن نجل المرشد الأعلى، مجتبى خامنئي، كان «العمود الفقري» للحملات السياسية لقاليباف، لكن خلال حملة 2005 زعم رئيس البرلمان الإيراني السابق، مهدي كروبي، أن مجتبى خامنئي أقنع والده بتحويل دعمه إلى محمود أحمدي نجاد، رئيس بلدية طهران آنذاك، لأنه كان أكثر موثوقية من قاليباف.

خسر قاليباف هذا السباق، ولكن بعد فترة وجيزة تولى منصب عمدة طهران بعد فوز أحمدي نجاد بالرئاسة، وتم تحديد فترة منصبه من خلال مآثر البنية التحتية، بما في ذلك توسيع مترو طهران وطريق الصدر السريع، بالإضافة إلى إنشاء مساحات خضراء جديدة داخل طهران، حتى إن قاليباف ظهر في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2008، وسعى إلى إبعاد نفسه عن الرئيس أحمدي نجاد في ذلك الوقت، وتعهد بفتح البلاد أمام المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

فساد واختلاسات

تضررت فترة عمله بسبب حريق قاتل أدى إلى انهيار مبنى بلاسكو في طهران، حيث تعرض حينها قاليباف لانتقادات من قبل الإيرانيين لعدم وجوده في طهران، حيث كان في قم وقت الحريق.

وتميزت فترات عمله كرئيس لبلدية طهران، وقائد للشرطة الوطنية، ورئيس المقر الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر ببعض قضايا الفساد والاختلاس البارزة في تاريخ البلاد، ولعل أشهر القضايا حين كان رئيسا لبلدية طهران منحه عددا من الشركات والمؤسسات المقربة منه عقارات ومباني في شمال طهران، تتخطى أسعارها أكثر من 500 مليون دولار، بأسعار مخفضة، وكذلك ظهرت اتهامات بالفساد تتعلق بتبرع بلدية طهران بمبلغ 600 مليار ريال لجمعية خيرية تديرها زوجة قاليباف.

وكنتيجة لذلك، طُرح اقتراح بفتح تحقيق حول هذه القضية في البرلمان، ولكن ذلك التحقيق تم تعليقه في نهاية الأمر بعد أن صوت 132 نائبا ضده تحت تأثير جماعات الضغط.

وبعد استقالته من منصب رئيس بلدية طهران اتهم أعضاء مجلس مدينة طهران قاليباف بالفساد بمليارات الدولارات، ولكن على الرغم من هذه العيوب في سجله، عينه المرشد الأعلى في مجمع تشخيص مصلحة النظام.

صراع الانتخابات

سعيا للاستفادة من سجله الإداري، شرع قاليباف في عمليات ترشيح إضافية للرئاسة، وفي 2013 فاز روحاني بنسبة 50.7 % من الأصوات، وجاء قاليباف في المرتبة الثانية بنسبة 16.6%.

وبعد أربع سنوات خاض الانتخابات ضد روحاني مرة أخرى، لكنه انسحب من السباق وأيد منافس روحاني المحافظ إبراهيم رئيسي.

وفي الانتخابات البرلمانية لعام 2020 حقق قاليباف فوزا كبيرا مستفيدا من قلة نسبة التصويت وسمعته في طهران من خلال الفوز بأكبر عدد من الأصوات هناك.

ومع صعود قاليباف إلى منصب المتحدث باسم الشعب عبر رئاسته للبرلمان، تنظر إليه بعض الفصائل بعين الريبة، نظرا للأنباء التي راجت حول رغبته في استخدام منصب رئاسة الجمهورية كوسيلة للترشح للرئاسة في 2021. وبسبب حملاته الانتخابية السابقة ضد روحاني توقع الكثيرون أن يكون البرلمان أكثر شراسة ضد الحكومة.

اتهامات متبادلة

خلال سباقه الرئاسي في 2017 انتقد قاليباف روحاني لفشله في توفير أربعة ملايين وظيفة، ولإفراطه في «الإدارة السيئة». واتهم روحاني بدوره قاليباف بالرغبة في «ضرب الطلاب». وباتت شخصية قاليباف صادمة بالنسبة للرئيس الحالي الذي اعتاد التواصل مع لاريجاني.

