تفاعل

قوة الإعلام الاجتماعي

نايف الضيط
أطلق باحثون في الاتصال في القرن الماضي مصطلح «السلطة الخامسة» على المدونين والأفراد المتصلين بالانترنت على غرار مصطلح «السلطة الرابعة» الذي أطلق على الصحافة في الدول الغربية لدورها في الرقابة على السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، بهدف تعزيز الشفافية والمحاسبة في تطبيق القوانين.

لا يمكننا تجاهل دور وسائل الإعلام الاجتماعي وتأثيرها على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، إذ تعدى تأثيرها في الأفراد والمؤسسات إلى الدول والمنظمات، وأصبحت قوة لا يستهان بها للتأثير في مسار الأحداث العالمية، حيث تخطى دورها الدول والحدود الجغرافية.

لقد أسهمت شبكة الانترنت وتقنيات الوسائط الرقمية والهاتف المحمول في تنامي هذا الدور وقدرة المؤثرين في تشكيل الرأي العام والتأثير على الجمهور. وعزز هذا النوع من الإعلام دور الأفراد، إذ تحول الأشخاص إلى مصدر للأخبار وصناعة المحتوى. كما أسهم امتلاك الأفراد للهواتف المحمولة زيادة استخدام مواقع التواصل التي أصبحت جزءا من حياة الناس ووسيلة فعالة للتواصل بين الأفراد ومصدرا للأخبار والمعلومات حول العالم.

وبحسب مركز بيو للأبحاث فإن نحو 61 % من جيل «الألفية» الذين تم استطلاع آرائهم حصلوا على الأخبار السياسية من الفيس بوك، بينما حصل 37 % منهم على الأخبار من التلفاز.

واستخدمت المنصات الاجتماعية بشكل مؤثر في دعم الانتخابات الأمريكية الأخيرة في 2016 وللحشد الجماهيري في كثير من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حول العالم، تقول صحيفة نيويورك تايمز إن انتخاب الرئيس دونالد ترمب هو الصورة الأكثر وضوحا لدور المنصات الرقمية في التأثير السياسي، وكذلك تسريب شركة «كامبريدج أناليتيكا» للاستشارات السياسية بيانات نحو 87 مليون مستخدم في موقع فيس بوك لدعم حملة دونالد ترمب للتأثير على الناخب الأمريكي.

كما كان لهذه المنصات تأثير قوي في الأحداث السياسية آخرها الاحتجاجات الشعبية في السودان، وقبلها في إيران وفي أوكرانيا وصربيا ودول الربيع العربي، حيث شكلت مواقع التواصل وقودا حيويا للاحتجاجات الشعبية.

في الجانب الاقتصادي تمثل الشبكات الاجتماعية أداة فاعلة لتسويق المنتجات وتعزيز التجارة الالكترونية. كما أسهمت هذه الوسائل في تطوير الحياة المهنية للأفراد وتوسيع معارفهم عبر عدد من المنصات التي تقدم التعليم المفتوح والتدريب المهني في جميع التخصصات.

يحاول بعض الكتاب التهوين من دور وسائل الإعلام الاجتماعي لحساب الصحافة المطبوعة، ويبدو أنهم لا يعون طبيعة هذه المنصات وخصائصها التي تستمر بشكل مذهل في تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والمعزز، ومن الجهل الحكم على وسائل الإعلام الاجتماعي ودورها لمجرد أزمة سياسية أو ردة فعل معينة.

والسؤال الذي يتبادر للأذهان ومع تراجع دور الصحافة المطبوعة والتلفاز: هل تصبح وسائل الإعلام الاجتماعي سلطة رابعة؟