لماذا تسيطر الأفكار الشريرة على نظام إيران؟
بحث بلغاري: الكراهية تحولت إلى ثقافة يصدرها نظام الملالي إلى العالم الخميني نشر الخرافات وصور الغرب على أنهم الشيطان الأكبر الثورة عززت الروح العدائية ورسخت هيمنة أصحاب العمائم خاتمي حاول الانفتاح.. ونجاد خفض نسبة النساء في التعليم تحريض روحاني ساهم في تدمير أطباق الأقمار الصناعية حرمان الشعب من وسائل التواصل الاجتماعي وقطع الإنترنت
الخميس / 4 / ذو القعدة / 1441 هـ - 18:15 - الخميس 25 يونيو 2020 18:15
ما هذه الروح العدائية التي تسيطر على المرشد الأعلى ورفاقه تجاه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ودول المنطقة؟
لماذا تسيطر الأفكار الشريرة على النظام الإيراني؟ هل تحولت «الكراهية» إلى ثقافة تصدرها طهران، ولغة «القتل والدمار» إلى مكون أساسي في الشخصية الملالية؟
أسئلة محيرة كثيرة طرحها بحث قدمه معهد «دراسة الأديان البلغاري»، حاول خلاله التعمق في الثقافة الإيرانية، للتعرف على جذور «العداء» الذي بات العنوان الرئيس للدولة المارقة التي تسير دائما عكس كل الاتجاهات.
رفضت الثقافة الجديدة التي حاول آية الله الخميني ترسيخها بعد ثورة الملالي في 1979 كل القيم الفارسية السابقة، وصورت الغرب على أنهم (الشيطان الأكبر)، وهيمنت عليها الكثير من الخرافات التي تستند على بواعث دينية فسروها على هواهم.
وحاول النظام الجديد تعريب المجتمع الإيراني، وتم استبدال شعار الدولة «الأسد والشمس» إلى رمز الهلال، وظهرت المصطلحات العربية في خطب أصحاب العمائم؛ وبدأ العديد من الإيرانيين بكتابة كلمة «سيد» قبل لقبهم، إضافة إلى العديد من الأشياء الأخرى التي تلبي رغبة إيران في تعزيز علاقاتها مع الدول العربية.. رغم الشر الذي حمله نظامهم نحو العرب.
معاداة الغرب
كانت علاقات إيران مع العالم الغربي معقدة وغامضة، حاول المرشد الأعلى ورجاله بكل الوسائل تقليص تأثير الغرب على المجتمع الإيراني. تم إغلاق الوصول إلى الموسيقى والأفلام الغربية وحظر الموضة الغربية في الملابس، مثل ربطة العنق؛ منعت النساء من استخدام مستحضرات التجميل والمجوهرات في الأماكن الرسمية والعامة؛ أغلقت البرامج التلفزيونية باللغة الإنجليزية؛ تم حظر تدريس اللغات الأوروبية الغربية في المدرسة الابتدائية؛ تم حل المؤسسات التعليمية الأجنبية، وأكثر من ذلك بكثير.
الاتجاه المعادي للغرب في السياسة الثقافية دفع طهران إلى قطع علاقاتها مع المجتمع العالمي، تم تدمير العديد من الحريات والحقوق الممنوحة بشكل كامل أو تم تقليصها بشكل كبير، وعلى الرغم من أن القانون الرئيس للدولة ينص على أنه «إلى جانب اللغة الفارسية، تم السماح باستخدام اللغات واللهجات المحلية في الصحافة ووسائط الإعلام ، وكذلك تدريس الأدب الوطني في المدرسة « لكن ذلك بات على الورق فقط، وأثرت التغييرات الأقل أهمية على الأقليات القومية الصغيرة مثل الترك والتركمان والبلوشى والعرب.
محاولات خاتمي
تزامنت فترة أواخر الثمانينيات مع نهاية الحرب الإيرانية العراقية وبداية المرحلة الانفتاحية في تاريخ إيران (رئاسة هاشمي رفسنجاني، 1989-1997 ومحمد خاتمي، 1997-2005). في ذلك الوقت، ظهرت تغييرات في السياسة الاقتصادية في البلاد، كانت المبادئ التوجيهية للسياسة الخارجية تتوسع، وكان المسار الأيديولوجي الجامد يضعف؛ ساهمت كل هذه العوامل بشكل عام في رؤية مختلفة للثقافة الإيرانية.
