موضوعات الخاصة

المجلس الأطلسي: العقوبات لا تكفي لردع طهران

12 مطلبا قدمتها إدارة ترمب لتغيير السلوك الإيراني.. والنتيجة صفر دعوة إلى تغيير صفقة «الكل أو لاشيء» والبحث عن سبل جديدة للتفاوض هوك: دعم نظام طهران للميليشيات الحوثية الإرهابية تجاوز كل الحدود التقشف والضائقة المالية دفعا وكلاء الشر للبحث عن مصادر تمويل جديدة مقتل سليمان أصاب إيران بالجنون.. ودفعها إلى خطوات نووية متهورة

دونالد ترمب
اعترف المجلس الأطلسي الأمريكي أن العقوبات الأمريكية لا تكفي وحدها لردع نظام إيران الراعي الأول للإرهاب في العالم، بعدما تسبب في حالة من التوتر وعدم الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

وأكد أن المطالب الـ12 التي قدمتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في أعقاب الانسحاب من خطة العمل المشتركة الشاملة (الصفقة النووية) قبل أكثر من عامين، لم يتحقق منها أي شيء، وأن النتيجة النهائية هي (صفر) رغم العقوبات الاقتصادية التي تطبق بشكل حازم على طهران.

وأشار إلى أن الآثار السياسية التي حققتها سياسة «الضغط القصوى» التي تتبعها إدارة الرئيس دونالد ترمب ضد النظام الإيراني حققت الكثير من الأهداف المهمة التي وضعها ترمب ووزير خارجيته مايك بومبيو في أعقاب الانسحاب، لكنها لم تكن «ممتازة» بالصورة التي تدعو لمواصلة العمل بها، وطالب بإحداث تغيير جذري يساهم في تحقيق نتائج أفضل في الفترة المقبلة.

المطالب الأمريكية

عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحاب بلاده من خطة العمل الشاملة المشتركة، وعد بأن تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها لإيجاد «حل حقيقي وشامل ودائم للتهديد النووي الإيراني»، يشمل جهودا للقضاء على تهديد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني؛ لوقف أنشطتها الإرهابية في جميع أنحاء العالم؛ وعرقلة أنشطتها المهددة عبر الشرق الأوسط .



حدد بومبيو أهداف سياسة الإدارة بمزيد من التفصيل في خطاب ألقاه أمام مؤسسة التراث بعد أسبوعين من إعلان ترمب، وقال إن الولايات المتحدة طلبت 12 إجراء من إيران، تراوحت بين تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسرد كامل للأبعاد العسكرية السابقة لبرنامجها النووي والتخلي عن هذا العمل إلى الأبد، وإنهاء برنامج طهران للصواريخ الباليستية، ووقف دعم حزب الله الإرهابي وحماس وميليشيات الحوثيين الإرهابية في اليمن، ووقف خطر الحرس الثوري الإيراني، والجماعات المتشددة، وأوضح أن الإدارة توقعت صفقة «الكل أو لا شيء»، وسعت إلى الاستسلام التام للنظام الإيراني بدلا من حل تفاوضي لأي شخص أو حتى حفنة من هذه القضايا.

تجاوز الحدود

وبحسب إدارة ترمب نفسها، فشلت السياسة الأمريكية تجاه إيران على مدى العامين الماضيين في تحقيق أي من هذه الأهداف وكانت النتيجة «صفر»، حيث يطلع الممثل الخاص الأمريكي لإيران بريان هوك الصحافة بانتظام على استمرار إيران في كل هذه الأنشطة المزعزعة للاستقرار، ففي فبراير 2020، وصف استمرار الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن بأنه تجاوز الحدود، مشيرا إلى اعتراضات متعددة للبحرية الأمريكية على مخابئ كبيرة للأسلحة الإيرانية.



وأشار هوك قبل شهر تقريبا إلى التصعيد النووي المستمر لإيران، وقبلها وصف ما تفعله طهران بأنه «جهود متصلة لإشعال الصراعات في المنطقة من خلال نشر الأسلحة الفتاكة لوكلائها».

