الرأي

رمضان اليتيم

أحمد صالح حلبي
اعتدنا ونحن نستقبل شهر رمضان في كل عام أن نتغنى فرحا بقدومه، فهو الشهر الذي نعطر نهاره بتلاوة القرآن، وصيامه، ونضيء مساءه بصلاتي التراويح والقيام، وبشائره المحملة بالخير تجعلنا نردد «أهلا بشهر الخير.. أهلا رمضان»، غير أن رمضان هذا العام جاء مختلفا عن سابقيه، نتيجة لجائحة كورونا التي ضربت العالم، فغابت سفر الإفطار عن ساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي، والجوامع والمساجد، وأصبحت صلاة التراويح وربما العيد تؤدى في البيوت، امتثالا لما قاله سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، «إنه في حال تعذر إقامة صلاتي التراويح والعيد في المساجد، بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات المختصة لمكافحة انتشار جائحة كورونا المستجد، فإن الناس يصلونها في بيوتهم».

وإن ابتعد قربنا وتفرقت جمعتنا، فعلينا أن نضع استعداداتنا لرمضان هذا العام كما نضعها كل عام، فهو شهر عظيم تفضل الله فيه على عباده بنعم لا تعد ولا تحصى، ففيه نزل القرآن الكريم، قال تعالى «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون».

وفيه تفتح أبواب الجنان، وتصفد الشياطين، وتغلق أبواب النيران وتعتق الرقاب، كما قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم «أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم». (النسائي وابن خزيمة وصححه الألباني).

وعلينا أن ندرك روحانية هذا الشهر حتى وإن ألغى جمعتنا العائلية، وغيب ماء زمزم عن سفر إفطارنا، ليكون يتيما دون الأشهر التي عشناها في الأعوام الماضية، وأن نواصل الدعاء بأن يرفع الله الغمة عن الأمة ويزيل الوباء ويعيد البسمة على الشفاه، وأن نستمر في دعم ومؤازرة الفقراء والمحتاجين، قال صلى الله عليه وسلم «من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا». (الترمذي والنسائي وابن ماجه).

وأن نحمد الله أن مد في آجالنا، وتفضل علينا فأدركنا رمضان هذا العام، فهنيئا لمن أدرك شهر الرحمة والغفران، وفاز بالعتق من النيران، وعلينا أن نستقبل ونودع رمضان بأجمل العبارات، محملة بالدعوات بعودته ونحن في أحسن حال، وقد تغيرت الأحوال للأفضل، وأن نغيب كلمات الحزن والأسى في استقبالنا له، ونضع مكانها ابتسامة الأمل لغد أفضل، فرمضان شهر يتسابق فيه الرابحون، فهنيئا لكل من تنعم فيه بالصيام والقيام والصدقات.

ahmad.s.a@hotmail.com