اتسمت تلك السنوات بمشاريع تحديث وتطوير المجتمع الإيراني، من خلال تشكيل مذاهب ثقافية جديدة، بما في ذلك الاهتمام بالميراث الثقافي وتاريخ إيران، وثقافة وتاريخ الحضارات الأخرى. وتميزت بضعف معين في الخطاب المعادي للغرب للقيادة الإيرانية. وبالتالي، ليس من قبيل المصادفة أنه خلال تلك الفترة، وبالتحديد في عام 2001 ، وضع خاتمي، الذي كان آنذاك رئيسا للبلاد، برنامجا للحوار الثقافي مع الغرب، والذي كانت طهران تنظر له لفترة طويلة بشكل عدائي.
خفض نسبة النساء
خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013) ، تم تأسيس فكرة وحدة الثقافة الإسلامية الإيرانية، وزاد الاهتمام بتفسير مفهوم الثقافة الإيرانية القديمة، وتم الإشارة إليه في اللغة الفارسية بمصطلح «إيرانيات»، ولاحظت العديد من وسائل الإعلام أن ذلك كان بمثابة بداية مرحلة جديدة في أنشطة الرئيس وفريقه.
بدأت إيران تنظم احتفالا سنويا لبداية السنة الفارسية «النوروز» على نطاق إقليمي، وتم الاحتفاء بالأدب الكلاسيكي الفارسي، على سبيل المثال، أعمال الفردوسي، والذكرى الألف لعمله «شاهنامه»، وعمل السعدي الذي سماه الرئيس أحمدي نجاد في يوم ذاكرته شخصية رئيسية في تطوير وتوسعة الأدب الفارسي؛ بالإضافة إلى إنشاء منظمة الشعوب الناطقة بالفارسية التي بادرت بها إيران عام 2010 ، والتي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها رسميا في مايو 2013.
وواجهت المحاولات الضعيفة لتضخيم المكون الثقافي الإيراني من قبل نجاد انتقادات حادة من قبل رجال الدين، وخرجت بمبادرات ادعت «أسلمة التعليم» وانعكس هذا في المقام الأول في العلوم الإنسانية، وتطلب الأمر تعليما يفصل بين الجنسين في مؤسسات التعليم العالي، وخفض النسبة المئوية للنساء في إجمالي عدد الطلاب، مما كان له بشكل عام تأثير خطير على تطور الثقافة في إيران.
العولمة الإيرانية
تميزت تلك السنوات أيضا بالتحول من نظرية حوار الحضارات التي فقدت مكانتها في المجتمع الإيراني، وساهمت مشاركة إيران في عمليات العولمة العالمية في التعزيز غير المنضبط للتأثير الغربي، وبدأت اللغة الإنجليزية تنتشر تدريجيا، فضلا عن مستوى إتقانها، خاصة بين الشباب، الذين يشكلون جزءا كبيرا من سكان إيران.
وللمرة الأولى منذ الثورة الخمينية، ظهرت على شاشة التلفزيون الإيراني قناة إخبارية خاصة باللغة الإنجليزية «إيران برس» موجهة للخارج والداخل، وانتشرت صحف مثل The Times Times و Tehran Press باللغة الإنجليزية.
واستمر تدريس اللغات الغربية في مؤسسات التعليم العالي والثانوي وبالمعهد الجمهوري الدولي، وبالإضافة إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية، تمت إضافة الإسبانية والإيطالية، وتم نشر الكتب المدرسية والوسائل التعليمية والكتب النحوية والقواميس وأعمال الخيال العالمي بلغات أوروبا الغربية، علاوة على البعثات إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
سنوات روحاني
عرفت القيادات المتتالية لنظام روحاني الحاجة المتزايدة إلى تعزيز العلاقات مع الغرب، لكن استمرت الثقافة الإيرانية في حالة صعود وهبوط فوضوي، في ظل المشاعر المعادية للغرب، ومع ابرام اتفاقيات فيينا عام 2015، واعتماد خطة العمل المشتركة بشأن برنامج إيران النووي، ظهرت فرص أكبر للتعاون مع الدول الغربية، الأمر الذي ساهم في انخفاض حدة الشاعر العدائية.
