الرأي

مختصر الأسبوع (20/6/19)

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
تحدثت في مختصر الأسبوع الماضي عن القلق الذي ينتابني وأنا أشاهد الرقم (3000) يتكرر في بيانات وزارة الصحة، والغريب أن هذا القلق بدأ في التلاشي بعد أن أصبحت الثلاثة آلاف من الماضي ودخلنا إلى منطقة الخمسة آلاف إصابة يومية، ولا أعلم سبب التبلد الذي أصابني فجأة تجاه هذه الأرقام، وأعتقد أن تلميح وزير الصحة إلى رقم المائتي ألف إصابة في الوقت الذي كان عدد الإصابات فيه أقل من عشرة آلاف لم يكن مجرد توقع عابر أكثر مما هو تهيئة لتقبل الرقم القادم لا محالة.

وعلى أي حال، كل ما كتب له أن يحدث سيحدث، نحاول جاهدين أن نبتعد بظنوننا عن الأسوأ ونحصن أنفسنا ونقوي مناعتنا بجرعات التفاؤل إلى أن يجدوا لقاحا أكثر واقعية، ثم إن هذا ملخص ما قلته في الأسبوع الماضي:

• يا شركاء الحياة، فكروا في هذه الأرقام قليلا، وتخيلوها ـ كما هو واقعها ـ وأنها تخص بشرا كانوا معنا، الأمر محزن حتى في ذلك اليوم الذي تعلن فيه وزارة الصحة أن اليوم جميل لأنه لم تسجل إلا حالة وفاة واحدة، فهذه الحالة وهذا الرقم الوحيد يخص «إنسانا» فقد حياته لأن إنسانا آخر لم يكترث، أو كان أنانيا أكثر مما تحتمل الحياة.

• أرقام الوفيات التي تعلنها وزارة الصحة تدل على أشخاص بعينهم، كان لهم حياة مثل حياتنا، الرقم الذي يضاف يعني حالة من الحزن والفقد والبؤس في بيت ما، في مكان ما لا تعرفه لكنه موجود. هذا الرقم يعني أن أشخاصا فقدوا حياتهم وأشخاصا فقدوا معنى الحياة برحيل أحبتهم الذين لا نعرفهم ولا نكترث لأمرهم.

• رحل القذافي وبقيت السعودية، وستبقى إن شاء الله، وأنا مؤمن أن الثورات لا تسقط الأنظمة إلا في الدول الفاشلة، التي لا تهتم لأمر الإنسان، والحكومات التي «أزرت في بيتها وراحت تنظف بيت الجيران» الشعب الذي يثور سواء كان بتحريض من الخارج أو من الداخل يفعل ذلك لأنه وصل مرحلة من اليأس وفقد الإحساس بالكرامة البشرية، الشعوب غير اليائسة والتي لا تمس كرامتها لن تثور وتغامر باستقرارها حتى لو حرضتها كل أمم الأرض ومخابراتها وجيوشها الواقعية والالكترونية.

• اقترب نصف العام من المضي، ولا نعلم هل ما مضى هو النصف الممتلئ من كوب هذا العام أم إن الكوب نفسه لم يأت بعد، ولكننا سنكافح من أجل البقاء، ونتفاءل ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ونبتسم ما دمنا قادرين على ذلك، والموت لكورونا، الموت للفيروسات التاجية، واللعنة على الفيروسات الآدمية.

• لا أعلم ما الذي يغضب الحوثي من تفشي كورونا حتى يعلن أن المختبرات غير الموجودة والأطباء المهاجرين سيصنعون دواء للعالم، ولكن إن كان ما يخيفه هو أن يكون الوباء أشد فتكا باليمنيين منه فإني أحب أن أطمئن طبيب الكهوف ووزير صحته بأن هذا لن يحدث، وسيبقون الأكثر إجراما في حق اليمنيين ولن ينافسهم في ذلك منافس من البشر أو من الفيروسات.

• ما هو أسوأ من توزيع صكوك الوطنية هو «المنّة» على الوطن، حين تدافع عن وطنك كما تدعي فالمفترض أن ذلك شيء نابع عن قناعة وحب، وليس شيئا تطلب مقابله وتتفاجأ بأن «ثمنه» لم يكن كما توقعت. أنت في هذه الحالة مجرد «بياع» لبضاعة تعتقد أنها مطلوبة في السوق، لا أكثر.

agrni@