الرأي

لماذا الرؤية 2030 في فرنسا!

تفاعل

يتساءل كثيرون لماذا تم اختيار فرنسا كمحطة ثانية لعرض الرؤية السعودية 2030، علما أن هناك دولا تسبقها اقتصاديا مثل بريطانيا واليابان والصين! هنالك عوامل نوردها فيما يلي: 1/ سياسيا: تمتاز فرنسا عن كثير من الدول بمواقفها المعتدلة تجاه قضايا الشرق الأوسط، ويوجد هناك تطابق في المواقف السياسية بين المملكة وفرنسا منذ عشرات السنين، نتج عن ذلك أن كثيرا من الوزارات والهيئات في المملكة العربية السعودية ترتبط مع نظيراتها الفرنسية بلجان تنسيق عليا منذ زمن، وتعقد اجتماعات دورية وهذا يعني أن كثيرا من المواضيع قد تمت دراستها بشكل جيد من المعنيين، مع عدم إغفال المواضيع التي تستجد، وهذا عامل مهم جدا لاختصار الوقت إذا علمنا أن 2020 هو عام التحول وعام التقييم وهو ليس ببعيد. 2/ اقتصاديا: تتبادل فرنسا الأدوار مع ألمانيا فيما يخص قيادة دول الاتحاد الأوروبي، وقد سجل الاقتصاد الفرنسي أرقاما إيجابية مقارنة بعام 2015، فهناك نمو بمقدار 1.5%، كما استطاعت فرنسا خفض التضخم من 1% إلى 0.1%، وهناك أيضا مؤشرات إيجابية فيما يخص البطالة والتقليل من الدين العام. مما سبق نستطيع القول إن الاقتصاد الفرنسي استطاع أن يجد طريقا للخروج من الركود الاقتصادي الذي تعاني منه جميع الدول الأوروبية وستكون فرنسا النافذة الأوروبية الأفضل لتمرير الرؤية السعودية 2030. 3/صناعيا: تعد فرنسا من الدول المتقدمة جدا في مجال الصناعة والتقنية، وكان من بين بنود الرؤية السعودية 2030 اشتراط نقل التقنية في أي مشروع سواء كان عسكريا أو مدنيا. وقد أبدت فرنسا استعدادها التام للمضي قدما لنقل التقنية في جميع المجالات، إضافة إلى ذلك يمثل قطاع الخدمات 75% من الاقتصاد الفرنسي، وهذا يعني تميز فرنسا في مجال إدارة المشاريع والاستشارات، والرؤية السعودية 2030 في أشد الحاجة إلى شركات استشارية متخصصة للإشراف على المشاريع ووضع معايير دقيقة للمتابعة والجودة والنوعية. 4/ ثقافيا وإعلاميا: لم تغفل الرؤية السعودية الجانب الثقافي حيث اعتمد بناء متحف إسلامي ضخم سيكون مزارا لجميع المهتمين في مجال الثقافة على مستوى العالم، كما أن المملكة تمضي قدما في تسجيل وتوثيق الآثار الموجودة في السعودية عالميا، ولا يوجد أفضل من بلد اليونيسكو واللوفر للتعاون في هذا المجال. أما في مجال الإعلام، فإن فرنسا تحتفظ بحقها التاريخي في إنشاء أول كلية للصحافة في العالم، وهي كلية الصحافة العليا التي أنشئت عام 1889، كما أن فرنسا أول من أنشأ وكالة أنباء في العالم، واستمر الإعلام الفرنسي في الحفاظ على مستوى متقدم تقنيا وعمليا حيث تعد فرنسا من الدول الأقوى في هذا المجال، وهنا ستجد الرؤية 2030 شريكا إعلاميا عريقا يمكن الاستفادة منه في تطوير الإعلام السعودي الذي يقع على عاتقه مواكبة هذه الرؤية الطموحة كما يجب. شاءت الأقدار أن يتزامن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا، وهذا من شأنه أن يضاعف فرص النجاح لهذه الزيارة حيث إن الرؤية 2030 بملاءتها المالية (2.5 بليون دولار) والتي تمثل 10% من الاستثمار العالمي، تعد طوق نجاة لسد الفراغ الاقتصادي الذي ستحدثه بريطانيا في أوروبا، حيث إن الرؤية ستساعد على إعادة التوازن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي والحد من خروج دول أخرى، كما سيساعد الاتحاد الأوروبي على المضي قدما إلى نمو اقتصادي أوروبي متدرج. اتضح لنا مما سبق أسباب اختيار فرنسا كمحطة ثانية للرؤية السعودية 2030 ويبرز هنا السؤال التالي: من ستكون المحطة الثالثة؟