العالم

أزمة ثلاثية تشل النظام الإيراني

خزينة بروكنجز الأمريكية: الاحتجاجات الشعبية ستتواصل ضد الاستبداد والظلم في طهران

جانب من الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في إيران (مكة)
أزمة ثلاثية تواجه النظام الإيراني، وستبقى تلاحقه سنوات طويلة في ظل القمع والاستبداد والظلم الذي يمارسه في الداخل، والإرهاب والمؤامرات والفتن التي يصدرها للخارج، كما توقع تقرير صادر عن خزينة تفكير بروكنجز الأمريكية.

وضع التقرير عددا من السيناريوهات التي ستواجه نظام المرشد الأعلى علي خامنئي، وتوقع أن يستمر القمع في ظل وجود الحرس الثوري ومؤسساته الأخرى، وأبرزها فيلق القدس ووكلاء الشر المنتشرون في شتى أنحاء العالم.

وأشار إلى أنه على مدار 4 عقود من الحكم المضطرب بعد الثورة الخمينية، أظهرت طهران قدرتها الفائقة على تحدي الاحتجاجات الشعبية وقتل المزيد من الباحثين عن الحرية. وعلى الرغم من التوقعات المستمرة بزوال النظام الإرهابي الفاشي، فإن الجميع يتفق داخل إيران وخارجها على ضياع كل الوعود التي تحدثت عنها ثورة 1979، وقبل كل شيء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولا تزال تطارد حاضرها ومستقبلها.

نضال ضد الاستبداد

يقول التقرير «لم يميز تاريخ إيران ما بعد الثورة بالركود الاستبدادي، بل تميز بالصراع المستمر بين الدولة والمجتمع على المسار الذي يجب أن تسلكه البلاد. في الواقع، وكما تظهر الحركة الخضراء لعام 2009 والاحتجاجات الشعبية 2017/ 2018، يستمر نضال الإيرانيين منذ قرن ضد الاستبداد والديمقراطية بلا هوادة».

ويضيف «في نوفمبر 2019، اندلعت احتجاجات جديدة في جميع أنحاء إيران، أثارتها زيادة مفاجئة في أسعار الوقود ثلاث مرات، وكانت هذه الاحتجاجات، من الناحية التحليلية، استمرارا للاحتجاجات على الصعيد الوطني التي جرت في 2017/ 2018، والمعروفة باسم احتجاجات داي، في حين أن احتجاجات نوفمبر أو آبان (في إشارة إلى الشهر التقويمي الإيراني) كانت متميزة عن احتجاجات داي بطرق عدة، ورأى بعض المحللين أنهما جزء من نسخة إيرانية من «العملية الثورية طويلة الأجل» التي كانت جارية في جميع أنحاء العالم العربي منذ عام 2011».

التغيير الداخلي

تهدف الورقة البحثية التي قدمها تقرير خزينة تفكير بروكنجز، إلى توفير سياق مفيد للأحداث الأخيرة، وتقترح قراءة الاحتجاجات الإيرانية في العامين الماضيين في سياق «الأزمة الثلاثية» لإيران، وتقول «بالنظر إلى الطبيعة المستمرة لهذه الأزمة، فإن الحاجة إلى التغيير الداخلي الأساس في إيران لا تزال ملحة. في الواقع، وعلى مدى العقود الأربعة الماضية أظهرت إيران، مع نظامها الثيوقراطي وشبه الجمهوري، نفسها محصنة تماما من الإصلاح الهادف، على الرغم من الضغوط المتعددة من الأسفل».

ويتناول الجزء الأول من الورقة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتلك الاحتجاجات على الصعيد الوطني «كما يتجلى في شعاراتهم القوية المناهضة للنظام، من خلال التركيز على دوافعهم الطارئة بالانتقال إلى العوامل الهيكلية»، ويعرض الجزء الثاني الأزمة الثلاثية للجمهورية الإيرانية - الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإيكولوجية - والتي تشكل تهديدا حقيقيا لأمن النظام. وفي الختام، تتناول الورقة أكثر ما يخشاه النظام ويعيد النظر في الدروس التي يمكن تعلمها من الحركة الخضراء لعام 2009، قبل تسليط الضوء على الحاجة إلى تحالفات متعددة القطاعات في إيران لتحقيق تحول اجتماعي حقيقي.

الاضطرابات مستمرة

تقول الورقة إنه في الأزمة الثلاثية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية، تشكل الأزمة السياسية مركز الثقل. إذا تم حل الأزمة السياسية، من خلال إصلاح هادف لنظام الحكم، فسيتم تسهيل حل الأزمتين الأخريين، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وعموما، فإن هذه الأزمة الثلاثية، التي من المرجح أن تسود لأن عوامل توليدها ستبقى على الأرجح دون تغيير أو تزداد سوءا، بشرت بعهد جديد في تاريخ إيران، يتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار المحتمل.

وتشير إلى أنه من أجل إحداث تحول حقيقي في إيران، سيكون من الضروري تشكيل تحالف منظم متعدد القطاعات، يحتاج إلى الجمع بين القواعد الاجتماعية والمطالب الرئيسة للحركة الخضراء (الطبقة الوسطى، التي تدعو إلى التحرير السياسي) واحتجاجات داي (الطبقات الدنيا، التي تدعو إلى العدالة الاجتماعية). وبهذه الطريقة، ستشمل جميع الحركات الاجتماعية المكونة لإيران الحديثة، بما في ذلك الحركات العمالية والطلابية والنسائية، وتمكينهم من الالتفاف والتقدم الجماعي لجدول أعمال اجتماعي واقتصادي وسياسي. ولكي يتشكل هذا التحالف، فإن «إصلاح الإصلاحية» سيكون شرطا مسبقا مهما، والذي سيسمح له بعد ذلك بالوصول إلى الطبقات الدنيا برمجيا وعمليا لتضمين شكاواهم ومصالحهم.

الاضطرابات مستمرة

وبالنظر إلى حجم الأزمة الثلاثية لإيران وغياب سياسات ذات مغزى لمعالجتها، ليس هناك ما يشير إلى أن إيران ستكون قادرة على حل أي أزمة، بينما يجد المجتمع الإيراني نفسه محاصرا بين الحاضر الغاضب والمستقبل الغامض. وتوقع تقرير خزينة تفكير بروكنجز الأمريكية أن تشهد الفترة المقبلة عددا من السيناريوهات، بما في ذلك جمهورية إيرانية مسلحة، بحكم الأمر الواقع بقيادة فيلق الحرس الثوري، ومع ذلك، حتى مثل هذا السيناريو لن يحل الأزمة الثلاثية لإيران، ولن يبطل رغبة الإيرانيين التي لا تقهر في العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد.

الاحتجاجات الشعبية

3 معتركات واجهت النظام الإيراني:
  • الحركة الخضراء 2009
  • الاحتجاجات الشعبية 2018 /2017
  • احتجاجات البنزين 2019