الرأي

تقييم أداء المؤسسات تجاه موظفيها أثناء كورونا

جبريل العريشي
نحسب أن أداء أي مؤسسة تجاه موظفيها أثناء جائحة كورونا يعتبر أمرا كاشفا وبشدة، ليس لقيم المؤسسة ولمبادئ القائمين عليها فحسب، بل ولقدرتها على جذب المواهب الجديدة، وعلى الاحتفاظ بأفضل ما لديها بالفعل من المواهب عندما تنتهي جائحة كورونا بإذن الله.

ونحسب أن أهم سؤال سيشغل بال المتقدمين إلى الوظائف في مؤسسة ما حينئذ هو: كيف تعاملت هذه المؤسسة مع موظفيها خلال الجائحة؟

فهل تعاملت معهم كآدميين في المقام الأول ثم كموظفين بعد ذلك، أم كموظفين فحسب فوضعتهم في ظروف عالية المخاطر قليلة الدعم؟

هل قامت، بصورة أو بأخرى، بعمل ترتيبات تضمن الحد الأدنى من متطلبات المعيشة لمن تم إبعادهم أو تسريحهم مؤقتا بسبب الضغوط المالية الشديدة التي تعرضت لها؟

هل أتاحت لهم فرصة الحصول على إجازات مرضية مدفوعة الأجر، أو غير مدفوعة الأجر، دون وجود مخاطر تمس أمنهم الوظيفي؟

هل استمرت في دفع أجور العمال المؤقتين أو موظفي الدعم ذوي التعاقدات من الباطن، وذلك أثناء إغلاق أماكن العمل؟ هل عقدت شراكة مع مؤسسات أخرى، من التي شهدت ارتفاعا مؤقتا في الطلب على العمال، مثل محلات السوبر ماركت ومحلات البيع بالتجزئة ومقدمي الرعاية الصحية، لتعيين موظفيها لفترات قصيرة، ثم السماح لهم بالعودة إلى وظائفهم الأصلية عند استئناف العمل مرة أخرى؟

هل وافق رؤساؤها ومديروها على التخلي عن جزء من رواتبهم، أو كل رواتبهم، وهو ما بعث برسالة إلى الموظفين مفادها بأن الجميع على كل المستويات يضحون من أجل الصالح العام. وأن الرؤساء التنفيذيين ذوي الدخل المرتفع - وليس موظفي الخطوط الأمامية - هم الأقدر على تحمل خسارة في الدخل؟

هل أخذت في الاعتبار أن العديد من موظفي القطاعات التي يرتبط فيها الأجر بالأداء، مثل المبيعات، معرضون لمخاطر مالية بسبب الفشل المرجح في تحقيق أهدافهم السنوية، ومن ثم احتسبت عمولات البيع بصورة ربع سنوية بدلا من النظام السنوي، أو ضمنت توفير الحد الأدنى المستهدف لهم؟

هل قدرت موظفي الخطوط الأمامية في القطاعات الأساسية، الذين واصلوا القدوم إلى مكان العمل بصورة يومية وهم يعرضون صحتهم وحياتهم للخطر؛ بمكافآت نقدية أو بصرف بدل مخاطر أو بزيادة أجرهم؟

هل أجرت الفحص الطبي الدوري لموظفيها العاملين في منافذ البيع بالتجزئة أو الذين يسلمون البضائع والمنتجات للعملاء، وهل وفرت لهم معدات الحماية الشخصية الضرورية؟

هل بثت الطمأنينة في نفوس من طلبت منهم العودة إلى أماكن العمل بشأن التدابير الوقائية التي تم اتخاذها؟ وكيف تعاملت مع مخاوف أولئك الذين يحجمون عن العودة؟

أم هل تجاهلت كل ذلك - على الرغم من عدم تأثر أعمالها بسبب الجائحة، وضربت عرض الحائط بالمتطلبات الإنسانية الضرورية لموظفيها، فسرحت بعضهم دون النظر إلى العواقب، وخفضت الرواتب وألغت الزيادات والمكافآت والمزايا المستحقة لمن استبقتهم، بذريعة الغموض الذي يحيط بالمستقبل؟