فيتامينات!
سنابل موقوتة
الخميس / 11 / ذو القعدة / 1441 هـ - 23:30 - الخميس 2 يوليو 2020 23:30
أظن ـ ولست واثقا من هذا ـ أن هذا المقال سيكون قبل الأخير قبل أن أبدأ فترة الراحة السنوية من الكتابة، كنت أود أن أقول: قبل أن أذهب في إجازة طويلة، لكن هذا لن يحدث لأسباب لا تجهلونها، والمعضلة التي أواجهها سلفا وقبل أن يبدأ هذا الانقطاع هو أنني لا أعلم ماذا سأفعل في الأيام التي لن أكتب فيها ولا أفكر في الكتابة، وكيف سأعتذر عن دعوة أو نزهة أو أي مشوار بحجة أني لم أكتب المقال بعد، خاصة أنه من المرجح أني لن أغادر منزلنا طوال هذه الفترة.
المقال اليومي لا يأخذ الكثير من الوقت أثناء كتابته لكنه يفسد اليوم، ومن أقبح مساوئه أن الكاتب يضطر لمتابعة الأخبار والأحداث، وقراءة الكثير من الأشياء المستفزة التي تأكل أيام العمر كما تأكل النار الحطب، وهذا لو تعلمون باب عظيم من أبواب الأذى. ثم يرهق الكاتب نفسه بالبحث عن الفكرة المفيدة التي لا تغضب أحدا، والبحث عن فكرة واضحة يرضى عنها رئيس التحرير والقارئ والناس الآخرون تبدو مثل فكرة البحث في مسائل الحريات والديمقراطية في خيمة القذافي.
شيء يبدو غير منطقي ألبتة، حين تكتب شيئا شديد الوضوح فالمنطقي أن أحدا ما سيستاء.
ثم إنك ككاتب يومي في الشأن العام لابد أن تكون مستعدا لأولئك الذين يخبرونك أن كلامك جيد لكن الوقت غير مناسب، وهؤلاء في الغالب لم يمر عليهم وقت مناسب أبدا ولن يمر. وألا يغيب عن تفكيرك أولئك الذين يخبرونك أن أعداء الوطن يجب ألا يقرؤوا في صحفنا شيئا له طابع نقدي، وأن الكاتب والصحيفة والقناة يجب أن يقولوا بأن كل شيء على ما يرام وأن المواطنين على سرر متقابلين، حتى يموت الأعداء المتربصون غيظا وكمدا، وسيكون صعبا عليك إقناعهم بأن هؤلاء الأعداء لن يسعدهم شيء أكثر من أن تكون صحافتك عمياء تحسب حسابهم أكثر مما تحسب حساب الحقيقة.
ثم اعلموا رحمكم الله أن من أصعب ما يواجهه الكاتب بشكل عام أو الكاتب اليومي بشكل خاص هو أن يكتب شيئا يحترم فيه القارئ بما فيهم القارئ الذي يختلف معه، أما الأكثر صعوبة فهو أن يحترم الكاتب نفسه، وأن يكتب مالا يخجل من أن ينسب إليه، سواء في الدنيا أو في الآخرة، وأن يحاول إن لم يجد فكرة تحترم عقل المتلقي أن يحترم اللغة حتى لو كتب فكرة تافهة بشكل أنيق، فالكتابة من أجل الكتابة فقط والقراءة من أجل القراءة فقط ليستا منقصة للكاتب ولا للقارئ.
ثم أما بعد:
أكثر القراء استفزازا هو صاحب السؤال الوجودي «ماذا استفدت من مقالك؟
والحقيقة أني لم أدع يوما أن كلماتي تغني عن تناول جرعات كافية من فيتامين «د» ولم أقل إنها لقاح ضد كورونا، ولا أن في قراءتها شفاء للناس، يكفي فائدة للكاتب أنه مارس ما يحب فكتب، ويكفيك أن تقرأ حتى لو لم يكن ذلك يجعلك تشعر بتحسن في صحتك حين تصل إلى هذه الكلمة الأخيرة.
agrni@
المقال اليومي لا يأخذ الكثير من الوقت أثناء كتابته لكنه يفسد اليوم، ومن أقبح مساوئه أن الكاتب يضطر لمتابعة الأخبار والأحداث، وقراءة الكثير من الأشياء المستفزة التي تأكل أيام العمر كما تأكل النار الحطب، وهذا لو تعلمون باب عظيم من أبواب الأذى. ثم يرهق الكاتب نفسه بالبحث عن الفكرة المفيدة التي لا تغضب أحدا، والبحث عن فكرة واضحة يرضى عنها رئيس التحرير والقارئ والناس الآخرون تبدو مثل فكرة البحث في مسائل الحريات والديمقراطية في خيمة القذافي.
شيء يبدو غير منطقي ألبتة، حين تكتب شيئا شديد الوضوح فالمنطقي أن أحدا ما سيستاء.
ثم إنك ككاتب يومي في الشأن العام لابد أن تكون مستعدا لأولئك الذين يخبرونك أن كلامك جيد لكن الوقت غير مناسب، وهؤلاء في الغالب لم يمر عليهم وقت مناسب أبدا ولن يمر. وألا يغيب عن تفكيرك أولئك الذين يخبرونك أن أعداء الوطن يجب ألا يقرؤوا في صحفنا شيئا له طابع نقدي، وأن الكاتب والصحيفة والقناة يجب أن يقولوا بأن كل شيء على ما يرام وأن المواطنين على سرر متقابلين، حتى يموت الأعداء المتربصون غيظا وكمدا، وسيكون صعبا عليك إقناعهم بأن هؤلاء الأعداء لن يسعدهم شيء أكثر من أن تكون صحافتك عمياء تحسب حسابهم أكثر مما تحسب حساب الحقيقة.
ثم اعلموا رحمكم الله أن من أصعب ما يواجهه الكاتب بشكل عام أو الكاتب اليومي بشكل خاص هو أن يكتب شيئا يحترم فيه القارئ بما فيهم القارئ الذي يختلف معه، أما الأكثر صعوبة فهو أن يحترم الكاتب نفسه، وأن يكتب مالا يخجل من أن ينسب إليه، سواء في الدنيا أو في الآخرة، وأن يحاول إن لم يجد فكرة تحترم عقل المتلقي أن يحترم اللغة حتى لو كتب فكرة تافهة بشكل أنيق، فالكتابة من أجل الكتابة فقط والقراءة من أجل القراءة فقط ليستا منقصة للكاتب ولا للقارئ.
ثم أما بعد:
أكثر القراء استفزازا هو صاحب السؤال الوجودي «ماذا استفدت من مقالك؟
والحقيقة أني لم أدع يوما أن كلماتي تغني عن تناول جرعات كافية من فيتامين «د» ولم أقل إنها لقاح ضد كورونا، ولا أن في قراءتها شفاء للناس، يكفي فائدة للكاتب أنه مارس ما يحب فكتب، ويكفيك أن تقرأ حتى لو لم يكن ذلك يجعلك تشعر بتحسن في صحتك حين تصل إلى هذه الكلمة الأخيرة.
agrni@