الرأي

صناعات المستقبل

فاطمة جعفر آل هليل
أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟

هذا السؤال يعد من أهم الأسئلة التي تطرح في المقابلات الشخصية، والإجابات عنه بالطبع تبدو مختلفة، لكن هل وسعنا دائرة تفكيرنا لنفكر كيف سيبدو العالم يا ترى بعد خمس سنوات؟ أو ما هي صناعات المستقبل؟ هل هي صناعاتنا نفسها اليوم لكن متطورة فقط؟ أم توجد اكتشافات عظيمة قادمة؟

التكنولوجيا اليوم تتنبأ لنا بمستقبل عظيم يكون لها فيه نصيب الأسد وتأخذ محل السيادة في ذلك العالم.

التكنولوجيا الحديثة في تطور مستمر في كل لحظة، وبقاؤك في محلك دون أن تساير التطور يعني فشلك وخسارتك، وخير مثال على ذلك ما حدث لشركة «Nokia» بعد أن كانت مبيعاتها بالملايين أصبحت اليوم بالكاد تذكر وتتداول بين الناس، لذا لا بد لنا من التفكير والتطلع لنوعية الصناعات المستقبلية حتى لا نعود لنقطة الصفر.

واحدة من أهم الصناعات المستقبلية التي ستغير من شكل العالم هي صناعة الروبوتات التي ستحل محل الإنسان في عدد كبير من الوظائف، ولا سيما في مجال رعاية المسنين تحديدا في الصين التي ستصل نسبة المعمرين فيها عام 2050م إلى أكثر من 35% من مجموع السكان، بالتالي سنكون بحاجة لعدد مهول من الممرضين والأطباء القادرين على رعاية المسنين وتوفير كل سبل الراحة والصحة لهم.

الحل المقترح لهذه المشكلة هو إحلال الروبوتات وتصميمها لتوفر كل أنواع المساعدة والرعاية لكبار السن، كون الروبوت أكثر قدرة من الإنسان ولا يمل ولا يتعب. وبالفعل تم إصدار وبيع عدد معقول من الروبوتات مختلفة التصاميم والمهام مثل روبوت «ASIMO» التابع لشركة «HONDA» الذي يعمل على مساعدة كبار السن في القيام والجلوس وأداء كثير من الأعمال من قبيل تنظيف المنزل وغسل الصحون وتقديم الطعام وغيرها، حتى إنه يفهم الطلبات المختلفة ويتحدث مع الإنسان ويلعب مع الصغار كذلك. ولكن مشكلته تكمن في سعره الباهظ الذي يقدر بـ 2.5 مليون دولار، وهذا السعر لن يبقى مدى الحياة كونه ينخفض كل عام بنسبة معينة بسبب زيادة الإنتاج، حتى يصل في المستقبل للأسواق في كل أنحاء العالم ويمكن اقتناؤه بسهولة.

من الروبوتات الموجودة في الأسواق اليوم أيضا روبوت «RIBA» المصمم لخدمة كبار السن والمرضى منهم، حتى إنه يتمكن من حمل إنسان يصل وزنه إلى 80 كجم من السرير إلى الكرسي والعكس.

يتوفر بالأسواق كلب آلي يسمى «COZMO» يحاكي بتصرفاته تصرفات الكلاب ويمكن معاملته معاملة الحيوان الأليفة، حتى إنه يتعلم ويغضب ويضحك وهو متوفر للبيع منذ عام 2016.

ومن الصناعات المستقبلية كذلك الصناعات القائمة على عمليات الأتمتة، وهي عملية هدفها جعل الآلات تعمل بنفسها بدلا من الإنسان، مثل السيارات ذاتية القيادة التي ستقلل من نسبة الحوادث بدرجة كبيرة جدا، وكثير من الشركات همها وشغلها الوحيد الآن أتمتة كل الأجهزة التي يعمل بها الإنسان لتصبح أجهزة ذاتية التشغيل تعمل باستقلاليه دون تدخل الإنسان فيها، وعلى رأس القائمة الشركات المهتمة في الأتمتة شركة «Google» التي نجحت بالفعل بتسجيل رحلة كاملة لسيارة ذاتية القيادة عام 2016، حيث قطعت السيارة مسافة تقدر بـ» 3 ملايين كلم» دون حدوث أي حادث.

هذه الصناعات ستدخل على روادها ربحا طائلا لكن الله وحده يعلم إن كان هذا الربح مالا ورقيا حقيقيا أم لن يكون هنالك مال ورقي في ذاك الزمان، كثير من العلماء ذهبوا إلى عدم وجود العملة الورقية في المستقبل بسبب ما يسمى بـ «Modification of Money» أو صناعات المال، في 2009 قام مؤسس تويتر «Jack Dorsey» وصديقه «Jim Mckelvey» بإنشاء شركة جديدة اسمها «Square» هذه الشركة هدفها التخلص من طرق الدفع التقليدية واستخدام الهواتف النقالة في عملية الدفع الكترونيا، وقد طبق هذا النظام فعليا في كثير من الدول وعدد كبير من المتاجر العالمية، حيث كانت هذه الشركة النواة الأولى لكل المتاجر الذكية اليوم.

التطور والصناعات المستقبلية رغم كونها توفر للبشر كثيرا من الرفاهية إلا أنها ستتسبب بفقدان أكثر من 66% من الموظفين العاملين اليوم لوظائفهم، وبالتالي بقائهم دون عمل ودون أي مصدر للدخل، وهذا يعني أن المجتمعات على مستوى العالم ستدخل في دوامة من الصراعات المستمرة لإيجاد حلول لهذه الفئات من الناس، والتي لا تزال متأخرة على البقية في مواكبة التطورات، وعلى الرغم من محو التكنولوجيا عديدا من الوظائف الحالية في المستقبل، بالمقابل ستكون سببا في توفير عدد ضخم من الوظائف الحديثة المختلفة، لذلك يتوجب علينا مواكبة التطورات والسعي في تطوير مهاراتنا وقدراتنا حتى لا يحدنا الزمان ونعود لنقطة الصفر من جديد.

@DayTechnique