لماذا المسلمون ليسوا نظيفين؟
دبس الرمان
الاثنين / 29 / رمضان / 1437 هـ - 00:15 - الاثنين 4 يوليو 2016 00:15
من المضحك كيف أننا نتداول رغبتنا في مقاطعة الإعلام الاجتماعي في رمضان، وخصوصا في العشر الأواخر. لنكتشف بعد حين أن الواقع يثبت العكس تماما، فهي تصل أوجها في رمضان، خصوصا أن الدنيا إجازة وهناك الكثير من الفراغ (قاتله الله). ولربما اعتقدت عزيزي القارئ أن ما ينشط هو فعل الخير والدعوة له تماشيا مع شهر رمضان الذي أول مقاصده تهذيب النفس بالصبر والرحمة والارتقاء بها عن الحرمات والأعراض. لنجد أن ما حصل هو العكس تماما، فنظرة واحدة على قائمة الأكثر تداولا تخبرك عما انشغل به الناس من تتبع للعثرات والتبلي وفضح وتشهير للعباد.
وبينما أنت في طريقك للحرمين الشريفين بمكة والمدينة في أوج زحامهما في رمضان، تبدأ بعض المناظر والمشاهد المتنافية تماما مع الشهر الفضيل وقيمه ومقاصده في استقبالك. بداية من أشخاص قرروا أنهم فوق أي تنظيم، فيمشون عكس الاتجاه المخصص، وانتهاء بمن افترش الطريق ليأكل وجبته ثم ترك بقاياها تدوس عليها الأقدام. ثم تدخل ساحات الحرم البيضاء الناصعة فتسمع فجأة واحدا من أقذر الأصوات البشرية لشخص يبصق بكل قوته على الأرض. ثم تدخل الحرم لتشتد تلك المنافسة بين ما تجاهد به الجهات المسؤولة عن الحرم لتنظيفه وتعطيره، وروائح بعض البشر الذي لم يكلف نفسه عناء الاعتناء بها بأدنى مقومات النظافة، وهو يدفع بجسده بين العباد ضاربا بكتفه هذا وذاك بكل عنف وحنجرته تقرع وتشتم. فإذا ما أتى وقت الإفطار لاك التمر في فمه وبصق النواة، ثم شرب الماء والقهوة وألقى بالكوب وما به من بقايا على الأرض بكل أريحية واستهتار. لتنظر بعدها إلى بقايا المخلفات التي يكنسها عمال الحرم برعب وعقلك يصرخ (يا إلهي كم المسلمون وسخون).
أمر بعيني على قائمة الإعلام الاجتماعي وأسري عن نفسي (هؤلاء قلة لا تمثل السواد الأعظم من المجتمع ). وأمشي في ساحات الحرم وأنظر للمسلمين حولي وأسري عن نفسي وأقول (هؤلاء العامة ولا يمثلون السواد الأعظم من المسلمين). ولكننا في النهاية لا نستطيع تجاهل حقيقة واضحة كما الشمس، وهي أن من ينجرف في أعراض الآخرين وتتبع عثراتهم ويستمتع بالتشهير بهم بغض النظر عن فكره وموقفه هو تركيبة نفسية تمثل تشوهات في فكر مجتمعها. وأن من يعتقد أن الدين شعائر وفروض بغض النظر عن انعكاسها على التصرفات والتعاملات هو تركيبة نفسية تمثل خطرا على حضارة بأكملها. وأن نفس هؤلاء الأشخاص حين يسافرون لدول القوانين والأنظمة يتحولون بقدرة قادر إلى ملائكة ترفرف بأجنحتها.
heba.q@makkahnp.com