يتجاوز عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور عايض الردادي في كتابه الجديد »قبيلة الرَّدادَّة، نسبهم وتاريخه وأعرافهم، وبيئتهم، وديارهم« فضاء الطرح التقليدي المتعارف عليه في كتب القبائل والأنساب، ليقدم رصدا تاريخيا اجتماعيا لغويا موسعا من خلال قبيلة الرَّدادَّة. ويتناول الردادي في كتابه الذي يقع في جزأين الأعراف والقوانين باعتبارها جزءا لا يمكن تجاهله من التاريخ الاجتماعي، ويشير إلى أن الوضع الأمني دفع القبائل في فترات مبكرة لإيجاد أعراف وقوانين عملت على حفظ التوازن الاجتماعي في ظل غياب السلطة المركزية للدولة إبان العهد العثماني وما قبله. قانون الآثار كما يتحدث المؤلف تحت عنوان «تاريخ البيئة» عن قانون حماية الآثار وبخاصة الكتابات على الصخور وصور الحيوانات، مؤكدا أنها كتابات ضاربة في التاريخ بينها ما كتب على شواهد القبور، وبقايا القرى كقرية سويقة التاريخية، حيث جرى العرف على عدم التعرض لها بالإزالة أو التغيير على مدى قرون. 86 وثيقة ومن بين القوانين التي يتعرض لها الكتاب الذي تمتد وثائقه من عام 984 إلى عام 1428هـ ويبلغ عددها 86 قانونا «الغطاء النباتي» وهو قانون قطع الأشجار كلها، ويعد قانونا ضاربا في القدم حيث ينقل الردادي مقولة لـعرام السلمي التي تشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن كسر شيء من أغصانها، وعن السدر والتنضب والشبهان، لأن هذه جميعا ذوات ظلال يسكن الناس فيها من البرد والحر. ويذكر الردادي أنواعا من النباتات، والأشجار الدائمة في الديار محل البحث كما يذكر طبيعة الزارعة التي تنحصر في الحبوب والنخيل، والثروة الحيوانية والتي بينها حيوانات برية متوحشة من أشهرها: البدن، الوبر، الظباء، النمر، النيص، وغيرها. المعجم اللغوي ويبرز قيمة الكتاب الجانب اللغوي الذي اهتم به الردادي، حيث يفرد مساحة واسعة للمعجم اللغوي التاريخي سجل من خلاله عددا من الألفاظ ودلالاتها في زمانها سماها «معجم المعاني» متعرضا لأسماء الاتجاهات، واللباس، والطعام وآنيته، والصيد وآلاته، والمباني الحجرية، وبيوت الشعر، والعملات، والصناعات، وغيرها. ويوثق كذلك عددا من أسماء الآلات بينها الصقرق، المحواك، المرقام، المغزل، المنقاش، الميسم، وكذلك أدوات الصيد بينها: البندقية، الفخ، الرديحة وغيرها. ألعاب شعبية ويتعرض الكتاب في جزئه الأول إلى عدد من الألعاب الشعبية بينها اللعب بالبارود والسيف والزير والطاب وغيرها، مفصلا في طبيعة تلك الألعاب، ويتناول كذلك الأوزان والمكاييل المستخدمة حينها مثل الإردب والصاع والكيلة. ويتضمن المعجم كذلك ألفاظا تختص بالجنايات وأسماء الحبال والحجارة التي كانت شائعة حينها. ويتطرق إلى أسماء الشهور والأيام والطعام وآنيته وأهم الأكلات. عملات ويعرض الردادي لعدد من الوثائق التي تختص بالعملات التي كانت متداولة حينها بينها: ريال، مجيدي، القرش، الريال الفرنسي، جنيه بونتي، الريال السعودي. ويذكر أسماء القهوة المعروفة في تلك المرحلة مثل الشاذلية، البكر والثنوى وآلات صنع القهوة. ويخصص الكتاب قسما للباس يعرض لمكونات الثوب والعباءات والشرقية، وحلي المرأة بينها الخلخال والحجل والمعضد والخرص والزمام والمشنقة، والحزام وغيرها. الوثائق الأهلية ويتعرض عايض الردادي في الجزء الثاني إلى أهمية مصدرية الوثائق الأهلية لمن يسعى إلى تدوين التاريخ، لأن الوثائق الأهلية التي توارثتها الأجيال لم تكتب في الأساس لغرض تاريخي، وإنما كتبت لأغراض بعيدة عن التاريخ مثل أثبات سبيل «وقف» أو لصلح بين متخاصمين أو تدوين قوانين قبلية للحماية الأمنية أو مبايعات أو وصايا أو غيرها. ويسجل الردادي بعض ملحوظاته على الوثائق بينها:

• ضعف لغتها نحوا وصرفا وإملاء.
• احتواؤها على ألفاظ عامية أو ألفاظ عرفية محلية.
• بعض الكلمات تكتب كما تنطق.
• قليل منها ضبط بالشكل.

ويتضمن الكتاب فهارس الأعلام، القبائل والطوائف والأمم، الأماكن، الألفاظ اللغوية، النبات، المصادر والمراجع والوثائق.