رب نعل شر من الحفاء!
الاحد / 10 / رمضان / 1441 هـ - 01:30 - الاحد 3 مايو 2020 01:30
لا يختلف اثنان على أن التعليم عن بعد وسيلة مهمة من وسائل التعليم الحديثة، وأنه أحد أهم مفرزات التقنية التي أحدثت تطورا نوعيا في التعليم، خاصة في وضع كالوضع الذي يعيشه العالم هذه الأيام، فهو بلا شك أضحى ضرورة من ضروريات استمرار العمل، ووعاء مميزا من أوعية تطوير التعليم، ولا غنى عنه في حال الطوارئ أو وقت الأزمات، وقد لاحظنا أن الجامعات العالمية والمحلية تعتمد على التقنية الحديثة في التواصل عن بعد عند تقديم المحاضرات وإقامة المؤتمرات والندوات، وفي مناقشة الرسائل العلمية والمشروعات البحثية، وفي الاجتماعات الإدارية بين مرافق وقطاعات الجامعة الواحدة.
بينما الخلاف قد ينشأ حينما يأتينا شخص ما ويقول: إن التعليم عن بعد لم يعد منافسا للتعليم التقليدي كما تظنون، بل هو البديل الأمثل، والحل الأوحد إذا ما أردنا التخلص من عوائق وعوالق التعليم التقليدي، وهو المستقبل الذي نراه قريبا وترونه بعيدا، والمسألة لا تعدو أكثر من مجرد وقت قصير حتى يتحول التعليم كله إلى تعليم عن بعد.
والخلاف هنا ليس لأننا ضد التعليم عن بعد، لا أبدا، ولكن لأننا ضد إقامة مقارنة بين شيئين هما في الأصل متكاملان، فالتعليم التقليدي بما له وما عليه يكتمل دوره وغرضه بالتعليم عن بعد، وكذلك التعليم عن بعد لا يكفينا أن نستخدمه هكذا لوحده!
مسؤول في إحدى الجامعات غرد في «تويتر» معلنا أنهم قرروا اعتماد نظام التعليم عن بعد في الفصل الصيفي ابتداء من هذا العام وإلى ما شاء الله من الأعوام القادمة! دون أن تجري الجامعة تقييما ذاتيا لأدائها في تجربة التعليم عن بعد في الفترة الماضية، ودون أن تراجع الأخطاء التقنية، ودون إصلاح رداءة وضعف الخوادم المستضيفة، ودون معالجة بطء البرامج الالكترونية، وتأمين العدد الكافي من الأجهزة الحاسوبية، والأدهى والأمرّ من هذا كله أننا لو نظرنا لأغلب مباني الجامعة، سواء الإدارية أو القاعات الدراسية لوجدناها ما تزال «باراكسات»، وبدل أن تنهض الجامعة بنفسها وتنتقل من جامعة ناشئة إلى جامعة عصرية حديثة أصبحت مطية للمسؤول المتسول للأمجاد الشخصية الباحث عن النجاحات الوهمية!
في الفصل الدراسي الحالي اضطررنا للجوء إلى استخدام التعليم عن بعد بسبب الحجر الصحي الناتج عن جائحة كورونا، على ما فيه من صعوبات وضعف إمكانات، فهو كما يقال حيلة المضطر، ولكن السؤال المهم الذي ينبغي طرحه، خاصة أن الدراسة ستنقضي بعد أسبوعين: ما المبرر المنطقي وما هي الحاجة الماسة لإقامة فصل صيفي في ظل استمرار ظروف كورونا؟ ولا سيما أن الفصل الصيفي فصل اختياري، ومتروك لحاجة الطالب وإمكانية الجامعة البشرية والمالية، وفوق هذا كله تضاف له مساوئ التعليم عن بعد!
الواقع يقول إنه لا يوجد مبرر منطقي مقبول لهذا التصرف المندفع من بعض الجامعات، إلا ليقال هأنذا، بل إنه كان ينبغي للمسؤولين عدم التسرع في التوجه نحو إقامة الفصل الصيفي هذا العام، إلا بعد دراسة متأنية وتقييم دقيق لنتائج الفصل الحالي، فربما اعترفوا بقصور الأداء في التعليم عن بعد، فيصدق فيهم المثل العربي: رب نعل شر من الحفاء!
إن كان ولا بد من إجراء المقارنات بين التعليم التقليدي والتعليم الافتراضي، واختيار واحد منهما، فلا بد أن نسهب في الافتراضات والأخيلة والتصورات، وعلينا أن نبدأ بـ «تكنجة» الإدارات الأكاديمية و»أكترة» قطاعاتها، بمعنى أن نعمل التكنولوجيا إعمالا مباشرا في كل مرافق الجامعة، ونحول كل الأعمال الإدارية الخاضعة للقوى البشرية إلى أعمال الكترونية صرفة، بما في ذلك استبدال الإدارات العليا بـ «روبوتات» لا تخترقها الفيروسات، وعندئذ سأكون أول من يصفق لهذا التحول الافتراضي السريع!
