آيا صوفيا.. مجد للمسلمين أم وجه فاضح لإرهاب إردوغان؟
الاحد / 5 / ذو الحجة / 1441 هـ - 17:45 - الاحد 26 يوليو 2020 17:45
يعد تشويه الدين من خلال استغلاله واستغلال العواطف الدينية لدى المسلمين لتحقيق عديد من المصالح، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى فكرية، من أبشع الجرائم الإنسانية التي شهدناها منذ النصف الثاني من القرن العشرين حتى الآن، والتي شوهت بطريقة بشعة قدسية وروحانية الدين كمنهاج حياة وفكر ومعتقد وإرث إنساني.
وبالعودة للتاريخ فإننا شهدنا ما آلت إليه الأمور في هذا الشأن من خلال ظهور التطرف الديني والجماعات الإرهابية والأحزاب السياسية والطائفية. وشهدنا ما ترتب على ذلك من فوضى وحروب ونزاعات وثورات. وكل ذلك لم يترك إلا خسائر بشرية واقتصادية وجغرافية فادحة في المنطقة العربية. ناهيكم عن التشويه والعنصرية اللذين طالا الإسلام والمسلمين للحد الذي أصبحت فيه الإسلاموفوبيا ظاهرة عالمية منتشرة حتى داخل المجتمعات والدول الإسلامية.
على الرغم من أن هذا النوع من الاستراتيجيات التي تقوم على استغلال العاطفة الدينية لكسب رأي وقبول الشعوب قد تعرت وانكشفت وأصبحت مبتذلة وهشة، فنحن الآن لم نعد في زمن يسهل فيه أن نغرر باسم الدين والإسلام، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصر أن يحيي ويتبع هذه الاستراتيجية مستخفا بعقول المسلمين ومستغلا صدق عاطفتهم.
ومع الأسف ما زال هناك من يقع في هذا الفخ إما بسذاجة أو عدم فهم لخفايا الأجندات السياسية! إذ نرى كثيرين ممن يشجعون ويباركون فتح إردوغان لآيا صوفيا مسجدا، وهذه نقطة حساسة للغاية لدى المسلمين يقوم إردوغان بالتلاعب بها واستغلالها، فهو بذلك يظهر هذا القرار كإنجاز مبهر على الخط الإسلامي وكأنه سجل فتحا إسلاميا عظيما، ولكن كما أسلفت لم نعد مغفلين، خاصة في ظل الظروف الراهنة.
وبينما تحارب القوى المعتدلة في المنطقة - وعلى رأسها السعودية - التطرف الديني والجماعات المتطرفة والطائفية عسكريا وفكريا وماليا على قدم وساق، باتت المجهودات التركية التي تسعى للتحكم بالمنطقة ودعم الإرهاب فيها حقيقة كالموت لا جدال فيها.
منذ عام 2004 نشر مارك سيجمان (ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وطبيب نفسي شرعي في مكافحة الإرهاب)، كتابا يناقش فيه الشبكات الإرهابية من خلال تحليلها ودراستها. درس سيجمان 172 حالة من الإرهابيين المنتسبين لجماعة القاعدة الإرهابية (والتي تعتبر الرحم الذي أنجب داعش)، وكشفت دراسته العلاقة الوثيقة بين جماعة الإخوان المسلمين والإرهاب من خلال تورطهم الكامل وتجذرهم في تكوين الجماعات والشبكات الإرهابية، بينما أثبتت الدراسة انعدام الأدلة على الادعاءات الجائرة التي تسعى زورا لجر اسم المملكة العربية السعودية في هذا الملف.
ومنذ ذلك الوقت، وقبل ظهور داعش، تنبأ سيجمان بظهور أنشطة إرهابية في العراق وسوريا وتنبأ بتورط تركيا كمنفذ، وكما نعلم تحتضن تركيا اليوم علنا وأمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الإخوان وتدعمهم وتفتح المنافذ لداعش وتسهل أنشطته في المنطقة. فلماذا الآن وبعد 85 سنة يعيد إردوغان فتح آيا صوفيا كمسجد؟ وهل نستطيع أن نصف ما قام به بأنه «مجد» أم هو شكل مبطن للتطرف؟
محاربة التطرف ونشر السلام والتسامح الديني واحترام الأديان هي أكثر ما نحتاجه الآن، ولكن الذي حدث استفزاز المسيحيين بعد ضرب إردوغان بمشاعرهم عرض الحائط من خلال تحويل آيا صوفيا إلى مسجد بعدما كان متحفا ورمزا ثقافيا يحتضن الامتزاج التاريخي والثقافي للمسيحية والإسلام.
ما قام به إردوغان يعزز الكراهية الدينية ولا يساعد في حل الأزمات التي تمر بها المنطقة بل على العكس، وما هو إلا دليل على تطرفه، فكل ذلك يتسق مع نمط توجهاته السياسية والفكرية المتطرفة الداعمة للإخوان والإرهاب، وبهذا لا يختلف ما فعله عما يقومون به الدواعش فكريا وأخلاقيا.
ولو أراد إردوغان بالفعل أن يخدم الإسلام والمسلمين كما يدعي لوجد ألف وسيلة ووسيلة، ولاستطاع إعمار مئة مسجد من دون استغلال آيا صوفيا والقيام بكل البروباغندا الإعلامية التي قام بها من خلال تصويره لنفسه داخلها وغير ذلك. لذا يجب علينا التأني والتروي وألا نندفع كالقطيع من دون تفكير وبكل سذاجة خلف اتجاره باسم الدين، فلكل ذلك مآرب خفية.
