الرأي

برنامج أكاديمية نيوم للدبلوم المنتهي بالتوظيف

جبريل العريشي
لطالما اعتبرت الدولة أن التعليم هو الأداة الرئيسية للتنمية والحراك الاجتماعي، ولتوفير الحد الأدنى المشترك من التنشئة الاجتماعية والتثقيفية التي تضمن الوحدة الوطنية وتحقق التماسك الاجتماعي الفعال بين مواطني المملكة.

وفي هذا الإطار فإن برنامج أكاديمية نيوم للدبلوم المنتهي بالتوظيف هو نموذج لهذا التعليم، كونه يحافظ على الثقافة والهوية الوطنية وفي الوقت نفسه ينتهي بالتوظيف. وقد أطلقت الأكاديمية هذا البرنامج الذي يستهدف تطوير المعارف والمهارات الفنية لأكثر من 6000 شخص على مدى 5 سنوات، بغرض توطين الوظائف في المجالات التي تخدم مشروع نيوم الذي يعد المشروع الأكبر من نوعه على مستوى العالم.

ولطالما اعتبر التعليم مسألة «أمن وطني»، تنطوي على بناء القدرات وتفعيل الأنظمة والإجراءات التي تضمن حماية الدولة من أي مخاطر غير متوقعة.

ومن ثم فقد كان اقتصار البرنامج على قبول الشباب السعودي من أبناء المجتمع المحلي في نيوم والمناطق المجاورة، ليكونوا شركاء في بناء هذا المشروع الحلم الذي سيسهم في بناء مستقبل أفضل للمملكة وللإنسانية - مندرجا تحت هذا المفهوم، فهو يعظم من إحساس المواطنة لدى أبناء المنطقة، ويجعلهم شركاء فيما يتحقق من نجاحات، ويبرز في الوقت نفسه المسؤولية الاجتماعية لإحدى المؤسسات الاقتصادية الكبرى، ومن ثم يؤكد دور الدولة في تحقيق الرفاهية لكل مواطنيها في كافة ربوع المملكة.

ولطالما تعرضت مؤسسات التعليم العالي في المملكة للانتقاد، من آن لآخر، بسبب عدم اتباع منهجية تستهدف زيادة فرص التوظيف للخريجين رغم الجهود العظيمة التي تقوم بها. فعلى الرغم من أن أغلب هذه المؤسسات تركز على المعرفة المتعمقة في مجالات ذات تخصصات محددة، إلا أن هذا النهج لم يلبِّ متطلبات سوق العمل، حيث تعددت الشكاوى من الفجوة بين قدرات الخريجين الذين يتقدمون للوظائف من جانب، وبين المطلب الرئيس لسوق العمل من جانب آخر. وهو المطلب الذي ينظر إلى امتلاك الخريج للمهارات التي تمكن من أداء الوظيفة فور الالتحاق بالشركة كشرط رئيس للتعيين.

ومن هنا، يعتبر هذا البرنامج أحد معالم سد هذه الفجوة، حيث تشير الدلائل الأولية إلى أنه سيقدم تعليما وتدريبا متميزين، يجري فيهما التركيز على المهارات الوظيفية جنبا إلى جنب مع التعليم الأكاديمي، كما تشير إلى أنه سيتيح لمنسوبيه الحصول على كل مزايا التعليم في الخارج من خلال الشراكات مع المؤسسات الوطنية والأجنبية ذات السمعة والمكانة، وسيوفر لهم بيئة تعليمية، لا تلبي طموحاتهم التعليمية التي تضمن لهم الحصول على وظيفة متميزة في مشروع عالمي فحسب، بل وتلبي في الوقت نفسه متطلباتهم الفكرية والاجتماعية والنفسية، وتعزز إدراكهم المعرفي وقدراتهم على الإبداع وعلى التواصل الفعال.

لذا، من المتوقع أن يمثل هذا البرنامج أنموذجا يمكن محاكاته بواسطة مؤسسات التعليم العالي الأخرى في المملكة، وترجمة مباشرة لرؤية الدولة 2030، والتي تتطلع إلى مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل.

jarishee@yahoo.com