موضوعات الخاصة

خامنئي يسخر من أوجاع الإيرانيين

نظرية المؤامرة والتعليقات المستفزة قادتا طهران إلى موجة ثانية من كورونا

علي خامنئي
مع استمرار الموجة الثانية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) في إيران، تذكر المواطنون تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي، وسخريته من الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي عرضت مساعدة طهران، وأكدوا أنه أدى بتصرفاته المتهورة إلى زيادة أوجاع الإيرانيين، وتعميق آلامهم.

ورغم أن إيران خففت القيود المفروضة وبدأت في فتح النشاطات التجارية منذ منتصف أبريل الماضي، إلا أنها شهدت ارتفاعا متسارعا في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الأسابيع الأخيرة، مما أثار مخاوف من أنها قد تواجه موجات انتشار متتالية.

اقتربت إيران وفق الأرقام الرسمية من تسجيل 200 ألف حالة، و9 آلاف وفاة، فيما أكد مركز أبحاث البرلمان الإيراني أن الأرقام الحقيقية تتضاعف عشرات المرات، ووصل معدل الإصابات الجديدة إلى أكثر من 3000 حالة في اليوم، أي بزيادة 50 % عن الأسبوع السابق له.

إحباط عام

كانت تدابير التخفيف في إيران غير فعالة، وكانت استجابتها للوباء عبارة عن مزيج من تحذيرات مسؤولي الصحة العامة، والسياسات غير المتسقة من الرئيس حسن روحاني، ونظريات المؤامرة الوهمية التي تحدث عنها المرشد الأعلى علي خامنئي، كل هذه الطرق تركت الشعب الإيراني غير متأكد من أفضل السبل للتصرف.



وبالنظر إلى أن إيران كانت مركز انتشار الفيروس القاتل في الشرق الأوسط، فإن عدم قدرتها على التعامل مع هذا الوباء بشكل متماسك يعرض المنطقة بأكملها للخطر، وهو ما حدث بالفعل، حيث نقلت طهران الفيروس إلى 8 دول مجاورة.

عانت إيران قبل انتشار الفيروس من ركود اقتصادي حاد، بسبب ضلوعها المستمر في الإرهاب، وإعادة فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للعقوبات، حيث تراجعت مبيعات النفط إلى أقل من مائتي ألف برميل، بعدما كانت تبيع أكثر من مليوني برميل يوميا، وأدى انهيار أسعار النفط إلى زيادة توتر آفاقها الاقتصادية، وبات الشعب الإيراني محبطا بالفعل من أداء الحكومة، وانعكس هذا الإحباط مع الاستجابة السيئة للتعامل في مكافحة كورونا.

نظريات سخيفة

تهرب قادة إيران في أوقات كثيرة من إعلان الحقيقة، وفي أوقات أخرى أعلنوا الأزمة بالكامل، وفي أغلب الأحيان اعتمدوا على نظريات مؤامرة سخيفة.

كان الرئيس حسن روحاني ومسؤولو وزارة الصحة والتعليم الأكثر ظهروا في وجه العاصفة خلال الفترة الماضية، لكن حتى سلوكهم سلط الضوء على عيوب الحكومة. قلل روحاني في الأصل من أهمية الأزمة ولم يفرض حظرا كما فعلت دول أخرى في الشرق الأوسط.

وخلال احتفالات العام الفارسي الجديد في مارس الماضي، سافر العديد من الإيرانيين عبر البلاد، مما ساهم في انتشار الفيروس. وأصبح روحاني منذ ذلك الحين أكثر حذرا، حيث قال في مؤتمر صحفي عقده أخيرا «لا أحد يعرف متى سينتهي الفيروس، وبالتالي علينا اتباع نصيحة المجتمع الطبي»، لكن في أواخر أبريل، بدأت إيران في إعادة فتح مراكز التسوق والمكاتب الحكومية على الرغم من المخاوف من أن الفيروس بالكاد تحت السيطرة .

رسائل مختلطة

وسط هذه الرسائل المختلطة، كان الجمهور الإيراني مترددا في الامتثال لتحذيرات المهنيين الطبيين، مثل الدعوات من أجل الابتعاد الاجتماعي أو ارتداء الأقنعة.

وعبر وزير الصحة الإيراني سعيد نماكي أخيرا عن شكاواه في مؤتمر صحفي «لدي شكاوى حول بعض مواطنينا الذين يفترضون أن الأمور طبيعية، صحيح أننا حققنا نتائج جيدة في وقت الأزمة الاقتصادية، وحتى خلال الوفيات من رقمين، لا تزال المستشفيات لديها القدرة.

لكن كل هذا لا يعني أن الهالة انتهت».

ومع ذلك، رفضت وزارته نشر عدد الحالات في مقاطعات فردية، ولم تصدر سوى أرقام إجمالية يشتبه كثيرون في أنها أقل بكثير من الواقع، وهذا يمنع الخبراء من فهم كيفية هجرة الفيروس بدقة في إيران وأين هم أكثر السكان عرضة للخطر.

سخرية المرشد

حتى الآن، كان المحافظون الأكثر تهورا، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي سخر من عروض المساعدة الطبية من الولايات المتحدة الأمريكية، قائلا إن «الولايات المتحدة قد ترسل أشخاصا كأطباء ومعالجين، ربما يريدون القدوم إلى هنا ورؤية آثار السم الذي أنتجوه بأنفسهم»، وذهب خياله إلى القول بأن الفيروس «تم تصنيعه خصيصا لإيران باستخدام البيانات الجينية للإيرانيين، والتي حصلت عليها الولايات المتحدة من خلال وسائل مختلفة».

لم يتوقف الأمر على سخرية المرشد، بل وصل إلى ادعاءات مثيرة للاشمئزاز من قائد الحرس الثوري حسين سيلامي، حيث عرض أخيرا جهاز « Mustaan « وادعى أنه يمكن أن يكتشف الفيروس التاجي.

ومن المرجح أن تؤدي إعادة فتح إيران وعودة النشاطات قبل الأوان، وعدم كفاءة حكومتها في معالجة الوباء إلى ارتفاع كبير في الإصابات والوفيات، ويتوقع أن تشهد الحكومة، التي واجهت موجات من الاحتجاجات العامة العام الماضي بسبب سوء إدارتها الاقتصادية، المزيد من الضغوط من جانب الجمهور الساخط.