تفاعل

الانتماء الكامل والاحتواء الشامل

عمار براهمية
أغلب الإشكالات المعاشة لدى مجتمعاتنا المسماة بالثالثة تفتقر لنظرة واقعية تثار من خلالها تساؤلاتها الأنسب، حيث إن مسببات الإحباط المسجل بداية من الوعود وصولا لتنفيذ شؤون العامة حتى الأفراد يعود لسوء تقدير الأهمية والأولوية في الترتيب والتبويب، لتصنف أغلب الأسئلة المطروحة بين حاجات ورغبات لا تحفز سلوكات تشجيع قيام أسس تجعل مجتمعاتنا في مصافها الحقيقية بين الأمم، فكيف تكون الأسئلة المعبرة عن إشاكالات واقعية قابلة للبحث عن إجابات وفق مناهج قابلة للتطوير؟

مع اعتبار مرونة ضرورية تضيف وقودا إضافيا لأمل أصبح مغطى ببؤس اليائسين من أنفسهم بشكل مضاعف يزداد استحواذا على مجالات مختلفة بمنحى التنازل المتصاعد عن مسؤولية وأولوية الفرد الواحد، بما لا يعطي مكانا لوجود دور مجموعات الانتماء الكامل والاحتواء الشامل.

ويشرح الانتماء الشامل بما يتضمنه من معان وجودية ترتبط بوجدان الفرد فيشعر من خلالها بأمان على كيانه ضمن أمل البقاء والاستمرار، حتى وإن خالط ذلك صعوبات الحياة المختلفة، وهذه علامة تتغلب من خلالها المجتمعات على تحديات صناعة الأمل لكن كثرة توظيفها من منطق الانتماء كشعار دون محتوى مؤكد ستصبح علامة لتفشي الفشل الراكد ليغرق فيه أي مشروع للنجاح، أما الاحتواء الشامل فيتجسد في قابلية تشكل تقاطعات متواصلة ومستمرة بين المجموعات داخل المجتمعات بكيفية تغطي كامل الفروقات، وهذه العلامة تكون أكثر سلامة إذا ما تجاوزت الثقافة حدود الممارسة المدنية، فتكون أشكال التعامل أكثر إيجابية مهما كان مضمونها لأن ثقافة الاحتواء تشمل في محتواها كل التقاطعات المطلوبة لنجاح مثمر ينسجم بالانتماء والاحتواء.

في مقابل كل ذلك تتزايد تسهيلات التعبير عما توصلت له مجتمعات الصف الأول من قدرتهم على تضمين حياتهم اعتبارات أهمية دور الفرد مع غيره، وفق تقاطعات لا يسهل توضيحها وإدراكها لنفس الفرد لكنها محققة دون شك لانسجامات المقاصد المدركة والمرجوة، ليكون النفع المحقق كافيا لتقاسمه حتى مع حالات الأدوار المتناقضة.

والسؤال المعتمد وفق هذا النموذج يكون بالأساس حاملا للأمل ويشتمل على مبررات وجوده وطرحه بطريقة تسهل من البحث على الحلول المتماشية وطموحات تلك المجتمعات، لتنطلق وفق ذلك عملية مستمرة على شكل حلقة تدور بما يلفت الانتباه لنقاط العمل المشترك خارج إطار التأطير العام، أي إن رافدا مهما في كمال العملية الحضارية يكون بتناقص علة التوضيح المستمر للأدوار، مع تمام التصحيح الانتقائي في دوائر بسيطة لمختلف العمليات اليومية لممارسات السعي الكاسب للقيم الفردية ضمن القيم الجماعية.

أما عن طريقة طرح سؤال خاص بمجتمعاتنا فيمكن في البداية ربطه بمحور آلية منظومة التحفيز، على غرار كيف يكون التحفيز؟ متى؟ لمن يوجه؟ كيف تجري المراجعة المنتظمة لمنظومة التحفيز؟ في مقابل هذه الأسئلة يكون تكوين الأفراد وتأطيرهم الحيوي داخل مجموعات السبيل لتفعيل نموذج العمل الفردي والجماعي بشكل يتضح من خلاله كل دور، وبكيفية تكفل التقاطع المناسب للمصالح المرجوة، وهذا ليس بالتبسيط الواضح لمشكلة تدوم مع استمرار وتزايد معوقات الفكر والاعتقاد باليأس القابل للتطور. عملا بمثل معروف أن ألف بَنّاء يغلبهم هدّام واحد.