تفاعل

من يملك بياناتك؟

سالم العنزي
هل تتخيل حجم المعاناة لو كانت فترة الحجر المنزلي وفترات منع التجول بدون التقنيات والأجهزة الذكية التي في أيدينا اليوم؟ الجميع كان على تواصل مع الجميع من خلال اتصالات فيديو بجودة عالية.

تم شراء جميع مستلزمات عيد الفطر المبارك من أفضل الماركات العالمية دون الحاجة للخروج من المنزل.

احتياجاتنا الأسبوعية من مواد غذائية وخضروات تصلنا بشكل أسبوعي عن طريق تطبيقات التوصيل. والأجمل أن جميع التطبيقات كانت تفهم احتياجاتك. فتطبيقات التسوق كانت تعرف مقاسات أفراد العائلة (من خلال طلباتي السابقة) وتعرض لي ما يناسبهم ويناسب أذواقهم، بينما تطبيقات التوصيل تعلم أن يوم الجمعة هو يوم الأكل البحري. لذلك فإنها تعرض لي المطاعم المختصة بالأكلات البحرية في كل يوم جمعة.

في الحقيقة، اليوم الشركات تعرف عني أكثر مما أعرفه عن نفسي، خاصة تطبيقات الشبكات الاجتماعية. فهي تعرف عنك أكثر مما تتخيل. هل تعلم أن فيس بوك تملك 52000 معلومة عن كل مستخدم في شبكتها. هذه الشركات وباستخدام الذكاء الصناعي تستطيع تتحكم في قرارك بل ويمكنها تغييره في أي مجال.

الشركات في الغالب تجمع 4 أنواع من البيانات:

البيانات الشخصية: وتشمل معلومات التعريف الشخصية، مثل الاسم والعمر والجنس والجنسية والمهنة، بالإضافة إلى معلومات التعريف غير الشخصية مثل عنوان IP الخاص بك وملفات تعريف الارتباط

البيانات السلوكية: وتشمل سجلات الشراء ومعلومات استخدام المنتج.

البيانات التفاعلية: وتشمل كيفية تفاعل المستهلك مع مواقع الانترنت وتطبيقات الجوال وصفحات الوسائط الاجتماعية والإعلانات المدفوعة.

بيانات القرارات: وتشمل مقياس رضا العملاء ومعايير الشراء واستحسان المنتج.

في الغالب تستخدم هذه البيانات في أمور تخصك أنت والشركة مقدمة الخدمة، وفي الغالب أيضا تستخدم الشركة بياناتك في زيادة المبيعات، وفي تطوير خدمة العملاء، وفي الحملات التسويقية..إلخ.

ولكن المشكلة عند استخدام بياناتك ومعلوماتك دون علمك (ناهيك عن موافقتك).

لك أن تتخيل أن شركة (كامبريدج أناليتيكا) قد قامت بتغيير أو المشاركة في تغيير نتيجة أكثر من 44 استحقاق انتخابي وسباق سياسي حول العالم. وكانت أهم النتائج التي تدخلت الشركة في تغييرها استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (2016)، وخسارة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية (2016) رغم نفي ذلك.

ولكي تعرف حجم التغيير الذي نتحدث عنه هنا، لنذكر أنه في ترينيداد وتوباغو ينقسم الشعب إلى قسمين أساسيين، نصف الشعب من أصول أفريقية والنصف الآخر من أصول هندية، ويوجد هناك حزبان سياسيان رئيسيان، الأول مدعوم من الهنود والآخر من الأفارقة. وللفوز بالانتخابات تعاقد الحزب المدعوم من الهنود مع شركة (كامبريدج أناليتيكا).

كانت خطة الشركة بسيطة جدا، حملة عفوية (في ظاهرها) تستهدف الشباب، لتشجيعهم على القيام بأي شيء (أو في الحقيقة عدم القيام بشيء ما). تم اختيار اسم الحملة (سوف أفعل Do So). علامات الانضمام للحملة كانت بسيطة مثل تغيير صورة بروفايل في شبكات اجتماعية، الوشم على اليد، لوحة داخل السيارة أو الدراجة النارية..إلخ.

بدأت الحملة بـ «سوف أسمع الأغنية الفلانية، سوف أشجع النادي العلاني..إلخ» حتى وصلت هدفها الرئيس وهو «سوف أعتزل السياسة»، و»سوف لن أشارك في الانتخابات».

كان القائمون على الحملة يعلمون يقينا (بسبب البيانات التي لديهم) أن الشباب ذوي الأصول الأفريقية لن يشاركوا في التصويت، بينما الشباب والمراهقون من الهنود سوف يشاركون في التصويت، لأن آباءهم وأمهاتهم سوف يجبرونهم على التصويت.

وعند إعلان النتيجة، كانت كما توقعوا. الشباب والمراهقون من ذوي الأصول الأفريقية لم يشاركوا في الانتخابات لذلك خسر حزبهم الانتخابات وفاز الحزب المدعوم من الهنود.

والآن بعد أن عرفنا ما يمكن أن يقوم به من يملك البيانات، يبقى السؤال الأهم: من يملك بياناتك؟ وماذا يفعل بها؟