قام روحاني بعدد من الزيارات لدول أوروبية، وبالتحديد فرنسا وإيطاليا في بداية عام 2016، وتم التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإيطالي بشأن إنشاء برامج مشتركة في مجال الثقافة والتعليم والبحث، وحماية التراث الثقافي والمواقع الأثرية، كما اتفق الطرفان على ترجمة أعمال الأدب الفارسي والإيطالي لتطوير التعاون الأكاديمي والعلاقات بين المؤسسات التعليمية، وتبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وكانت زيارة روحاني لفرنسا مهمة أيضا، حيث من بين الوثائق العشرين الموقعة بشأن التعاون المتبادل كانت هناك أيضا تلك التي تطرقت إلى قضايا العلاقات الثقافية الثنائية.
تدمير الأقمار الصناعية
وعلى الرغم من معارضة السلطات الرسمية، فإن سكان إيران ولا سيما الشباب يتفاعلون مع الابتكارات الغربية، في ظل محاولات الكراهية التي تحاول السلطات بثها نحو الغرب، واللجوء إلى أساليب عنيفة، ومن الأمثلة الحية على ذلك الدمار الشامل لأطباق الأقمار الصناعية في يوليو 2016، تحت ذريعة الحفاظ على الأخلاق العامة والقيم الإسلامية والثقافة الإيرانية، حيث تتهم القوى المحافظة الإيرانية بشكل منتظم التلفاز عبر الأقمار الصناعية بتشويهها وفسادها للمجتمع.
وجاءت الواقعة على خلفية التصريحات المتكررة لروحاني حول مقاومة الحظر المفروض، وباتت المعركة ضد الشبكات الاجتماعية، والخطوات المتتالية للسيطرة على وسائل الإعلام هي مجال آخر من مجالات السياسة المعادية للغرب.
ومن الأمور المثيرة للاهتمام ما حدث بشأن موقع التواصل الاجتماعي «تليجرام»، والذي بات وفقا للسلطات الإيرانية يلعب دورا مدمرا، مما دفعها لفرض قيود فنية مختلفة عليه، وبذلت محاولات لاستبداله بنسخة محلية.
ويتعرض الإنترنت في إيران إلى هجوم مستمر، وعلى سبيل المثال، خلال ما يسمى باضطرابات البنزين في نوفمبر 2019، تم إغلاق الإنترنت لعدة أيام، ولم يبدأ العمل إلا بعد القضاء على الاحتجاجات الشعبية.
القلق الثقافي
ويتجلى قلق القيادة الإيرانية من إنشاء مساحة ثقافية موحدة لكل الإيرانيين، من خلال حقيقة أنه في نهاية 2007 تم اعتماد برنامج خاص لتعليم الجيل الشاب من الإيرانيين الذين يعيشون في بلدان مختلفة من العالم، بهدف «الحفاظ على انفصال علاقاتهم مع ثقافة وطنهم الأم»، وتم تنفيذ هذا المشروع تحت غطاء وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية.
تتمتع العلاقات الثقافية الإيرانية مع العديد من دول العالم، ولا سيما جيرانها في المنطقة والفضاء الأوراسي، بعلاقات شد وجذب، ويبدو مستوى العلاقات بين إيران ودول الشرق العربي في مجال الثقافة لا يتوافق دائما مع مستوى العلاقات الدبلوماسية، غالبا ما يفوقها في شدتها.
وتمتلك إيران اتصالات ثقافية راسخة مع عدد من البلدان الإسلامية غير الناطقة بالعربية، بما في ذلك باكستان وتركيا وبنجلاديش وماليزيا وغيرها، أما بالنسبة لأفغانستان، فإن الوضع السياسي المحلي الصعب في البلاد لا يسهم في تقدم الثقافة الإيرانية في البلاد، ولا في تطوير ثقافتها الأفغانية.
ومن بين دول آسيا الوسطى، هناك اهتمام خاص بتاريخ تطور العلاقات بين إيران وطاجيكستان، التي كانت قريبة للغاية دائما، وتعد الدولة الأولى في هذه المنطقة التي فتحت فيها إيران سفارة لها عام 1992، لكن العلاقات أخذت في التدهور في الفترة الأخيرة.