أليس من الحكمة وبعد النظر المزاوجة بين التعليم التقليدي والافتراضي، بحيث يكونان مكملين لبعضهما، ويعملان بالتبادل متى ما دعت الحاجة؟! بلى فهذا هو المنطق السليم، أما الإصرار على الفصل بينهما واختيار التعليم الافتراضي ليحل مكان التعليم التقليدي اندفاعا مع رغبة مسؤول أو تحقيقا لنجاحات إعلامية هلامية فإن هذا لهو الوجه الآخر للفساد الأكاديمي، بعد أن كشف فيروس كورونا البنية التحتية الضعيفة للتعليم الالكتروني رغم ما صُرف عليه من أموال طائلة، خاصة في الجامعات الكبيرة!
drbmaz@
بينما الخلاف قد ينشأ حينما يأتينا شخص ما ويقول: إن التعليم عن بعد لم يعد منافسا للتعليم التقليدي كما تظنون، بل هو البديل الأمثل، والحل الأوحد إذا ما أردنا التخلص من عوائق وعوالق التعليم التقليدي، وهو المستقبل الذي نراه قريبا وترونه بعيدا، والمسألة لا تعدو أكثر من مجرد وقت قصير حتى يتحول التعليم كله إلى تعليم عن بعد.
والخلاف هنا ليس لأننا ضد التعليم عن بعد، لا أبدا، ولكن لأننا ضد إقامة مقارنة بين شيئين هما في الأصل متكاملان، فالتعليم التقليدي بما له وما عليه يكتمل دوره وغرضه بالتعليم عن بعد، وكذلك التعليم عن بعد لا يكفينا أن نستخدمه هكذا لوحده!
مسؤول في إحدى الجامعات غرد في «تويتر» معلنا أنهم قرروا اعتماد نظام التعليم عن بعد في الفصل الصيفي ابتداء من هذا العام وإلى ما شاء الله من الأعوام القادمة! دون أن تجري الجامعة تقييما ذاتيا لأدائها في تجربة التعليم عن بعد في الفترة الماضية، ودون أن تراجع الأخطاء التقنية، ودون إصلاح رداءة وضعف الخوادم المستضيفة، ودون معالجة بطء البرامج الالكترونية، وتأمين العدد الكافي من الأجهزة الحاسوبية، والأدهى والأمرّ من هذا كله أننا لو نظرنا لأغلب مباني الجامعة، سواء الإدارية أو القاعات الدراسية لوجدناها ما تزال «باراكسات»، وبدل أن تنهض الجامعة بنفسها وتنتقل من جامعة ناشئة إلى جامعة عصرية حديثة أصبحت مطية للمسؤول المتسول للأمجاد الشخصية الباحث عن النجاحات الوهمية!
في الفصل الدراسي الحالي اضطررنا للجوء إلى استخدام التعليم عن بعد بسبب الحجر الصحي الناتج عن جائحة كورونا، على ما فيه من صعوبات وضعف إمكانات، فهو كما يقال حيلة المضطر، ولكن السؤال المهم الذي ينبغي طرحه، خاصة أن الدراسة ستنقضي بعد أسبوعين: ما المبرر المنطقي وما هي الحاجة الماسة لإقامة فصل صيفي في ظل استمرار ظروف كورونا؟ ولا سيما أن الفصل الصيفي فصل اختياري، ومتروك لحاجة الطالب وإمكانية الجامعة البشرية والمالية، وفوق هذا كله تضاف له مساوئ التعليم عن بعد!
الواقع يقول إنه لا يوجد مبرر منطقي مقبول لهذا التصرف المندفع من بعض الجامعات، إلا ليقال هأنذا، بل إنه كان ينبغي للمسؤولين عدم التسرع في التوجه نحو إقامة الفصل الصيفي هذا العام، إلا بعد دراسة متأنية وتقييم دقيق لنتائج الفصل الحالي، فربما اعترفوا بقصور الأداء في التعليم عن بعد، فيصدق فيهم المثل العربي: رب نعل شر من الحفاء!
إن كان ولا بد من إجراء المقارنات بين التعليم التقليدي والتعليم الافتراضي، واختيار واحد منهما، فلا بد أن نسهب في الافتراضات والأخيلة والتصورات، وعلينا أن نبدأ بـ «تكنجة» الإدارات الأكاديمية و»أكترة» قطاعاتها، بمعنى أن نعمل التكنولوجيا إعمالا مباشرا في كل مرافق الجامعة، ونحول كل الأعمال الإدارية الخاضعة للقوى البشرية إلى أعمال الكترونية صرفة، بما في ذلك استبدال الإدارات العليا بـ «روبوتات» لا تخترقها الفيروسات، وعندئذ سأكون أول من يصفق لهذا التحول الافتراضي السريع!
أليس من الحكمة وبعد النظر المزاوجة بين التعليم التقليدي والافتراضي، بحيث يكونان مكملين لبعضهما، ويعملان بالتبادل متى ما دعت الحاجة؟! بلى فهذا هو المنطق السليم، أما الإصرار على الفصل بينهما واختيار التعليم الافتراضي ليحل مكان التعليم التقليدي اندفاعا مع رغبة مسؤول أو تحقيقا لنجاحات إعلامية هلامية فإن هذا لهو الوجه الآخر للفساد الأكاديمي، بعد أن كشف فيروس كورونا البنية التحتية الضعيفة للتعليم الالكتروني رغم ما صُرف عليه من أموال طائلة، خاصة في الجامعات الكبيرة!
drbmaz@