الرأي

«إيش لم الإخواني على الفارسي؟»

شاهر النهاري
ليس غريبا في حياة الهوام أن تشترك الضباع والنسور على التهام جيفة واحدة، وكل منهما حذر متحفز نحو الآخر، يتمنى زواله ليستحوذ على بقايا العظام في آخر الأمر.

إيران ثورة حقد وخرافات وشرور، وخلافة الإخوان المزعومة آفة خداع تهدف لابتلاع ما حولها، وكلاهما حاليا تزاولان الدور القذر نفسه الذي نلمحهما فيه متقاربتين، متقاسمتين اللقيمات النتنة الدموية، وهما تؤجلان المواجهة الختامية المرتقبة بينهما.

تقارب احتياج يشابه المحبة، ويتلبس بالتقية ويخادع ويرسم، لتغطية نوايا خيانات تمررانها وترعيانها، بمعرفة أن لهما حاليا عدو مشترك لا بد من تشتيته وإضعافه قبل سقوطه جثة هامدة تسمح بافتراسها.

أنياب الغدر ومناقير ومخالب الجشع تتفق على ازدراد الحواشي، بتيقظ ونظرات حقد وحسد واستدارة وتشكيك في حجم لقمة الآخر، وحساب لفروغ صبره، وانقلابه وهجمته، لإثبات الذات والقدرة والسيطرة، ومحاولة التفرد بنيل الفريسة بالكامل، عندما يغفل الشريك أو يثق بالشراكة، وعندها يصبح مغدورا به، لا محالة.

إيران الإمبراطورية الفارسية ومفهوم ثورتها الخمينية، وأهدافها التوسعية مختلفة بالمنطق والأسس والمذهب عن جماعة الإخوان التي تبحث عن ذاتها بحيلة استعادة السلف، وكم صبرت على التهميش والقهر والقمع والسجون، منذ نشأتها على فكر حسن البنا وسيد قطب وغيرهما، ولم تعد تملك إلا بيع نفسها وكل معطياتها، لمجرد حلم الكرسي الذي لم يدم لمرسي، فيستمر خيالا يتجدد بسقوط أي دولة عربية، حتى تمتلك السلطة والهيمنة في النهاية فيها، وتعيد مفهوم الخلافة، للوجود، ولو كانت تلك الخلافة بعنف ودموية وسخرة العصملية الأعجمية.

وعليه فليس غريبا أن نجد الضباع الفارسية تتقاسم اليوم بحذر وشك لقيماتها مع نسور الإخوان، شاهدنا ذلك في غزة من خلال منظمة حماس، المحكومة بميليشيات قاسم السليماني والملتفة حول جماعة الإخوان، متناسين استقذار ونجاسة بعضهم للآخر، وتكفيره، مهما استدعت الجيفة نوعا من التقارب الحذر، المؤقت، وقبلة الموت.

في سوريا يحدث التقارب نفسه، الخائن الحذر، المؤقت، بين إخوان تركيا وميليشيات إيران المتمثلة بحزب الشيطان، يتناوبان على نهش جثمان سوريا، متلذذتين فرحتين بلقيمات وعظام يتركهما خلفه الأسد الروسي، والفهود الأوروبية.

في اليمن حضور حذر للنسور والضباع عبر حزب الإصلاح وجماعات الحوثي، باتفاق على الفتك بالجسد اليمني.

في السودان كان الفتك بالفريسة وشيكا، لولا أن تنبه الشعب السوداني، وحذفهما بالحجارة وأرعبهما بروح التآخي الوطني، وفي العراق أمور تحت السواهي.

ليبيا قد تكون بعيدة على الضباع الإيرانية، ولكن نسور تركيا المرتزقة تحاول إخضاع الفريسة، قبل السماح للضباع بالتهام بعض اللقيمات، في فترة انتقالية وترضية وخدعة لبلوغ الجسد المصري.

التناقض واضح والتعاون موجود يراوغ، ومطاردة الفرائس مستمرة، ونهش ما يصل لأنيابهما من عفن، تسعده دموع الحب، وكلمات الرثاء التي سمعناها من حماس، ومن حسن نصر الله والحوثي وإردوغان وقطر وبقية إخوانهم الإرهابيين، مدعين إخلاصهم للضباع، وبأنهم جزء لا يتجزأ عنهم، ولو أن الأعين على اللقمة العفنة والساعة لمعرفة متى يحين الانقلاب.

العرب الأحرار هم من يقفون سدا منيعا ضد الضباع وفي وجه أقذر النسور، وطالما وجدت السعودية ومصر والكويت والإمارات والبحرين، فلن تجد الهوام ما تقتسمه من جيف، بل إن جيفتيهما قريبا ما تتمزقان وتتعفنان، ولن نستبعد أن نجد عفن أحدهما في بطن الآخر.

@Shaheralnahari