الرأي

كورونا ونمط حياتنا الجديد

عمر المالكي
من المهم أن نقدم مفهوما شاملا لما نقصده بنمط الحياة أو العيش الذي يشمل جميع النشاطات المختلفة التي يقوم بها الفرد حسب ظروفه وإمكانياته التي غالبا ما يتخذها برغبته وقناعاته، فيما أن تغيير نمط الحياة ليس سهلا كما نتوقعه، فالإنسان الذي يعيش على وضع معين يصعب عليه الانتقال إلى الوضع الآخر، فقبل جائحة «كورونا» كان الواحد منا يعيش بطريقته الخاصة، من الزيارات الاجتماعية، وممارسة الهوايات، والسفر لأي وجهة يقصدها، والتسوق وغيرها من الأمور التي تغيرت تماما بعد جائحة «كورونا».

نعيش ولله الحمد في رغد من العيش تتعدد لدينا الرغبات، فالكل يسير - ما قبل الجائحة - بنمط معين، وينسحب ذلك حتى على الأداء الحكومي، والجامعات والمدارس التي كانت تعمل بكامل طاقاتها التشغيلية، ثم انتقلت إلى وضع آخر الكل يعلمه، بسبب الفيروس القادم من أقصى الركن الآسيوي (الصين) الذي فتك – وما زال - بالبشر، وبتنا نرى مشاهد لم نكن لنستوعبها، حيث شرطة تلك البلاد تجر الناس من سياراتهم وتجبرهم على المكوث في بيوتهم، والمستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين بالعدوى، والأطباء والممرضون في حالة طوارئ متصاعدة، حتى صنفوا في بعض الدول بـ «الجيش الأبيض».

اعتقدنا لوهلة أن الأمر محصور في تلك البقعة الجغرافية، ثم ما هي إلا أسابيع قليلة حتى أصابت العدوى العالم كله، وداهمتنا كما داهمت غيرنا، واخترقت منظومة حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وغيرت من خريطة حياتنا التفاعلية 180 درجة.

تفهمت حكومتنا هذا الوضع العالمي بمرونة عالية، فاتخذت عددا من الإجراءات الاحترازية التي أشاد بها العالم، وقدمت حزمة مساهمات مالية مليارية لتحفيز القطاع الخاص على مواجهة هذه الظروف الاستثنائية، وحدت من التجمعات البشرية، ناهيك عن القرارات الإنسانية التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بعلاج المواطنين والمقيمين ومخالفي نظام الإقامة المصابين بالمرض على نفقة الدولة، وغيرها من القرارات الجوهرية التي كان جوهرها في إدارة الأزمة «الإنسان أولا وأخيرا».. فشكرا لقيادة بلادي.

من أبرز الأنماط المهنية التي خلفتها الجائحة، الانتقال من نموذج العمل التقليدي إلى نموذج العمل عن بعد، وكانت الدولة المثال الأبرز في ذلك من خلال عقدها وترأسها أول قمة استثنائية افتراضية لمجموعة العشرين (G20) لمناقشة تبعات الأزمة على الاقتصاد العالمي، ومثلها اجتماعات جلسات مجلس الوزراء التي أصبحت تجري افتراضيا، وهو واقع تطبيقي لديناميكية إدارة هذه الدولة المباركة، وما يمكن فهمه هنا أن الحكومة استطاعت التكيف مع الواقع الجديد، والتغيير من نمط سلوكها وفق متطلبات المرحلة المفصلية التي نعيشها جميعا.

نرجع مرة أخرى إلى نمط حياتنا الذي تغير فأصبحنا غير قادرين على عقد المناسبات الاجتماعية فضلا عن حضورها، وغيرها من التبعات التي علقت لهذا الظرف الصحي الاستثنائي، لذا يجب على الجميع تنفيذ التطبيقات الاحترازية والبقاء في المنازل للحفاظ على مساري السلامة العامة والشخصية،

ورغم أننا نعيش ولله الحمد في رغد من العيش وتوفر كل المواد التموينية، إلا أن هناك من يحاول مخالفة الوضع العام إما بالمناسبات الاجتماعية أو الخروج في الأوقات المحظورة، وهذا في تصوري بسبب عدم قدرتهم على تغيير نمط حياتهم الذي اعتادوا عليه، وقصور وعيهم بخطورة انتشار هذا الفيروس، ولكن السؤال: إذا استطاعت الحكومة بكل أجهزتها تحمل العبء الاقتصادي وتغيير طبيعة عملها، أفلا يستطيع المواطن والمقيم التكيف مع النمط المعيشي المؤقت؟ أتمنى هذا.