سلوك عدواني

وازداد سلوك إيران العدواني في الأشهر الأخيرة، ففي سبتمبر 2019 هاجمت أكبر منشأة لمعالجة النفط في السعودية، مما تسبب في أضرار كبيرة، وفي يناير 2020 وبعد مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني أطلقت إيران أكثر من 12 صاروخا باليستيا على قاعدتين جويتين عراقيتين تأويان القوات الأمريكية.



وفي حين رفض ترمب في البداية الإصابات التي لحقت بالقوات الأمريكية أثناء الهجوم ووصفها بأنها»ليست خطيرة للغاية»، أفادت وزارة الدفاع الأمريكية بأن أكثر من 100 من أفراد الخدمة الأمريكية تم تشخيص إصاباتهم في الدماغ نتيجة للضربة.

جادل بومبيو وهوك بأن أكبر «إنجاز» لهذه الاستراتيجية على مدى العامين الماضيين كان حرمان النظام من الإيرادات التي يحتاجها لتمويل أنشطته الخبيثة، علاوة على ذلك، أكدوا أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يمنح إدارة ترمب الحرية في توضيح أنه ستكون هناك عواقب إذا هاجمت إيران المصالح الأمريكية.

تقشف وكلاء الشر

يبدو أن وكلاء الشر الإيراني في المنطقة شعروا بالضيق المالي، فرض حزب الله الإرهابي وميليشيات أخرى في سوريا تدابير تقشف منذ انخفاض الدخل، مما أدى إلى تخفيض المرتبات والمزايا لمقاتلي الميليشيات، واضطر الحزب الإرهابي إلى اللجوء إلى جمع الأموال من مصادر أخرى، واستنادا إلى تصريحات طهران، فإنه لا يبدو أن إيران أجبرت على إيقاف العديد من أنشطتها الخبيثة بشكل مباشر، وخاصة أن العديد من هذه الأنشطة غير مكلفة نسبيا.

وبات نشاط إيران المرتبط بالسلاح النووي أسوأ، فمنذ انسحاب ترمب من الاتفاق النووي، وفي أعقاب ذلك، ظلت ممتثلة لالتزاماتها النووية بموجب الاتفاق، ولكن في صيف عام 2019، بعد أن أبعدت العقوبات الأمريكية معظم النفط الإيراني عن السوق، أعلنت طهران أنها لن تكون ملزمة بعد الآن بالتزاماتها.

تجاوزت إيران الحدود المتفق عليها بشأن مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وبدأت في تخصيب اليورانيوم إلى التركيز العالي المستخدم في النظائر الطبية، وعلى الرغم من أنها لا تزال أقل بكثير من النقاوة 90% المطلوبة للأسلحة، وطورت أجهزة طرد مركزي جديدة لتسريع تخصيب اليورانيوم واستئناف إنتاج الماء الثقيل في أراك.

جنون إيراني

أصيب النظام الإيراني بالجنون بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، واتخذ خطوات متهورة، وأعلنت طهران أنها لن تقبل بعد الآن أي قيود في الاتفاق النووي، بما في ذلك القدرة على التخصيب، رغم أنها لم تنه تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.



ينصح تقرير المجلس الأطلسي، الولايات المتحدة الأمريكية بإحداث تغيير في سياستها نحو طهران، بعد عامين من انسحاب إدارة ترمب من خطة العمل الشاملة المشتركة، ويقول عليها أن «تغتنم الفرصة للتحول من نهج الضغط الأقصى الحصري إلى نهج مشترك لكل من تأثير العقوبات ومتابعة نتائج السياسة، ويجب اعتماد عدد من المبادئ الرئيسية في السياسة نحو إيران».

العقوبات لا تكفي

بعد عامين من انسحاب ترمب من خطة العمل الشاملة المشتركة، نجحت الولايات المتحدة في إنشاء نظام عقوبات قصوى أحادي الجانب لم يسبق له مثيل، لكنها تخلت أيضا عن الوقت والفرصة لمتابعة إنجازات سياسية ملموسة، بما في ذلك تغييرات تدريجية في الإجراءات الإيرانية.

