الرأي

دعم وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة

برجس حمود البرجس
تتوقف بعض محاولات الشباب والشابات من رواد ورائدات الأعمال عند «التمويل» لتأسيس منشآت جديدة، وكثيرون ينظرون إلى نجاح تأسيس أي منشأة أو توسعة منشأة قائمة هو الحصول على «تمويل».

تجد الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي عن عدم جدوى ودور «هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة»، بينما التقارير تشير إلى أن مجموع مبالغ التمويل التي دعمتها الهيئة وصلت إلى 11 مليار ريال خلال العام 2019 من خلال منتجات التمويلات البنكية وشركات التمويل وبرنامج كفالة ومبادرات الاستثمار الجريء وبرامج الاسترداد وبرامج التمويلات الأخرى.

يغفل كثيرون عن أن رفض أي مشروع قد يكون في صالح صاحبه وحماية له من خسائر لا يتوقعها، أرى ذلك من منطلق أن البنوك وشركات التمويل حريصة على تقديم التمويل، حيث إنه أحد مصادر أرباحها وأحد أسباب وجودها، فمبدئيا البنوك وشركات التمويل حريصة على تمويل الأفراد والمنشآت ولكن لماذا ترفضهم؟

غالبا يكون السبب أحد اثنين: الأول عدم دراسة جدوى مقنعة للمشروع، وقد ينظر له أنه مشروع غير مكتمل الأبعاد وخسارته محتملة جدا، والثاني قد يرى الممول ضرورة طلب رهن أصول مقابل مبالغ التمويل، وهذان السببان يجعلان كثيرين مستائين من برامج التمويل.

بالنسبة لبرنامج «كفالة» الذي يهدف إلى التغلب على معوقات تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة المجدية اقتصاديا، والتي لا تملك القدرة على تقديم الضمانات المطلوبة لجهات التمويل حيث يقدم الضمانات المطلوبة، فقد قدم كفالات وضمانات بأكثر من 18 مليار ريال منذ تأسيسه قبل 15 عاما، وهذا أتاح تمويل مشاريع ومنشآت بأكثر من 33 مليار ريال. وفي آخر سنتين (24 شهرا) تم تقديم ضمانات بمبلغ 7.5 مليارات ريال لتمويل مشاريع ومنشآت بـ 11.7 مليار ريال، أي إن أكثر من 41% من الضمانات منذ تأسيس البرنامج تمت خلال السنتين الماضيتين 2018-2019.

أما بالنسبة لرفض تمويل مشاريع لعدم جدواها فربما ضعف دراسة الجدوى أدى إلى الرفض، أو قد تكون الدراسة لم تقدم بشكل مفهوم، ربما نظرا لتخصصها غير المعتاد ويصعب على الجهة الممولة فهمها، وهناك أسباب أخرى منها عدم جدوى المشروع حقيقة مع أن صاحبه يعتقد عكس ذلك.

لذلك أنصح الشباب والشابات رواد ورائدات الأعمال أن ينظروا للجهات التمويلية وبرنامج كفالة كمقيّم لمشاريعهم وأن يتعرفوا على أسباب الرفض وأسباب الإصرار على طلب ضمانات بأحجام كبيرة.

لو تقدمت بطلب تمويل لمشروع ورفضته بنوك وشركات تمويل عدة وبرنامج كفالة، احرص وتأكد أن هؤلاء لم يرفضوه عبثا ولا كرها، بل لأنهم لم يروه مجديا، فتخل عنه وابحث عن مشروع آخر، هؤلاء يقدمون لك خدمة مجانية لتقييم مشروعك قبل البدء ورفضهم هو تحذير لك.

نأتي إلى الجزء الأهم، وهو تعرف رائد أو رائدة الأعمال على المبادرات المتاحة، ليبني دراسة مشروعه على استشارات عدة مجانية تقدمها «منشآت»، فلديها مستشارون كثر في كل التخصصات، وتسطيع الجلوس معهم والمناقشة لأيام وأشهر لتتأكد من كل الأبعاد المتعلقة بمشروعك، لديهم عشرات المستشارين بالشأن المالي والتمويلي، وكذلك التراخيص والضرائب والجمارك والاستيراد والحقوق الفكرية والعلامات التجارية، ومستشارون أيضا في التسويق والإعلانات والتعاقدات والخدمات اللوجستية وغيرها كثير.

الجميل في هذه الاستشارات أنه يمكنك الاستنارة بالجلوس مع أكثر من مستشار في كل مجال، فلا يوجد مانع من أن تناقش وتستنير من أكثر من 10 مستشارين مختصين بالتصنيع والصناعات والمدن الصناعية والتمويل الصناعي، كل على حدة، فتنوع مصادر الاستشارات أمر مهم للغاية، ولذلك وفرت «منشآت» عددا كبيرا من المستشارين لكل تخصص.

من خلال متابعتي لما يكتب في تويتر توصلت إلى استنتاجين أساسيين، الأول أن كثيرين يجهلون المصادر والخدمات المتوفرة والمتاحة للجميع، وثانيا أن صاحب التجربة الناجحة لا يعرض

تجربته، بينما صاحب التجربة التي لم تر النور يتحدث طوال الوقت عن فشل الجميع إلا نفسه.

في كل الأحوال، الدخول إلى عالم التجارة والصناعة وريادة الأعمال يتطلب التأني والبحث والقناعة والتأكد قبل الدخول، لأن فرصة النجاح توازيها في الطرف الآخر فرصة للفشل، ومن لديه طموحات عالية يجب أن لا يستاء من محاولات وبحث لأشهر قبل الدخول في المجال، ولو كانت سهلة لك لسهلت لغيرك.

Barjasbh@