الرأي

اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص

عبدالله قاسم العنزي
أصبحت جريمة الاتجار بالبشر ظاهرة دولية تؤرق العالم، ولا تقتصر على دولة، إنما تمتد إلى دول، لكونها أحد أشكال الجريمة المنظمة، إلا أنها تختلف باختلاف صورها وأنماطها من دولة إلى دولة أخرى، وفقا لمفهوم الاتجار بالبشر في تشريعاتها الوطنية، ومدى احترامها لحقوق الإنسان.

صادف الخميس الماضي 9 ذو الحجة الموافق 30 يوليو انطلاق فعاليات اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وشاركت الأجهزة المعنية في جريمة الاتجار بالأشخاص في فعاليات اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر 2013.

وقد انضمت المملكة العربية السعودية لبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المعروف باسم «بروتوكول باليرمو»، والمكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة بموجب المرسوم الملكي رقم م/ 56 وتاريخ 11/ 6/ 1428هـ. وتنص المادة الـ5 من البروتوكول على أنه «تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم السلوك المبين في المادة 3 من هذا البروتوكول، في حال ارتكابه عمدا».

ولذلك صدر بالمرسوم الملكي رقم م/ 40 وتاريخ 21/ 7/ 1430هـ نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، والذي عرّف جريمة الاتجار بالأشخاص في المادة الـ2 بأنها «إكراه الشخص أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ أو إساءة استعمال السلطة عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر». وحدد غاياتها «من أجل الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسرا، أو التسول أو الاسترقاق، أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء أو إجراء تجارب طبية عليه». وقد رتب النظام عقوبات مشددة على ارتكاب هذه الأفعال أو أي منها.

لقد اتخذت عصابات جريمة الاتجار بالأشخاص من الحروب والفقر والبطالة بيئة خصبة لممارسة جريمتها، لما تدره هذه التجارة على أصحابها من أموال طائلة. وأكثر الجرائم انتشارا في العالم العربي هي جريمة التسول المنظمة التي تقوم بها عصابات بالاستحواذ على الأطفال والنساء، ثم القيام بتشغيلهم عبر شبكات تسول تقوم هي بدورها بتوزيعهم وإيوائهم وإطعامهم، مقابل ما يجنونه من أموال وهبات وصدقات من الناس.

أضف إلى ذلك جريمة استغلال البعض للنساء من الجنسيات الأفريقية اللاتي دخلن المملكة بطرق غير شرعية بإيوائهن وإطعامهن، ثم تسويقهن على صورة عاملات منزليات بمقابل ومناصفة أجورهن. وبالتأكيد مع مثل هذا الاستغلال لا يزال البعض يطبق صمته عن المتعاملين مع هذه العصابات، تحت ذريعة حاجتنا إلى العاملات في ظروف معينة وأوقات محدودة!!

والواجب علينا كمواطنين الإبلاغ عن هذه العصابات بالاتصال على الأرقام 999 في جميع مدن المملكة، ما عدا مكة فيكون على 911، أو عن طريق تطبيق «كلنا أمن». كما أن الشريعة الإسلامية دعت إلى تجريم كل من يتمهن الإنسان ويستغله، دون أن تفرق بين عرقه أو جنسه أو لونه أو دينه، والإبلاغ عن هذه العصابات هو واجب ديني ووطني.

expert_55@