سواء فاز ترمب بإعادة الانتخاب في نوفمبر 2020 أم لا، ستحتاج الولايات المتحدة إلى متابعة نتائج السياسة، وليس مجرد العقوبات، إذا كانت تسعى لتغيير سلوك إيران وتحقيق شرق أوسط أكثر استقرارا.

ديفيد مورتلوك - زميل مركز الطاقة العالمي التابع لمجلس المحيط الأطلسي - مدير الشؤون الاقتصادية الدولية لمجلس الأمن القومي سابقا

كيف تكون العقوبات أكثر تأثيرا؟

01 التخلي عن نهج

«الكل أو لا شيء»يتطلب ذلك إشراك النظام الإيراني في قضايا محددة لتحقيق تقدم تدريجي في سلوك إيران، فقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في الحد من قدرة طهران على تطوير أسلحة نووية من خلال خطة العمل الشاملة المشتركة، والدفاع عن الدعم الدولي للضغط على برنامج إيران النووي وتقديم حوافز واضحة لإيران لتقديم تنازلات بدلا من قائمة غير واقعية من المطالب التي من غير المرجح أن تحصل على إجماع دولي واسع.

ويجب على الولايات المتحدة بناء تحالفات والتفاوض على نتائج إيجابية مع إيران حول القضايا التي من المرجح أن تشهد تقدما، مثل البرنامج النووي، أو اختبار الصواريخ الباليستية، أو المعتقلين.

02 استخدام سياسة

«الجزرة والعصا» منذ مايو 2018، تم وصف معظم العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران بأنها رد على سلوك طهران الخبيث بشكل عام، وغالبا ما تؤكد أن الأنشطة المستهدفة توفر موارد للنظام، بدلا من الاستجابة أو خلق نفوذ لمنع أي نشاط إيراني معين، لا يقدم هذا النهج أي توقع لتخفيف العقوبات إذا قامت إيران بتحسين سلوكها إلى أي حد أقل من استسلامها الكامل إلى القائمة الكاملة للمطالب الأمريكية، ولا تقدم حافزا فوريا للقيام بذلك، حيث لم تشهد الولايات المتحدة سوى سلوك محسن من هدف للعقوبات نتيجة للعقوبات المرتبطة بسلوك معين وتحسينات في هذا السلوك، بحيث تستخدم سياسية «الجزرة والعصا» بشكل واضح.

03 توفير الدعم الدولي

لبرنامج العقوباتأبعدت السياسة الأمريكية والخطاب المصاحب لترمب الولايات المتحدة عن حلفائها الأوروبيين وغيرهم، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تكريس الانقسام في القانون من خلال توسيع قانون حظر الاتحاد الأوروبي لمنع الشركات الأوروبية من الامتثال للعقوبات الأمريكية على إيران.

وستحتاج الدول إلى قيادة المجتمع الدولي في الضغط على إيران، وستجد صعوبة أكبر في تحقيق نتائج سياسية ملموسة مع قائمة أصغر من الشركاء الدوليين، ويمكن لواشنطن بناء دعم دولي أوسع من خلال إظهار فهم وجهات نظر حلفاء الولايات المتحدة وأولوياتها.

على سبيل المثال، اتخاذ خطوات ملموسة لتسهيل تصدير الإمدادات الإنسانية إلى إيران لدعم الاستجابة لفيروس كورونا المستجد، يوفر فرصة فورية لبناء الدعم من الحلفاء الأوروبيين، وقد طرح مجموعة من الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين والزعماء الأوروبيين مؤخرا قائمة بالإجراءات المتواضعة لإزالة الحواجز العملية لهذه الصادرات، بما في ذلك إضافة موظفين إلى فريق الترخيص التابع لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وإصدار خطابات راحة للبنوك غير الأمريكية لطمأنتها بشأن التجارة الإنسانية المسموح بها، وعرض الدعم العام لاستخدام «انستكس» كقنوات مالية للمساعدات الإنسانية.