تتحول الثقافة تدريجيا إلى عنصر مهم في سياسة «القوة الناعمة»، وتعد اللغة أحد أهم الوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الغاية، وتعد اللغات الثلاث «الفارسية، العربية، الإنجليزية» هي الأكثر انتشارا في إيران.
لماذا تسيطر الأفكار الشريرة على النظام الإيراني؟ هل تحولت «الكراهية» إلى ثقافة تصدرها طهران، ولغة «القتل والدمار» إلى مكون أساسي في الشخصية الملالية؟
أسئلة محيرة كثيرة طرحها بحث قدمه معهد «دراسة الأديان البلغاري»، حاول خلاله التعمق في الثقافة الإيرانية، للتعرف على جذور «العداء» الذي بات العنوان الرئيس للدولة المارقة التي تسير دائما عكس كل الاتجاهات.
رفضت الثقافة الجديدة التي حاول آية الله الخميني ترسيخها بعد ثورة الملالي في 1979 كل القيم الفارسية السابقة، وصورت الغرب على أنهم (الشيطان الأكبر)، وهيمنت عليها الكثير من الخرافات التي تستند على بواعث دينية فسروها على هواهم.
وحاول النظام الجديد تعريب المجتمع الإيراني، وتم استبدال شعار الدولة «الأسد والشمس» إلى رمز الهلال، وظهرت المصطلحات العربية في خطب أصحاب العمائم؛ وبدأ العديد من الإيرانيين بكتابة كلمة «سيد» قبل لقبهم، إضافة إلى العديد من الأشياء الأخرى التي تلبي رغبة إيران في تعزيز علاقاتها مع الدول العربية.. رغم الشر الذي حمله نظامهم نحو العرب.
معاداة الغرب
كانت علاقات إيران مع العالم الغربي معقدة وغامضة، حاول المرشد الأعلى ورجاله بكل الوسائل تقليص تأثير الغرب على المجتمع الإيراني. تم إغلاق الوصول إلى الموسيقى والأفلام الغربية وحظر الموضة الغربية في الملابس، مثل ربطة العنق؛ منعت النساء من استخدام مستحضرات التجميل والمجوهرات في الأماكن الرسمية والعامة؛ أغلقت البرامج التلفزيونية باللغة الإنجليزية؛ تم حظر تدريس اللغات الأوروبية الغربية في المدرسة الابتدائية؛ تم حل المؤسسات التعليمية الأجنبية، وأكثر من ذلك بكثير.
الاتجاه المعادي للغرب في السياسة الثقافية دفع طهران إلى قطع علاقاتها مع المجتمع العالمي، تم تدمير العديد من الحريات والحقوق الممنوحة بشكل كامل أو تم تقليصها بشكل كبير، وعلى الرغم من أن القانون الرئيس للدولة ينص على أنه «إلى جانب اللغة الفارسية، تم السماح باستخدام اللغات واللهجات المحلية في الصحافة ووسائط الإعلام ، وكذلك تدريس الأدب الوطني في المدرسة « لكن ذلك بات على الورق فقط، وأثرت التغييرات الأقل أهمية على الأقليات القومية الصغيرة مثل الترك والتركمان والبلوشى والعرب.
محاولات خاتمي
تزامنت فترة أواخر الثمانينيات مع نهاية الحرب الإيرانية العراقية وبداية المرحلة الانفتاحية في تاريخ إيران (رئاسة هاشمي رفسنجاني، 1989-1997 ومحمد خاتمي، 1997-2005). في ذلك الوقت، ظهرت تغييرات في السياسة الاقتصادية في البلاد، كانت المبادئ التوجيهية للسياسة الخارجية تتوسع، وكان المسار الأيديولوجي الجامد يضعف؛ ساهمت كل هذه العوامل بشكل عام في رؤية مختلفة للثقافة الإيرانية.
