الرأي

العالم قبل كورونا

صالح محمد الغفيلي‎
علينا أن نتصور كيف كان الحال في أوروبا وأمريكا وروسيا والصين قبل ظهور«فيروس كورونا»، وكيف قضى زعماء هذه البلدان ليلة ذلك اليوم الذي سبق اكتشاف ظهوره، بالتأكيد أن جميعهم قد ناموها آمنين مطمئنين، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ولا شيء يقلقهم ولا كوابيس تفسد عليهم أحلامهم الوردية.

من أين يأتيهم الخوف والقلق وقواعدهم الجوية والبحرية والثكنات العسكرية تغص بأحدث أسلحة الردع والهجوم وأحدث الطائرات والسفن الحربية والدبابات، ناهيك عن الصواريخ النووية العابرة للقارات، وغير ذلك من الأسلحة الأشد خطرا والأكثر فتكا وتدميرا، والتي لم يكشف عن بعضها بعد.

لم يشبه اليوم الأمس، فقد استيقظ القوم من نومهم على خبر أفزعهم وأقض مضجعهم، وهو تعرضهم لهجوم مباغت من عدو داهمهم من حيث لا يحتسبون، لم يُحدِث قدومه صوتا ولا ضجيجا، فهو من الصغر بحيث لا يرى بالعين المجردة.

إنه أحد جنود الله، أرسله إلى عباده لينبههم من غفلتهم وغيهم، ويكشف لهم جهلهم وقلة حيلتهم، وليس أدل على ذلك - حين داهمهم - ما بدا عليهم من خوف وارتباك لم يألفوهما من قبل، فقد فوجئوا بهذا المهاجم، ولم يكونوا يملكون من وسائل الوقاية منه شيئا، فلا أجهزة ولا مستشفيات ولا حتى أبسط الأشياء كالكمامات والمطهرات ونحوها، مما جعلهم في «حيص بيص» يلوم بعضهم بعضا وهم يتساءلون كيف حصل هذا؟!

ليس من باب السخرية حين أقول إن هذا الفيروس عادل ومنصف، بدليل أنه لم يستثن أحدا، فقد بدأ بالكبار قبل الصغار، الجميع هنا وهناك اكتووا بناره، ويبقى الأهم: ترى هل فهموا فحوى ومضمون رسالته؟