تفاعل

الأخصائيون الاجتماعيون وجائحة كورونا

جابر العصيمي
جائحة كورونا خطر يهدد البشرية أجمع، وما زالت كل الدول تقاوم هذه الجائحة، وتسعى من خلال العمل المستمر والدؤوب للوصول إلى علاج أو لقاح فعال لها. وما سببه سرعة انتشار الفيروس وانتقاله بين الناس من ضغط كبير على الأنظمة الصحية لمختلف بلدان العالم، كذلك الدور السلبي الذي لعبته وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من بث الأخبار المغلوطة وتضخيم بعض الأحداث المتعلقة بالجائحة، مما جعلها تتسبب في الذعر والخوف والقلق بين الناس.

ومع هذه الانتشار ودخول المرضى للمؤسسات الطبية، لطلب الخدمات الصحية، يزداد الطلب على خدمات الأخصائيين الاجتماعيين الطبيين، مما يتطلب ممارسين مهنيين لديهم حس المسؤولية، وروح المبادرة، والعمل على مساعدة عملائهم على أكمل وجه مستعينا بمعرفتهم العلمية والمهارية والقيمية. والإصابة بهذا المرض كغيره من الأمراض سيخلق العديد من المشكلات للمريض، وهي مشكلات معقدة ومترابطة (صحية، اجتماعية، نفسية، اقتصادية...إلخ)، مما يتطلب تدخلات طبية واجتماعية ونفسية موازية لها، وهذا هو حجر الأساس الذي بنيت عليه الخدمة الاجتماعية الطبية وما دعا إليه ريتشارد كابوت من ضرورة توفر العلاج النفسي والاجتماعي، كداعم ومواز للعلاج الطبي.

وكما هو معروف فإن المرض ليس مشكلة المريض وحده، بل تمتد آثاره إلى أسرته وعمله ومجتمعه، مما يتطلب تدخلا من جانب الأخصائيين الاجتماعين على كل المستويات للعمل على سرعة تماثل مرضاهم والعمل على العودة لاستقرارهم الاجتماعي.

ومع هذه الأزمة لا بد أن ننظر كأخصائيين اجتماعيين إلى أبعد من ذلك، وما يمكن أن تلعبه السياسات الاجتماعية من دور مهم، فسياساتنا الاجتماعية الحالية ولله الحمد، وبدعم من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، أثبتت جدواها في التصدي لهذه الجائحة، لأنها سياسات متعددة الجوانب ومتكاملة تسعى إلى إشباع الاحتياجات الإنسانية المختلفة وتحافظ على قيمة الإنسان فوق القيم الاقتصادية، بينما المشهد العام لبعض الدول المختلفة يثبت عكس هذه المعادلة، مما يثبت حرص حكومتنا على العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

كذلك أقرت حكومتنا وفقها الله العديد من السياسات الاجتماعية المؤقتة التي تستهدف التقليل من آثار هذه الجائحة على كل المستويات من خلال قوانين العمل التي تحافظ على أحقيه الناس بالعمل، والحفاظ على وظائفهم، والدعم لمؤسسات القطاع الخاص المختلفة.

وعمل الأخصائيين الاجتماعيين لا ينحصر كما أوردنا في جانبه العلاجي والإنمائي، بل يذهب إلى ما قبل ذلك إلى الجانب الوقائي والمحافظة على سلامة المواطنين وحمايتهم، وتتمثل الوقاية في توعية الناس بهذا المرض وطرق انتقاله، وأساليب الوقاية منه، وإذا أردنا أن نحصر هذا الدور في المجال الطبي، لهو منوط بالأخصائيين الاجتماعيين العاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية، ووزارة الصحة دعمت مراكز الرعاية الصحية الأولية بعدد لا يستهان به من الأخصائيين الاجتماعين، مما يتطلب إبراز دورهم في هذا الجانب المهم.

وبالنهاية يمكن أن نلخص الدرس المستفاد من هذه الجائحة:

1- تبيان أهمية دور الأخصائيين الاجتماعيين،خاصة العاملين في المجال الطبي والدور الكبير الذي يلعبوه في التصدي لهذه الجائحة، وأرى أنه يجب أن يكون دور أوليا في هذه الأزمة تحديدا.

2- عملت هذه الجائحة على اختبار وتقييم سياستنا الاجتماعية والتي أثبت كفاءتها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين حفظهم الله، بل والدعم اللامحدود من خلال إقرار سياسات مؤقته تقلل من الآثار بشكل كبير، وتعطينا مثالا يوضح أهمية السياسات الاجتماعية وأثرها في حياة الناس.

3- تبيان أهمية دور الأخصائيين الاجتماعين في المجال الوقائي، خاصة العاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية للتصدي لهذه الجائحة، وما يمكن أن يقدموه من دعم ومساندة لزملائهم من متخصصي الصحة العامة.