من فوائد كورونا الذي لا يزال يعيث في الأرض فسادا أنه كشف أن كثيرا من منازلنا بنيت من أجل الآخرين، وأنها في الغالب لا تصلح للبقاء فيها فترات طويلة، هي محطات استراحة قصيرة وليست أماكن يمكن الإقامة فيها بشكل متواصل.

وأن هذه المنازل - في الغالب - لا تتوفر فيها وسائل الراحة ولا وسائل السلامة، والحقيقة أني أعتقد أن هذا أمر لا يخصنا وحدنا في هذا الكوكب، ولكنه ملاحظ عندنا أكثر من غيرنا، خاصة أن أغلب المساكن بناها وخططها من يسكنها.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر و»السلامة عند طاريها» فإن الدفاع المدني هذه الأيام يقوم بحملة توعوية بمناسبة شهر رمضان، وهي حملة تقوم في أساسها على التذكير بوسائل السلامة والاحتياطات التي يجب أن تتبع في هذا الشهر، بحكم أنه شهر يكون المطبخ هو أهم غرف المنزل وأكثرها نشاطا لأسباب غير مفهومة.

وحسب الأرقام في السنوات الماضية فإن نسبة الحوادث المنزلية والحرائق والإصابات تقع في هذا الشهر، وفي هذا الجزء تحديدا من المنزل.

والمتوقع - وأتمنى ألا يكون توقعي في مكانه - أن يكون هذا الشهر من هذا العام أكثر حوادث بحكم كثرة الطباخين وبقاء الملاقيف في المنازل بحكم الحجر الصحي. ولذلك فإن توخي الحذر والأخذ بأسباب السلامة يفترض أن يكونا هذا العام أكثر من أي عام مضى.

سيكون نقل المصابين - لا سمح الله - أكثر صعوبة، والمشافي قد تكون منشغلة بالوضع الذي تراه وتقرأ عنه وتشاهد أخباره، ولذلك فإن حرصك واهتمامك بالسلامة في منزلك ليسا أمرا يخص سلامتك أنت وعائلتك فقط، ولكنه سيكون مساهمة مشكورة منك في سلامة آخرين أيضا قد يكونون في حاجة للمشفى أكثر من حاجتك التي صنعها إهمالك في أمور في مقدورك أن تتجنبها.

وسيكون لطيفا وجميلا ومفيدا لو استغللت جزءا يسيرا من وقت فراغك الطويل هذه الأيام، في أن تشاهد مع أفراد أسرتك والعاملة التي تساعدكم دروسا تثقيفية حول وسائل السلامة والإسعافات الأولية، وكيفية تجنب المخاطر التي تأتي من المطبخ. ساعد الدفاع المدني والهلال الأحمر والمشافي والطرقات وساعد نفسك في أن تتجنب ما يمكن تجنبه بقليل من الاهتمام.

وعلى أي حال..

أتمنى السلامة للجميع، وأن تمر هذه الأزمة بسلام، والأهم من كل هذا أن تتغير طريقة تفكيرنا في منازلنا لتكون أكثر راحة وسلامة وأمنا، وأن لا تكون هذه الأفكار مؤقتة ثم ننساها بعد أن نعبر إلى الضفة الأخرى، ونعود كما كنا، نعتبر المنازل مخصصة للضيوف فقط، وننظر إلى وسائل السلامة كترف لا مبرر له.

حفظ الله الجميع، وحفظني بالطبع.

agrni@