الرأي

متى تكون الصناعة سعودية؟

سعد السبيعي
يراودني شعور غريب وتدور في ذهني أسئلة عديدة عندما أستعرض حال الصناعة في المملكة، أهمها: متى تكون الصناعة سعودية؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟

عندما نقوم بتجميع السيارات هل هو صناعة متكاملة؟ كيف ننشئ مصانع سعودية خالصة تستطيع إنتاج منتجات وطنية تنافس نظيرتها في الدول الأخرى؟ كيف تتقدم علينا الصين صناعيا على الرغم من تميز المملكة في الإمكانات والمواد الخام والفكر المتطور؟ نسمع دائما شعارات وكلاما كثيرا عن سعودة الصناعة، لكن أين هي منتجات هذه الصناعة؟

الصناعة تقوم بدور حيوي ومهم في دعم الاقتصاد الوطني، خاصة أن ما أعنيه هنا ما يعتني بالمنتجات التي لا تتعارض مع الأصناف التي تصنعها المصانع المحلية، وتلعب هنا الصناعة دورا مهما في تحقيق أهداف التنمية الشاملة من خلال المميزات العديدة التي تمتاز بها هذه الصناعة، التي تشتمل على زيادة وتنويع الإنتاج ونمو فرص العمل وتنوعها، وكذلك تحقيق الترابط والتكامل فيما بين القطاعات الاقتصادية، وتحسين توزيع الدخول وتشجيع المدخرات الخاصة وتكوين طبقة من المستثمرين في الصناعة وتوفير المرونة والاستقرار في الإنتاج.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن: متى نستطيع أن نطلق على المنتج «صنع في السعودية»؟

أعتقد أن هذه الجملة يجب أن تشمل جميع مراحل الإنتاج، وليس المرحلة الأخيرة فحسب، وهي ما يطلق عليها تجميع المنتج، ومن وجهة نظري أن نأتي بالأجزاء الأساسية من المنتج المُصنّع في دولة أخرى ويقتصر دورنا على تجميع الأجزاء، هنا لا يمكننا أن نقول إن هذا المنتج «صنع في السعودية»، فمصطلح الإنتاج يعبر عن مجموعة من العمليات التي تحول شيئا إلى شيء آخر.

الصناعة أحد القطاعات الحيوية التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني، وتشمل الصناعات المتعلقة بإنتاج البترول وتكريره والبتروكيماويات والمعادن والصناعات الحربية، إضافة إلى الاسمنت والبناء والمعدات، والصناعات الغذائية وغيرها، وتستهدف حكومتنا الرشيدة الوصول في عام 2030 إلى نسبة 33% من مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي.

وقد شهدت الصناعة السعودية تحولا جديدا مع إطلاق الأمير محمد بن سلمان في يناير 2019 برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية ضمن رؤية السعودية 2030، الذي يحتوي على 330 مبادرة ستحقق أكثر من ثلث مستهدفات الرؤية، ويركز البرنامج على الجيل الرابع من الصناعة الذي يتضمن التطبيقات الروبوتية المتقدمة، ويقدم عددا من المبادرات لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الصناعات النوعية، ورفع رأسمال الصندوق الصناعي إلى 105 مليارات ريال، ويهدف إلى استقطاب تريليون و600 مليار ريال من الاستثمارات. وبلغ عدد المصانع في السعودية 7,630 مصنعا حتى نهاية الربع الأول من عام 2018 يعمل فيها أكثر من مليون عامل.

في الختام، أدعو إلى ثورة صناعية جديدة تتفق مع رؤية ولي العهد، والتي تحقق مفهوم توطين الصناعة بالمملكة من خلال إنشاء مصانع متكاملة سعودية تبدأ من تكوين المنتج من البداية حتى مرحلة المنتج المجمع في النهاية، وهذه الدعوة ليست لأشباه الصناعيين الذين يأتون بالمصانع الجاهزة التي تنشأ بالتعاون مع جهات خارجية فحسب، وإنما هي لرجال الصناعة الحقيقيين الذين يسعون لرفعة الصناعة السعودية، وليس المكسب السريع فحسب.

saadelsbeai@