موضوعات الخاصة

الاتحاد الأوروبي ضحية الخداع الإيراني

هل تناسى الأوروبيون العمليات الإرهابية وسفك الدماء على أرضهم؟

روحاني مع الرئيس الفرنسي ماكرون (مكة)
رغم الموت الإكلينيكي للاتفاقية النووية التي وقعتها الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول أوروبا قبل 5 سنوات مع إيران، والانتهاكات المتواصلة لطهران وانسحاب أمريكا، لا يزال الاتحاد الأوروبي وحده يتمسك بأمل زائف، ويغرد خارج السرب.

يعتقد الكثير من المحللين أن الاتحاد الأوروبي الذي تترأسه حتى نهاية شهر يونيو الحالي أوكرانيا يعيش في عالم مختلف، ويراهن على خيارات كاذبة، ويحاول أن يلعب دور «المحايد» من أجل أن يسلم من خطر الإرهاب الإيراني، لكن تبدو حساباته خارج السياق.

لا تتمثل المشكلة في التسهيلات العديدة التي تقدمها بعض دول أوروبا لنظام الملالي، لكن الأزمة الكبرى ستأتي بعد شهور قليلة، حيث يتوقع أن يساند الاتحاد موقف إيران في التخلص من اتفاقية حظر الأسلحة التي تنتهي في اكتوبر المقبل، وتسعى الولايات المتحدة وعدد من دول العالم إلى تمديدها لضمان عدم وصول السلام إلى الميليشيات الإرهابية التي تتحكم في صناعة القرار الإيراني.

مؤشرات صادمة

تبدو المؤشرات صادمة بالنسبة للخطوات المقبلة للاتحاد الأوروبي، حيث أكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل قبل أيام، أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة بالفعل من اتفاق دولي يحد من طموحات إيران النووية لا يمكنها الآن استخدام عضويتها السابقة في الاتفاقية في محاولة لفرض حظر دائم على الأسلحة على إيران، حسبما ذكرت صحيفة تايمز أوف.

وانهار الاتفاق الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والصين وروسيا في عام 2015 منذ أن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب واشنطن في عام 2018، وأعاد العقوبات المصممة لشل طهران في ظل ما وصفته الولايات المتحدة بـ»الحد الأقصى حملة الضغط».

وأصر منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بوريل على أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، لم يعد بإمكانها أن تدعي أن لديها دورا فيه.

اعتراض متواصل

ومنذ انسحابها من الاتفاق النووي، تجد الولايات المتحدة الأمريكية معارضة شبه مستمرة من الاتحاد الأوروبي، حيث أدان بوريل، القرار الأمريكي بإنهاء الإعفاءات الأساسية للبرنامج النووي المدني الإيراني، معتبرا أنها تزيد من تعقيد مهمة الدول المكلفة التأكد من الطبيعة السلمية لبرنامج طهران.

وجاءت كلماته بعد إنهاء الاستثناءات التي كانت تسمح بمشاريع مرتبطة بالبرنامج النووي المدني الإيراني على الرغم من عقوبات واشنطن. وكانت هذه الاستثناءات آخر ما تبقى في الجانب الأمريكي، من الاتفاق النووي، وشدد وزير خارجية التكتل الأوروبي على «الأهمية الدائمة» لهذا الاتفاق.

وقال إن «الاتفاق يبقى الطريقة المثلى والوحيدة للتأكد من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني». وأضاف «لذلك آسف للقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بعدم تمديد الاستثناءات للمشاريع النووية المرتبطة بـ(خطة العمل المشتركة الشاملة)»، أي الاتفاق النووي، وحذر بوريل من أنه «سيكون من الأصعب على الأسرة الدولية التأكد من الطبيعة محض السلمية للبرنامج النووي».

نهج الخائفين

يدعم الاتحاد الأوروبي منذ توقيع الاتفاقية النووية الشاملة في 16 أبريل 2016 نهجا يميل إلى الحذر والخوف من إيران، معتبرا ذلك «توازنا» في العلاقات، على أمل معالجة جميع القضايا المثيرة للقلق، الحاسمة عندما تكون هناك اختلافات وتعاونية عندما تكون هناك مصلحة متبادلة.

ويتم تنسيق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران على مستوى الاتحاد الأوروبي من قبل فريق عمل دائرة العمل الخارجي الأوروبي في إيران، والذي تم إنشاؤه بعد اختتام خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 والتي تقدم تقاريرها مباشرة إلى الأمين العام لدائرة العمل الخارجي الأوروبي.

