موضوعات الخاصة

رسالة نسرين من سجون إيران: الحكومة الإيرانية تلفق للنشطاء تهما لا تصدق.. تبدأ بالتجسس وتنتهي بالدعارة

ستودة أبكت آلاف الإيرانيين برسالتها الحزينة لابنها الصغير عن الحرية الأحكام تصدر بناء على تقارير أجهزة المخابرات ودور القضاة تمثيلي فقط

نسرين ستودة
في 11 أغسطس 2020، أضربت الناشطة الحقوقية نسرين ستودة عن الطعام، مطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين مع تفشي الموجة الثانية لفيروس كورونا المستجد في إيران، وفي رسالتها من سجن إيفين سيئ السمعة بطهران، حذرت من أن السجناء يحرمون من أقل حقوقهم، وهو الحصول على محام يدافع عنهم.



كتبت ستودة «من المستحيل الاستمرار في اعتقالهم في ظل هذه الظروف القمعية، إن المحققين يتصرفون بمنأى عن العقاب وكأنهم يعيشون خارج نطاق القضاء»، وأضافت «السجناء يعاملون وكأنه لا توجد قوانين ولا يحق لأي منهم الوصول إلى أي منفذ للعدالة».

قبض وسجن

قبل الانتخابات الرئاسية عام 2009، كانت ستودة عضوا نشطا في تحالف النساء الإيرانيات، الذي طالب بالمساواة بين الجنسين في القانون، وبعد الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات، مثلت عائلات المتظاهرين الذين قتلتهم القوات الحكومية.

تم القبض عليها بعد مداهمة منزلها في سبتمبر 2010، ووجهت لها تهمة «الدعاية ضد النظام»، وكذلك «العمل ضد الأمن القومي»، وفي يناير 2011 حكم عليها بالسجن 11 عاما، وتم تخفيضها لاحقا إلى 6 سنوات، وبعد الاحتجاج الدولي من الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية، أطلق سراحها مبكرا في سبتمبر 2013، بحسب منظمة العفو الدولية.

لست آسفة

في عام 2013، شاركت ستودة في تأسيس حملة إلغاء عقوبة الإعدام خطوة بخطوة، المعروفة بالاختصار LEGAM باللغة الفارسية، وأسست للدعوة إلى تشريع من شأنه أن يلغي العقوبة.



وفي أوائل عام 2018، تولت قضية نرجس حسيني، الناشطة التي تم اعتقالها لاحتجاجها على قانون فرض الحجاب، والتي رفضت حضور محاكمتها، وقالت ستودة إن حسيني «تعترض على الزي القسري وتعتبره حقها القانوني في التعبير عن احتجاجها»، وأضافت «أنها ليست مستعدة لتقول إنها آسفة»، بحسب مجلة التايم الإنجليزية.

استمرار الانتقاد

في 4 يونيو 2018، انتقدت ستودة جملة الإجراءات الجنائية الإيرانية، التي تجبر المتهمين الذين يواجهون تهما أمنية على اختيار محام من قائمة وافق عليها القضاء مسبقا، أكدت أن عددا من المحامين مستعدون لتنظيم اعتصام احتجاجي إذا لزم الأمر.

وفي 13 يونيو 2018، اعتقلت مرة أخرى، وطبقا لقول زوجها، فإن الحكومة لم توضح التهم لكنهم أبلغوها بأنها حكم عليها بالسجن خمس سنوات.

وفي أغسطس 2018، أفادت بيام ديرفشان محامية ستودة، بأن الحكم بالسجن لمدة 5 سنوات كان على أساس تهمة «التجسس في الاختباء» الصادرة غيابيا في عام 2015. وشملت التهم اللاحقة الموجهة ضدها العضوية في مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، مجلس السلام الوطني، تشجيع الناس على الفساد.

رفض المحاكمة

رفضت ستودة المثول أمام محاكمتها في ديسمبر 2018، احتجاجا على رفض الدولة السماح لها باستخدام محاميها، وفي 11 مارس 2019، أدينت بـ7 جرائم وحكم عليها بالجلد 148 جلدة و33 عاما بالإضافة إلى الحكم السابق بالسجن خمس سنوات.

وبموجب المادة 134 من قانون العقوبات الإيراني، يمكن للشخص المدان بارتكاب جرائم متعددة أن يقضي العقوبة القصوى لارتكابه أكبر جريمة، وزعمت ستودة لاحقا أن أطول عقوبة كانت اثني عشر عاما بتهمة «تشجيع الفساد والدعارة».

إدانة دولية

أدانت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجماعات حقوق الإنسان الدولية حكم ستودة، لكنها رفضت استئناف القضية على أساس أنها لم تقبل شرعية الحكم أو النظام القضائي.



وفي نوفمبر 2019، خصص مجلس النقابات والجمعيات القانونية في أوروبا جائزته لحقوق الإنسان لعام 2019 لستودة، وكذلك لمحمد نجفي وأمير سالار داوود وعبدالفتاح سلطاني، وجميعهم محامون إيرانيون في مجال حقوق الإنسان.