اتسمت تلك السنوات بمشاريع تحديث وتطوير المجتمع الإيراني، من خلال تشكيل مذاهب ثقافية جديدة، بما في ذلك الاهتمام بالميراث الثقافي وتاريخ إيران، وثقافة وتاريخ الحضارات الأخرى. وتميزت بضعف معين في الخطاب المعادي للغرب للقيادة الإيرانية. وبالتالي، ليس من قبيل المصادفة أنه خلال تلك الفترة، وبالتحديد في عام 2001 ، وضع خاتمي، الذي كان آنذاك رئيسا للبلاد، برنامجا للحوار الثقافي مع الغرب، والذي كانت طهران تنظر له لفترة طويلة بشكل عدائي.
خفض نسبة النساء
خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013) ، تم تأسيس فكرة وحدة الثقافة الإسلامية الإيرانية، وزاد الاهتمام بتفسير مفهوم الثقافة الإيرانية القديمة، وتم الإشارة إليه في اللغة الفارسية بمصطلح «إيرانيات»، ولاحظت العديد من وسائل الإعلام أن ذلك كان بمثابة بداية مرحلة جديدة في أنشطة الرئيس وفريقه.
بدأت إيران تنظم احتفالا سنويا لبداية السنة الفارسية «النوروز» على نطاق إقليمي، وتم الاحتفاء بالأدب الكلاسيكي الفارسي، على سبيل المثال، أعمال الفردوسي، والذكرى الألف لعمله «شاهنامه»، وعمل السعدي الذي سماه الرئيس أحمدي نجاد في يوم ذاكرته شخصية رئيسية في تطوير وتوسعة الأدب الفارسي؛ بالإضافة إلى إنشاء منظمة الشعوب الناطقة بالفارسية التي بادرت بها إيران عام 2010 ، والتي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها رسميا في مايو 2013.
وواجهت المحاولات الضعيفة لتضخيم المكون الثقافي الإيراني من قبل نجاد انتقادات حادة من قبل رجال الدين، وخرجت بمبادرات ادعت «أسلمة التعليم» وانعكس هذا في المقام الأول في العلوم الإنسانية، وتطلب الأمر تعليما يفصل بين الجنسين في مؤسسات التعليم العالي، وخفض النسبة المئوية للنساء في إجمالي عدد الطلاب، مما كان له بشكل عام تأثير خطير على تطور الثقافة في إيران.
العولمة الإيرانية
تميزت تلك السنوات أيضا بالتحول من نظرية حوار الحضارات التي فقدت مكانتها في المجتمع الإيراني، وساهمت مشاركة إيران في عمليات العولمة العالمية في التعزيز غير المنضبط للتأثير الغربي، وبدأت اللغة الإنجليزية تنتشر تدريجيا، فضلا عن مستوى إتقانها، خاصة بين الشباب، الذين يشكلون جزءا كبيرا من سكان إيران.
وللمرة الأولى منذ الثورة الخمينية، ظهرت على شاشة التلفزيون الإيراني قناة إخبارية خاصة باللغة الإنجليزية «إيران برس» موجهة للخارج والداخل، وانتشرت صحف مثل The Times Times و Tehran Press باللغة الإنجليزية.
واستمر تدريس اللغات الغربية في مؤسسات التعليم العالي والثانوي وبالمعهد الجمهوري الدولي، وبالإضافة إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية، تمت إضافة الإسبانية والإيطالية، وتم نشر الكتب المدرسية والوسائل التعليمية والكتب النحوية والقواميس وأعمال الخيال العالمي بلغات أوروبا الغربية، علاوة على البعثات إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
سنوات روحاني
عرفت القيادات المتتالية لنظام روحاني الحاجة المتزايدة إلى تعزيز العلاقات مع الغرب، لكن استمرت الثقافة الإيرانية في حالة صعود وهبوط فوضوي، في ظل المشاعر المعادية للغرب، ومع ابرام اتفاقيات فيينا عام 2015، واعتماد خطة العمل المشتركة بشأن برنامج إيران النووي، ظهرت فرص أكبر للتعاون مع الدول الغربية، الأمر الذي ساهم في انخفاض حدة الشاعر العدائية.