أخيرا، إردوغان لن يستطيع تعويض النقص الذي يشعر به، والذي يدفعه لتدمير المنطقة واستغلال اسم الإسلام لبناء مجده الوهمي، فما قام به لن يجعل منه محمد الفاتح، ولن يجعل آيا صوفيا رابع الحرمين والأقصى، ولن يجعل إسطنبول مكة.
asmaa_alfageeh8@
وبالعودة للتاريخ فإننا شهدنا ما آلت إليه الأمور في هذا الشأن من خلال ظهور التطرف الديني والجماعات الإرهابية والأحزاب السياسية والطائفية. وشهدنا ما ترتب على ذلك من فوضى وحروب ونزاعات وثورات. وكل ذلك لم يترك إلا خسائر بشرية واقتصادية وجغرافية فادحة في المنطقة العربية. ناهيكم عن التشويه والعنصرية اللذين طالا الإسلام والمسلمين للحد الذي أصبحت فيه الإسلاموفوبيا ظاهرة عالمية منتشرة حتى داخل المجتمعات والدول الإسلامية.
على الرغم من أن هذا النوع من الاستراتيجيات التي تقوم على استغلال العاطفة الدينية لكسب رأي وقبول الشعوب قد تعرت وانكشفت وأصبحت مبتذلة وهشة، فنحن الآن لم نعد في زمن يسهل فيه أن نغرر باسم الدين والإسلام، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصر أن يحيي ويتبع هذه الاستراتيجية مستخفا بعقول المسلمين ومستغلا صدق عاطفتهم.
ومع الأسف ما زال هناك من يقع في هذا الفخ إما بسذاجة أو عدم فهم لخفايا الأجندات السياسية! إذ نرى كثيرين ممن يشجعون ويباركون فتح إردوغان لآيا صوفيا مسجدا، وهذه نقطة حساسة للغاية لدى المسلمين يقوم إردوغان بالتلاعب بها واستغلالها، فهو بذلك يظهر هذا القرار كإنجاز مبهر على الخط الإسلامي وكأنه سجل فتحا إسلاميا عظيما، ولكن كما أسلفت لم نعد مغفلين، خاصة في ظل الظروف الراهنة.
وبينما تحارب القوى المعتدلة في المنطقة - وعلى رأسها السعودية - التطرف الديني والجماعات المتطرفة والطائفية عسكريا وفكريا وماليا على قدم وساق، باتت المجهودات التركية التي تسعى للتحكم بالمنطقة ودعم الإرهاب فيها حقيقة كالموت لا جدال فيها.
منذ عام 2004 نشر مارك سيجمان (ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وطبيب نفسي شرعي في مكافحة الإرهاب)، كتابا يناقش فيه الشبكات الإرهابية من خلال تحليلها ودراستها. درس سيجمان 172 حالة من الإرهابيين المنتسبين لجماعة القاعدة الإرهابية (والتي تعتبر الرحم الذي أنجب داعش)، وكشفت دراسته العلاقة الوثيقة بين جماعة الإخوان المسلمين والإرهاب من خلال تورطهم الكامل وتجذرهم في تكوين الجماعات والشبكات الإرهابية، بينما أثبتت الدراسة انعدام الأدلة على الادعاءات الجائرة التي تسعى زورا لجر اسم المملكة العربية السعودية في هذا الملف.
ومنذ ذلك الوقت، وقبل ظهور داعش، تنبأ سيجمان بظهور أنشطة إرهابية في العراق وسوريا وتنبأ بتورط تركيا كمنفذ، وكما نعلم تحتضن تركيا اليوم علنا وأمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الإخوان وتدعمهم وتفتح المنافذ لداعش وتسهل أنشطته في المنطقة. فلماذا الآن وبعد 85 سنة يعيد إردوغان فتح آيا صوفيا كمسجد؟ وهل نستطيع أن نصف ما قام به بأنه «مجد» أم هو شكل مبطن للتطرف؟
محاربة التطرف ونشر السلام والتسامح الديني واحترام الأديان هي أكثر ما نحتاجه الآن، ولكن الذي حدث استفزاز المسيحيين بعد ضرب إردوغان بمشاعرهم عرض الحائط من خلال تحويل آيا صوفيا إلى مسجد بعدما كان متحفا ورمزا ثقافيا يحتضن الامتزاج التاريخي والثقافي للمسيحية والإسلام.
ما قام به إردوغان يعزز الكراهية الدينية ولا يساعد في حل الأزمات التي تمر بها المنطقة بل على العكس، وما هو إلا دليل على تطرفه، فكل ذلك يتسق مع نمط توجهاته السياسية والفكرية المتطرفة الداعمة للإخوان والإرهاب، وبهذا لا يختلف ما فعله عما يقومون به الدواعش فكريا وأخلاقيا.
ولو أراد إردوغان بالفعل أن يخدم الإسلام والمسلمين كما يدعي لوجد ألف وسيلة ووسيلة، ولاستطاع إعمار مئة مسجد من دون استغلال آيا صوفيا والقيام بكل البروباغندا الإعلامية التي قام بها من خلال تصويره لنفسه داخلها وغير ذلك. لذا يجب علينا التأني والتروي وألا نندفع كالقطيع من دون تفكير وبكل سذاجة خلف اتجاره باسم الدين، فلكل ذلك مآرب خفية.
أخيرا، إردوغان لن يستطيع تعويض النقص الذي يشعر به، والذي يدفعه لتدمير المنطقة واستغلال اسم الإسلام لبناء مجده الوهمي، فما قام به لن يجعل منه محمد الفاتح، ولن يجعل آيا صوفيا رابع الحرمين والأقصى، ولن يجعل إسطنبول مكة.
asmaa_alfageeh8@