الرأي

تأثير جائحة كورونا على سلوك السائح الخليجي

علي القاسم
لم يعد أحدنا في وقتنا هذا يستطيع الاستغناء عن السفر الداخلي أو الدولي من أجل السياحة والترفيه، حيث أصبحا جزءا من حياتنا اليومية، سواء من خلال الممارسة الفعلية أو ما نسمعه ونشاهده يوميا في القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي.

فضغوط الحياة اليومية بجميع أشكالها كانت سببا رئيسا في زيادة النمو السياحي على مستوى العالم، حيث زاد عدد السياح الواصلين عالميا من 350 مليونا عام 1995 إلى 1.5 مليار في 2019.

وفي الأشهر الأخيرة الماضية حتى يومنا هذا فقد زادت الحاجة للسفر أكثر من أي وقت مضى، نتيجة للضغوط التي يعيشها العالم بسبب الخوف والحجر والحظر والتباعد الاجتماعي، والتي منعتنا من السفر أو حتى الحركة في أضيق الحدود، كما أُغلقت مطارات العالم وتوقفت الرحلات الدولية والداخلية.

هذا التوقف في صناعة السياحة والذي لم يحصل أن شهدته من قبل دفعني إلى المشاركة في أوراق علمية عدة، من أبرزها دراستان، الأولى بعنوان «تأثير جائحة كورونا (كوفيد-19) على سلوك السائح الخليجي وممارساته بعد رفع الحظر وفتح المنافذ الدولية»، أما الدراسة الثانية فكانت بعنوان «هل لجائحة كورونا (كوفيد-19) تأثير على اختيار السائح السعودي للوجهة السياحية سواء دولية أو محلية».

خلصت الورقتان إلى عدد من النتائج المهمة التي يمكن أن يستفيد منها القائمون على قطاع السياحة والمهتمون وأصحاب المنشآت في المملكة، وسوف أتحدث عنهما في مقالين منفصلين بإذن الله.

جُمعت بيانات الدراسة من جميع دول الخليج، وتحديدا من المهتمين وعشاق السفر، حيث خلصت الورقة الأولى إلى نتائج مهمة بعضها كان متوقعا، وبعضها الآخر كان عكس ذلك.

من أهم نتائج الدراسة أن رغبة المواطن الخليجي، خاصة السائح السعودي، في السفر الداخلي أو الدولي في فترة الإثني عشر شهرا الأولى بعد رفع الحظر وفتح المنافذ الدولية ستكون ضعيفة جدا، فكثير من المشاركين أوضحوا أن المخاوف من السفر في الفترة الأولى ستكون عالية، وبالتالي قد يكون البقاء في المنازل أكثر أمانا لهم. هذه النتيجة قد تكون بسبب الخوف الموجود لدى غالبية الناس إثر التزايد المستمر في عدد الإصابات حول العالم، إضافة إلى الوعي بأهمية التباعد الاجتماعي، والذي كان لوزارات الصحة الدور الرئيس فيه.

وجدت الدراسة كذلك أن غالبية المشاركين لديهم الرغبة في السفر من أجل السياحة والترفيه، خاصة محليا بعد السنة الأولى من انتهاء الجائحة، أكثر من رغبتهم في السفر من أجل العمل أو التجارة.

هذه النتيجة تعطينا انطباعا بأن فترة الحجر والإجراءات الاحترازية التي فرضتها الدول بالبقاء في المنازل، جعلت الحاجة للسفر من أجل السياحة والترفيه أكثر أهمية من السفر للعمل أو التجارة.

ولكن في المقابل كان هناك شبه إجماع على أن السفر الدولي وحتى الداخلي لن يكون آمنا من الإصابة بفيروس كورونا مهما كانت الاحترازات، إضافة إلى أن نسبة لا بأس بها يرون ضرورة الابتعاد عن السفر إلى المدن الرئيسية والمزدحمة.

رأى غالبية المشاركين في الدراسة عدم السفر إلى أي وجهة سياحية معروفة بانتشار الوباء، كان كثير منهم أيضا يفضلون السفر مع عوائلهم وليس مع الأصدقاء، رغم أن غالبية المشاركين في الدراسة هم من الشباب الذين اعتادوا على السفر مع الأصدقاء والزملاء.

ليس هذا فحسب، بل إن غالبية المشاركين يرون أن تناول الوجبات مع أشخاص آخرين داخل المطعم أو في أي مكان مغلق يشكل خطرا عليهم، لذلك يرون ضرورة تناول وجباتهم بشكل منفصل، إلا مع أفراد الأسرة.

كان للتوعية التي عملت عليها وزارات الصحة في دول الخليج في الفترة الماضية أثر كبير في حرص المجتمعات الخليجية على النظافة الشخصية ونظافة المرافق والمنشآت السياحية، والتزامها بإجراءات السلامة، ظهر ذلك في إجابات المشاركين، حيث أكدوا أنهم عند اتخاذ قرار السفر لأي وجهة سياحية ستكون المنشآت المتبعة لنواحي السلامة هي اختيارهم الأول.

لذلك يجب على المنشآت السياحية تطبيق أعلى إجراءات السلامة وإظهار ذلك في إعلاناتها وترويجها لنفسها في الفترة المقبلة.

alialgassim@