الرأي

أطباؤنا في الخارج.. قوتنا الناعمة بوسام الإنسانية

فارس الهمزاني
يأتي التعليم على ذهن كل فرد عندما يكون الحديث حول القوة الناعمة كأداة مهمة تساهم في تعزيز الصورة الإيجابية للدول، وكممارسة للدبلوماسية الشعبية أو العامة، مما يسهم في تعزيز التواصل الإيجابي مع البلد المضيف والتبادل المعرفي والثقافي والتعليمي، بما يحقق المصالح المشتركة.

إن بقاء أكثر من ألف طبيب وطبيبة مبتعثين للدراسة في مراحل البورد أو الزمالة بالتخصص الدقيق بالدول الغربية، وتحديدا في أوروبا وأمريكا وكندا من أجل المشاركة الطبية والمجتمعية بخدمة تلك البلدان تجاه جائحة كورونا، رغم توفير الطائرات السعودية لإجلائهم مع أسرهم، لهو أمر عظيم يستحق ألا يمر على الإعلام بشكل عام والإعلام الخارجي تحديدا دون أن تكون هناك وقفة جادة.

في السابق كان إعلامنا الخارجي وأحيانا الداخلي يُتهم بتمرير الدعاية Propaganda للأعمال الإنسانية والثقافية والمعرفية، بالرغم من حقيقتها لأننا نقدمها لمقاصدها. وأحيانا تتحول الصورة الإيجابية إلى معارك إعلامية لتصحيح الصورة وإيضاح الهدف المقصود، من أجل إثبات صدق وحسن النوايا! ومن المعروف أن الدعاية غالبا تمرر في اتجاه واحد، في حين القوة الناعمة ذات اتجاهين، وهذا ما يقوم به الأطباء في الخارج في الواقع المعاش، فماذا قدمنا لهم تجاه هذه الأعمال الإنسانية خلال كارثة كورونا؟

إن تمرير أخبار مقتضبة في الصحافة المحلية وبضع تغريدات بلغة البلد المضيف لا يعلق عليها إلا المئات - وهم يشكرون على ذلك - لا يتواكب مع حجم الرسالة السامية التي يقوم بها الأطباء، فهم يعرضون أنفسهم للعدوى ويقدمون في الوقت نفسه أنموذجا مشرفا لمملكة الإنسانية، كصورة مصغرة عن أي سعودي بما يحقق الصورة الجميلة للإسلام المعتدل والعطاء الحافل ونبل المواطنة. وهنا تقع المسؤولية على المثقفين والإعلاميين والدبلوماسيين في إبراز هذا الجانب المشرق.

عالميا، أتعجب من تحول حكاية إنسانية بسيطة أو موقف شجاع إلى فلم سينمائي يتسابق الناس عليه في شباك التذاكر، أو كتاب يتصدر أعلى المبيعات أو قصة خبرية يتداولها البشر لعدة شهور، ونحن هنا كل طبيب وطبيبة يملك حكاية! أتمنى من مبدعي القصة والرواية والسيناريست كتابة نصوص حول هذه التجربة الفريدة، والإعلاميين والدبلوماسيين المتمكنين في الخارج أيضا، بنقل الصورة بلغة البلد المضيف.

خلال هذه الأزمة وإحقاقا للحق، فإن ما قام به وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ تجاه خدمة ودعم الأطباء والطلاب المبتعثين بتسهيل مهامهم بعدة قرارات، كان له الأثر الكبير بتخفيف قلق المستقبل. وعندما يأتي ذكر الملحقيات الثقافية والمبتعثين يبرز اسم الدكتور حاتم المرزوقي نائب وزير التعليم للجامعات والبحث والابتكار، الذي عرف عنه كقائد في إدارة الأزمات وتجربة سفير2 خير شاهد على ذلك، علاوة على دعمه ومتابعته اليومية للطلاب المبتعثين عبر الملحقيات الثقافية.

وهنا أسوق اقتراحا لوزارة التعليم كونها المشرفة على الملحقيات الثقافية تجاه الأطباء المخلصين الأوفياء الشجعان في الخارج، تجاه قوتنا الناعمة التي تمارس أعمالا جليلة وإنسانية، تبرز فيها الصورة الحقيقة لبلادنا العظيمة في ظل قيادة ملكنا الغالي وولي عهدة الأمين قائد التغيير؛ بأن يتم منح (وسام) لكل طبيب وطبيبة جازفوا وفضلوا عدم العودة إلى الوطن حبا بتقديم رسالتهم السامية، والبقاء في البلد المضيف، مشاركين خلال هذه المحنة العالمية والوباء الخطير.

عندما يعود هؤلاء الأطباء للوطن والأوسمة على صدورهم بشعار وزارة التعليم ثم يحكون للأجيال القادمة قصص الإنسانية ومواقف الشهامة وأسرار المعاناة وأرق الليالي ورهاب العدوى؛ عندها سوف نخلّد مجدا عريقا لبلادنا العظيمة!

@FaresAlhammzani