وفي مارس 2020، كتبت ستودة رسالة مفتوحة بمناسبة يوم المرأة العالمي، ودعت إلى وضع حد للانتهاك «المنهجي» لحقوق المرأة في إيران، وناشدت الحكومتين الإيرانية والأمريكية أن تنحيا خصوماتهما جانبا من أجل المواطنات.

وبعد عشرة أيام، بدأت ستودة إضرابا عن الطعام للمطالبة بالحرية لجميع السجناء السياسيين أثناء جائحة كوفيد -19. انضم إليها ثلاثة نشطاء مسجونين في إيفين، وأكدت نسرين أنها تتفهم المخاطر الطبية لبدء إضراب عن الطعام أثناء تفشي فيروس كورونا، وأنها لجأت إلى الاحتجاج «كملاذ أخير».

ماذا قالت لابنها؟

وأبكت نسرين ستودة المتابعين لقضيتها من الإيرانيين، عندما بعثت برسالة من السجن إلى ابنها قالت فيها «عزيزي نيما، لا أعرف ماذا أخبرك عن السجن والاعتقال، إنه صعب على طفل بريء مثلك أن يستوعب معنى المحاكمة والظلم والرقابة والقمع ونقيضها الحرية والعدالة والمساواة، وكيف أشرح أن العودة إلى المنزل ليست مسألة اختيارية، وأنني لست حرة، وليس لي الحق برؤيتك ولو لساعة واحدة».

وتداول الكثير من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي تلك الكلمات التي بعثتها نسرين سنودة في رسالة خطية على مناديل ورقية في سجن «إيفين»، وسربتها إلى طفلها في الخارج، لتوثق من خلالها ظروف اعتقالها وشوقها إلى عائلتها.

من هي نسرين؟
  • ولدت ستودة عام 1963.
  • واحدة من أبرز محامي حقوق الإنسان في إيران.
  • كانت من أشد المنتقدين للعملية القضائية في إيران.
  • مثلت ناشطات بلدها في مجال حقوق المرأة وضحايا العنف المنزلي والمحكوم عليهم بالإعدام والصحفيين ونشطاء حقوق الأكراد.
  • في مارس 2019، لفقوا لها 9 جرائم وحكم عليها بالسجن 38 عاما و148 جلدة.
  • من بين التهم الملفقة، حكم عليها بالسجن لمدة 12 عاما بداعي «تشجيع الفساد والدعارة»، وفقا لقول زوجها رضا خندان.
  • قبض عليها بسبب احتجاجها السلمي على الإجراءات الإجبارية ضد المرأة.
  • تقضي عقوبة السجن 12 عاما حتى يمكن الإفراج عنها بشروط.


رسالة نسرين

«إلى المدافعين عن حقوق الإنسان، في خضم أزمة كوفيد -19 التي عصفت بإيران والعالم، أصبحت ظروف السجناء السياسيين في إيران صعبة للغاية لدرجة استحالة استمرار اعتقالهم في ظل هذه الظروف القمعية، وتتنوع قضاياهم القانونية من تهم لا تصدق بالتجسس والفساد على الأرض وأعمال ضد الأمن القومي والفساد والدعارة وتشكيل مجموعة غير قانونية على تيلجرام والتي يمكن أن تؤدي إلى عقوبة تصل إلى عشر سنوات من السجن أو حتى الإعدام.

يحرم عدد من المتهمين من الوصول إلى محام مستقل أو الاتصال المجاني غير الخاضع للرقابة بمحاميهم منذ بداية قضاياهم وحتى إصدار الحكم، ويقول قضاة محكمة الثورة بشكل متهور ومتكرر للمتهمين السياسيين إنهم يصدرون أحكاما بناء على تقارير من أجهزة المخابرات والأمن فقط، ويبلغهم المحقق بالحكم النهائي مقدما من لحظة القبض عليهم. وبالمقابل يسجن محامو حقوق الإنسان بسبب غضب قضاة محكمة الثورة عليهم، وأولئك الذين يواجهون تهما ثقيلة بشكل لا يصدق يتلقون أقصى عقوبة وأكثر من الحد الأقصى، بعد ذلك، يأمل السجين السياسي الذي حكم عليه في ظل هذه الظروف الظالمة بشكل لا يصدق في الحصول على تعويض قانوني».

«تم الإعلان عن محاكم الاستئناف، والإفراج المشروط، وتعليق الأحكام، وتأجيل الأحكام، وقانون جديد يصر على الحد الأدنى من التهم، ولكن في الإجراءات خارج نطاق القضاء، ترك ممارسة جميع هذه الحقوق القانونية للمحققين الذين يغلقون كل الأبواب للحرية للسجناء السياسيين، أصبح عدد من السجناء الآن مؤهلين للإفراج المشروط وسيتم إطلاق سراح عدد منهم مع إنفاذ القانون الجديد، لكن يتم التعامل مع السجناء كما لو أنه لا توجد قوانين ولا يحق لأي منهم الوصول إلى أي منفذ قانوني. ظلت مراسلات السجناء لإيجاد سبل قانونية للخروج دون معالجة».

«نظرا لأن جميع المراسلات لم يتم الرد عليها، فأنا مضربة عن الطعام للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين. أتمنى العدالة في وطني إيران».

نسرين ستودة

سجن إيفين

11 أغسطس 2020