الرأي

لقاح الخوف..!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
أحاول إقناع نفسي أني بدأت في التأقلم مع الحياة الجديدة، وأحاول دفع أخبار وباء كورونا إلى مراكز متأخرة في قائمة الأخبار التي أهتم بها وأشتم الآخرين من أجلها، لكن هذا التكتيك لا ينفع في كل مرة، ويبدو أن سيل أخبار كورونا ما زال في أول الطريق، وصانعو الأخبار يتفننون ويبدعون في صناعتها إلى درجة أن أخبار الوباء أصبحت مخيفة أكثر من الوباء نفسه.

وأظن أن الناس كلهم سواء في هذا، ابتداء بي وانتهاء بالرئيس الأمريكي الصديق دونالد، وقد بدا لي أن أحاديث استراحتنا عن الجائحة العالمية أكثر احترافية ودقة ورصانة من تلك التي يدلي بها الصديق دونالد في ملخصاته شبه اليومية عن كورونا، وأنا واثق أننا لن نضحك كثيرا لو سأل أحدنا - على سبيل الاستظراف: لماذا لا يحقن المصابون بالمعقمات أو الصابون بما أنها تقضي على الفيروس. أظن أن الأمر سيتجاوز عدم ضحكنا من هذه الطرفة السامجة، وسنشتمه آناء الليل، وأطراف النهار.

الرئيس الأمريكي مثلنا تماما، بدأ بالتقليل من شأن الوباء ثم بدأ يقتنع في وجوده ثم بدأ يتحدث عن اللقاح القادم، ثم عرج على شتم الصين والصينيين، ثم قال مؤخرا بأن الوباء سينتهي سواء تم اكتشاف لقاح أم لم يتم. وأعتقد أنه في الملخص القادم أو الذي يليه سيقول شيئا من قبيل إن الناس كلهم سيموتون سواء بفيروس كورونا أو بدونه، ولذلك فلا داعي للتركيز على الفيروس وكأنه المتهم الوحيد بقتل الناس. فالفيروسات التي تقتل البشر كثيرة، والناس يموتون حتى دون تعرضهم للأمراض والأوبئة.

ومع أني معجب بفخامة الرئيس، خاصة في الجوانب المتعلقة بصراحته ووضوحه، ومع أنه «المدير» الذي يمكنه الحصول على أي معلومات استخباراتية يريدها من أقوى جهاز استخباراتي على هذا الكوكب، إلا شكوكا تراودني أحيانا في أنه يستقي بعض معلوماته وآرائه من الواتس اب، وأنه يشاركني إحدى المجموعات التي لا تكل ولا تمل من ترويج الشائعات في كل أوقات اليوم.

وعلى أي حال..

وبعيدا - ليس كثيرا - عن أخبار الصديق دونالد، فإن الخبر المهم الآن هو الحديث عن موجة ثانية من الوباء، ستبدأ حين يظن العالم أنه في طريق النجاة، ومع أن الخبر يبدو في مظهره مخيفا إلا أنه في واقعه ليس كذلك، فهذه الموجة الثانية ليست سوى الريح التي تهدد البلاط بأنها ستصادر ممتلكاته.

في كل مرة تخسر شيئا فإنك في واقع الأمر تتخلص من أحد مخاوفك، وحين تخسر كل شيء تصبح محصنا تماما ضد الخوف. مع أنهم لم يجدوا لقاحا لعلاج الخوف حتى الآن.

agrni@