وخلال حملته الانتخابية عام 2017 تعهد قاليباف بـ «دعم وحماية» الاتفاق النووي، لكنه قال إن إدارة روحاني لا تملك القوة لحمل الأطراف الأخرى على تحقيق منافعها، يمكن أن يتخذ مثل هذا الموقف كمتحدث، ويمارس مزيدا من الرقابة المواجهة للطريقة التي تعاملت بها إدارة روحاني مع الملف النووي.

تمركز السلطة

سيواجه روحاني الآن منافسين سياسيين سابقين يسيطران على فرعين من أفرع الحكومة الثلاثة «قاليباف ورئيسي»، فعندما أيد قاليباف رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 فإن كليهما كانت لديه القدرة على جعل الحياة صعبة على إدارة روحاني مع سلطة البرلمان في الإقالة وحملة القضاء لمكافحة الفساد التي استهدفت الدائرة المقربة من روحاني.

أخيرا أصبح قاليباف أول رئيس برلمان إيراني يتولى قيادة عدد من أجهزة الحرس الثوري الإيراني، حيث كان لاريجاني نائبا لرئيس الأركان ونائبا لوزير الحرس الثوري الإيراني، لكنه يفتقر إلى قوة وضع قاليباف، وسيكون من المهم مراقبة ما إذا كانت فترة ولاية قاليباف تفتح آفاقا جديدة لنفوذ الحرس الثوري الإيراني داخل الدولة الإيرانية المنتخبة.

ويعني التناغم والانسجام من وجهة نظر خامنئي سيطرة المتشددين الموالين للقيادة العسكرية والدينية العليا في البلاد على الحكومة والاقتصاد، ويؤكد ذلك إعلان الجنرال أمير علي حاجي زاده في يونيو الماضي أن الحرس الثوري سيدخل في صناعة السيارات، وهو سوق ضخم قيمته 15 مليار دولار يسيطر عليه المعتدلون وحلفاؤهم من المحافظين البراغماتيين في مجتمع الأعمال الإيراني.

خلف الكواليس

في إشارة واضحة إلى تحول المواقف تجاه مسائل السياسة الخارجية والأمنية، حث سعيد جليلي، رئيس البرلمان قاليباف على مراقبة شؤون الدولة كحكومة ظل، وبالتالي العمل بمثابة «إدارة ظل»، في تأكيد واستكمال وتصحيح سياسات السلطة التنفيذية.

وهذه العلاقات المتنامية بين الاثنين تعكس ما يجري وراء الكواليس لتقويض فرص لاريجاني في النجاح إذا قرر الترشح للرئاسة في عام 2021. وفي الوقت الحالي يقف رئيس القضاة كمرشح أساسي، حيث نجح حتى الآن في تهميش منافسه السابق.

وإذا فاز رئيسي في نهاية المطاف بمسابقة خلافة القيادة، فسيقود إيران عضو من «لجنة الموت» التي كلفها الخميني بتنفيذ الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين.

من هو قاليباف؟
  • ولد عام 1961 في رضوي خراسان، وانضم إلى الحرس الثوري بعد فترة وجيزة من الثورة الخمينية وأصبح أحد أصغر قادته.
  • تلقى تعليمه في جامعة طهران وجامعة تربية مدرسة، حيث حصل في نهاية المطاف على درجة الدكتوراه في الجغرافيا السياسية في 2001.
  • خلال الحرب العراقية الإيرانية طور علاقات وثيقة مع علي خامنئي وقاسم سليماني وإسماعيل قاني ونور علي الشوستري وغيرهم من قادة المستقبل في الحرس الثوري الإيراني.
  • كان قاليباف في وقت من الأوقات قائد فرقة النصر الخامسة، وغالبا ما زار خامنئي فرقة النصر الخامسة أثناء الحرب.
  • عمل قاني نائبا لقاليباف، وخلفه لاحقا كقائد لفرقة النصر الخامسة في نهاية الحرب.
لماذا يعد أبرز المرشحين للرئاسة؟
  • أثبت أنه سياسي ماكر.
  • عمل كمدير ومُحدث.
  • احتضن في السنوات الأخيرة عناصر أكثر تحفظا من الثيوقراطية الإيرانية.
  • قدرته على استخدام المنصب نقطة انطلاق للرئاسة التي حاول معظم أسلافه القيام بها.
  • صعوده إلى السلطة جزء من مخطط لضمان بقاء النظام على المدى الطويل في أكثر المراحل خطورة.
  • بفعل منهجية الحكم بسبب التهديدات الأجنبية التي كانت تشكل خطورة منذ ثورة 1979.