قام روحاني بعدد من الزيارات لدول أوروبية، وبالتحديد فرنسا وإيطاليا في بداية عام 2016، وتم التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإيطالي بشأن إنشاء برامج مشتركة في مجال الثقافة والتعليم والبحث، وحماية التراث الثقافي والمواقع الأثرية، كما اتفق الطرفان على ترجمة أعمال الأدب الفارسي والإيطالي لتطوير التعاون الأكاديمي والعلاقات بين المؤسسات التعليمية، وتبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وكانت زيارة روحاني لفرنسا مهمة أيضا، حيث من بين الوثائق العشرين الموقعة بشأن التعاون المتبادل كانت هناك أيضا تلك التي تطرقت إلى قضايا العلاقات الثقافية الثنائية.
تدمير الأقمار الصناعية
وعلى الرغم من معارضة السلطات الرسمية، فإن سكان إيران ولا سيما الشباب يتفاعلون مع الابتكارات الغربية، في ظل محاولات الكراهية التي تحاول السلطات بثها نحو الغرب، واللجوء إلى أساليب عنيفة، ومن الأمثلة الحية على ذلك الدمار الشامل لأطباق الأقمار الصناعية في يوليو 2016، تحت ذريعة الحفاظ على الأخلاق العامة والقيم الإسلامية والثقافة الإيرانية، حيث تتهم القوى المحافظة الإيرانية بشكل منتظم التلفاز عبر الأقمار الصناعية بتشويهها وفسادها للمجتمع.
وجاءت الواقعة على خلفية التصريحات المتكررة لروحاني حول مقاومة الحظر المفروض، وباتت المعركة ضد الشبكات الاجتماعية، والخطوات المتتالية للسيطرة على وسائل الإعلام هي مجال آخر من مجالات السياسة المعادية للغرب.
ومن الأمور المثيرة للاهتمام ما حدث بشأن موقع التواصل الاجتماعي «تليجرام»، والذي بات وفقا للسلطات الإيرانية يلعب دورا مدمرا، مما دفعها لفرض قيود فنية مختلفة عليه، وبذلت محاولات لاستبداله بنسخة محلية.
ويتعرض الإنترنت في إيران إلى هجوم مستمر، وعلى سبيل المثال، خلال ما يسمى باضطرابات البنزين في نوفمبر 2019، تم إغلاق الإنترنت لعدة أيام، ولم يبدأ العمل إلا بعد القضاء على الاحتجاجات الشعبية.
القلق الثقافي
ويتجلى قلق القيادة الإيرانية من إنشاء مساحة ثقافية موحدة لكل الإيرانيين، من خلال حقيقة أنه في نهاية 2007 تم اعتماد برنامج خاص لتعليم الجيل الشاب من الإيرانيين الذين يعيشون في بلدان مختلفة من العالم، بهدف «الحفاظ على انفصال علاقاتهم مع ثقافة وطنهم الأم»، وتم تنفيذ هذا المشروع تحت غطاء وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية.
تتمتع العلاقات الثقافية الإيرانية مع العديد من دول العالم، ولا سيما جيرانها في المنطقة والفضاء الأوراسي، بعلاقات شد وجذب، ويبدو مستوى العلاقات بين إيران ودول الشرق العربي في مجال الثقافة لا يتوافق دائما مع مستوى العلاقات الدبلوماسية، غالبا ما يفوقها في شدتها.
وتمتلك إيران اتصالات ثقافية راسخة مع عدد من البلدان الإسلامية غير الناطقة بالعربية، بما في ذلك باكستان وتركيا وبنجلاديش وماليزيا وغيرها، أما بالنسبة لأفغانستان، فإن الوضع السياسي المحلي الصعب في البلاد لا يسهم في تقدم الثقافة الإيرانية في البلاد، ولا في تطوير ثقافتها الأفغانية.
ومن بين دول آسيا الوسطى، هناك اهتمام خاص بتاريخ تطور العلاقات بين إيران وطاجيكستان، التي كانت قريبة للغاية دائما، وتعد الدولة الأولى في هذه المنطقة التي فتحت فيها إيران سفارة لها عام 1992، لكن العلاقات أخذت في التدهور في الفترة الأخيرة.
تتحول الثقافة تدريجيا إلى عنصر مهم في سياسة «القوة الناعمة»، وتعد اللغة أحد أهم الوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الغاية، وتعد اللغات الثلاث «الفارسية، العربية، الإنجليزية» هي الأكثر انتشارا في إيران.