وبحسب تقرير منشور بموقع دائرة العمل الخارجي الأوروبي، فليس لدى الاتحاد الأوروبي حاليا وفد في إيران، وبالتالي فهو ممثل من قبل الدولة العضو التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، ويمثل الاتحاد الأوروبي حاليا سفارة كرواتيا حتى 30 يونيو 2020 تليها سفارة ألمانيا حتى 31 ديسمبر 2020.

رأي الأوروبيين

تعد خطة العمل الشاملة عنصرا أساسيا في هيكل عدم الانتشار النووي العالمي الذي أقره قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتضمن أن يكون البرنامج النووي الإيراني سلميا مقابل الرفع الشامل للعقوبات الدولية والمتعددة الأطراف والوطنية المتعلقة بالبرنامج النووي.

ومنذ عام 2006، لعب الممثل السامي للاتحاد الأوروبي دورا حاسما من خلال تسهيل الجهود الدبلوماسية بين الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإيران، والتي أدت إلى اختتام خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا في 14 يوليو 2015.

ويقود الممثل السامي العمل للإشراف على التنفيذ والحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة، ويرأس الاجتماعات الفصلية للجنة المشتركة، وترى أوروبا أن خطة العمل الشاملة هي اتفاقية قوية تضع سلسلة من القيود الصارمة على وصول إيران إلى المواد النووية والمعدات الحساسة، مؤكدة أن الاتفاق يمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولا غير مسبوق لمراقبة برنامج إيران والتحقق منه، ويؤكد الاتحاد الأوروبي التزامه بالاتفاقية.

رفع العقوبات الأوروبية

أصبح رفع العقوبات جزءا أساسيا من خطة العمل الشاملة المشتركة، أوفى الاتحاد الأوروبي بجميع التزاماته القانونية عندما دخل الإطار التشريعي للاتحاد الأوروبي الذي ينص على رفع العقوبات الاقتصادية والمالية ذات الصلة بالمجال النووي حيز التنفيذ.

رفع الاتفاق النووي العقوبات المالية ذات الصلة بالأمم المتحدة المالية والعقوبات الثانوية الأمريكية ذات الصلة بالمجال النووي. العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في ضوء حالة حقوق الإنسان في إيران، ودعم الإرهاب وغيرها من الأسباب ليست جزءا من خطة العمل الشاملة المشتركة.

أسف أوروبي

وعلى غير المتوقع، أعرب الاتحاد الأوروبي باستمرار عن أسفه العميق لقرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاقية وإعادة فرض العقوبات. وفي الوقت نفسه أبدى التزامه بالحفاظ على التعاون مع الولايات المتحدة، التي لا تزال شريكا وحليفا رئيسيا.

ومنذ يوليو 2019، اتخذت إيران خطوات مختلفة لخفض التزاماتها النووية. لطالما حث الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه طهران على عكس هذه الخطوات والامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تقوض الاتفاق النووي.

وبموجب أحكام خطة العمل الشاملة، فإن اللجنة المشتركة بقيادة الممثل السامي أو ممثله الأمين العام للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا هي المنتدى المناسب للحوار لمعالجة جميع القضايا ذات الاهتمام.

ماذا فعل الأوروبيون؟

شرب الأوروبيون «الطعم» الإيراني، وصدقوا الخدعة التي تقول إن طهران يمكن أن تتخلى عن برنامجها النووي، أو تواصل تطوير الجانب السلمي منه فقط، وبات واضحا أن الأوروبيين لا يريدون الدخول في مزيد من المشاكل، ويأملون أن تمر الأمور بسلام، حيث لم ينسى المجتمع الأوروبي العمليات الإرهابية الكبيرة التي وقعت داخل أراضيه بأيدي وتخطيط إيران، والتي أدت إلى سفك دماء الكثير من الأوروبيين، لكن اتحادهم أصر على الصمت، ورأى أن يبدو متسامحا من الإيرانيين حتى يبعدوا شرورهم عن الدول الأعضاء في الاتحاد.

ظل الاتحاد الأوروبي يواصل التجارة مع إيران رغم انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، وقام بتحديث قانون الحظر الخاص به، ومدد ولاية الإقراض الخارجي لبنك الاستثمار الأوروبي لجعل إيران مؤهلة وقدم دعما شاملا من قبل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة (كمساهمين أساسيين) لإنشاء آلية إنستكس لدعم التبادل التجاري وتشغيلها بالكامل، وانضمت ست دول أوروبية أخرى إلى الآلية كمساهمين، وشجع الاتحاد على توسيع قاعدة المساهمين في إنستكس. وتم الانتهاء من الصفقة الأولى في مارس 2020 .