الرأي

مهمة طارئة لطفلي

سامية عاطي الطويرقي
تحدثت في مقال سابق عن مهمة (حارس الصحة في المنزل)، فهل فكرنا كيف ستكون تلك المهمة التي قررنا إعطاءها للطفل لكي تجعله جزءا من المجتمع، وليتحمل فيها المسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين من حوله؟

هذه المهمة الطارئة ليست مجرد دور، وإنما طريقة لحماية مشاعره في ظل ظروف جعلت من التقرب والاحتضان والتقبيل مشكلة، بل خطورة، وبما أن لكل دور في الحياة مهام فكذلك حارس الصحة له مجموعة من المهام، يجب تعريف الطفل بها من خلال جلسة هي أشبه بعقد بين الطفل والأم أو الطفل والأب، لتلك الجلسة آداب لا بد أن نذكرها ونسجلها، فأولا من الواجب إشعار الطفل في هذه الجلسة بالجدية والمسؤولية والالتزام.

لا بد أن تكون الجلسة فرصة يُسمح للطفل فيها بالتعبير عن مخاوفه ومعرفة كل ما وصل للطفل من معلومات عن فيروس كورونا، مما يمكن أن يكون صحيحا أو مغلوطا، وخلال الحديث يجب الانتباه لموضوع الوقت، فإعطاء الطفل الوقت الكافي للتعبير يساعده في استرجاع الأفكار من الذاكرة وتهدئة مشاعره وتخفيف التوتر، وهو ما يعتبر حماية نفسية للطفل مع التأكيد على نقطتين أساسيتين للتعامل مع الطفل، الأولى عدم إنكار مشاعره في حال عبر عن خوفه من الموضوع، والثانية عدم التقليل من خطورة المرض من باب طمأنته، وبدلا من ذلك بجري تعريف الطفل أن هناك أمورا في الحياة تكون فيها خطورة، ولكن التعامل معها بحذر يفقدها خطورتها، والتعامل بتساهل واستهتار يجعلها أكثر قوة مما قد يعرضنا للخطر.

وبعد الحديث عن الفيروس والتأكيد أنه مجرد فيروس جديد وعلى مر الأزمان ظهرت العديد من الفيروسات المختلفة، وعانى الناس من وجود بعض الأمراض المعدية، إلى أن التعامل بطرق احترازية والمحافظة على الصحة؛ تشكل حماية بإذن الله تعالى، وهذه فرصة لتعليم الطفل عن الأمراض المعدية وطرق الوقاية منها بشكل عام.

تبدأ جلسة العقد بسرد المهام للطفل مع بث الثقة في نفسه، خاطب طفلك كالتالي: سنسرد لك يا حارس الصحة بمنزلنا (ويمكن في حال وجود أكثر من طفل أن يكون هناك حراس للصحة) بعض المهام التي سوف تقوم بها لنفسك أولا ثم للآخرين ثانيا، وسيحوي هذا العقد مهام تخصك وأخرى تخصك تجاه الآخرين، ونبدأ قراءة العقد على الطفل، مثلا: على حارس الصحة أولا أن يهتم بتناول الغذاء الصحي لرفع مناعته، ويمارس بعض التمارين الرياضية، ويراعي الاشتراطات الصحية من ناحية غسل اليدين قبل وبعد كل وجبة، وغسلهما قبل ملامسة الوجه وبعد ملامسة الأسطح المختلفة للكتب أو الألعاب أو الطاولات والكراسي، على أن لا تقل مدة الغسيل عن 20 ثانية، عليه أيضا في حال الرغبة بالعطاس أو الكحة أن تكون بالطريقة الصحيحة باستخدام مناديل ورقية مع التأكيد على أهمية التخلص من المناديل في سلة المهملات.

ثم يأتي دور حارس الصحة تجاه الآخرين: على حارس الصحة أن يراقب وجود مسافات كافيه بين أفراد الأسرة، ويشاركهم في تنظيف وتعقيم الأسطح والأدوات في المنزل ويذكرهم بتجنب التقبيل والعناق مطلقا بين أفراد الأسرة (وهو بالأصل السبب الذي صممت مهمة الحارس من أجله)، وكذلك التأكيد على الالتزام بالجلوس في المنزل حتى لا يكون هناك اختلاط بالآخرين، وفي حال الخروج يكون لشخص كبير وللضرورة فقط، ويمنع خروج الأطفال من المنزل للذهاب للتسوق والتجمعات حماية للجميع.

في ذلك تعويد للأطفال على اتباع التعليمات والإرشادات وتحمل المسؤولية الاجتماعية. وعلى كل أسرة إضافة ما تراه مناسبا من قوانين بحسب عمر الطفل ومستوى نضجه، لتجعله الحارس بدلا من أن تشعره بوجود قيود.

وأخيرا يجري التوقيع على العقد من الطرفين، ويعلق في مكان بارز تراه كل العائلة، كما يمكن تصميم شعار يرتديه الطفل كل صباح لتذكيره بدوره تجاه العائلة، ويمكن أن يضاف إلى الشعار رمز يحصل عليه الطفل كتعبير عن مدى التزامه، كإضافة نجمة أسبوعيا أو كل عشرة أيام، وهكذا حتى تنتهي هذه الأزمة بحول الله وقدرته.