تفاعل

وامنبراه

عبدالخالق المحمد
صرخة لكل منبر من منابر الإسلام، أُحذرك من سفهاء الأحلام قليلي الأفهام كثيري الأسقام، فلا تدعهم يعتلوك لئلا يهلكوا سامعيهم ويهلكوك، واحذر منهم أن يخدعوك، فخطبهم مملولة وألسنتهم معسولة وأقوالهم محمولة، والآن مع عودة صلوات الجمع والجماعات فلتجمع ما كان من أمرك في شتات، ولتعزل أهل الأهواء والآفات، وابدأ بمن لا يعرف الأصول الشرعية في تفسير الأحداث المرئية فإنها تشمل السنن الكونية والدينية، فأما الكونية فهي أسباب حسية ومعنوية تعود إلى جهود الإنسان وعلومه الدنيوية.

وقد أكد الشرع كثيرا على مبدأ السببية وبين علماؤه أن الأسباب غير مؤثرة بذاتها وأن العلاقة بينها وبين المسببات ليست مجرد اقتران فقط.

وأما السنن الدينية فهي الطاعات والمعاصي التي جعلها الشارع مؤثرة في الأحداث خيرا وشرا أو حكم أن لها في ذلك أثرا، والأصل في هذا النوع أنه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها أحد من البشرية، فهي نوع من التشريع لا يُؤخذ إلا من الكتاب والسنة.

ودلالة النصوص على ذلك معلومة، فمنها ما جاء بصيغة خاصة ومنها عامة، ومن ذلك قوله تعالى «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب»، وما هذا بموضع سرد أكثرها. فلتُعلم خطباءك الاهتمام بهذين النوعين فهما جزء من الشريعة دلت عليهما النصوص، فلا يجوز للمسلم أن يقتصر على أحدهما دون الآخر. وفي هذه الأيام أُهيب بكل من سيعتليك أن يتقي الله فيما سيقول وليعلم أنه لا يجوز له أن يقول مثلا في تحديد الأسباب الدينية :إن (كورونا) قد أصاب الصين بسبب تعذيب الإيغور المسلمين وعاث في الأوروبيين بسبب كذا، فإن هذا تحديد خاص لا يجوز الإقدام عليه إلا بإخبار من الوحي، ولكن يُشرع له التحديد العام فيقول إن المعاصي والذنوب سبب للمصائب والشرور من دون تحديد وتعيين للفعل والوقت والفاعل. في الختام تحية طيبة ودعوة صادقة لكل خطيب جعل من منبره منارة للهدى متسلحا بالعلم والمعرفة، وأن يجزيه الله خير الجزاء، وهم كثر والحمد لله.