الرأي

الصحة تاج على رؤوسنا

قبل وأثناء كتابة هذا المقال تنتابني حالات تقودني إلى أن أسأل نفسي أكثر من سؤال، ويراودني مع ذلك شعور داخلي يتزايد يوما بعد يوم ليستفز انفعال الخوف المصاحب كلما طرأ على مسمعي خبر ازدياد نسبة أعداد المصابين بفيروس كورونا، منذ بداية ظهوره إلى أن تفشى وحصد العديد من الأرواح محليا وإقليميا ودوليا، ولا أخفي على القارئ الكريم سرا بأن وضعي الآن وكلما استرقت النظر إلى هاتفي المتنقل لأي رسالة كورونية، تتجدد لدي حالة من الحيرة النفسجسمية، تؤرقني نفسيا وترهقني جسديا، وبزعمي أن ذلك حال كثيرين ممن تعتريهم درجة القلق الصحي الذي يرفع، بالتالي من درجة العناية والرعاية الذاتية، ولمن هم في دائرة المسؤولية من حولنا.

وعودا على ما قد بدأته، فإن انفعالي يدفعني إلى أن أطرح عددا من التساؤلات، تجعلني أكثر تصورا للموقف وأعمق تجسيدا لأي ظرف:

ماذا لو لم يؤخذ القرار الحكيم والجريء من حيث إغلاق الحرمين الشريفين لهذه الفترة الحرجة، وإيقاف الصلوات في جميع المساجد؟

ماذا لو لم تحدث التدخلات الاستباقية الصارمة من قبل الدولة رعاها الله بوقف الدراسة، ووقف الأعمال ومعظم الأنشطة التجارية؟

ماذا لو لم تتخذ الاحتياطات الاحترازية والتدخل السريع من عزل المدن والمناطق والأحياء، لوقف الزحف الجائر لفيروس كورونا؟

ماذا كنا فاعلين إذا تم تجاهل التدفق المطرد لأعداد المصابين ولم يتم التدخل في الوقت المناسب؟

ما الذي سيخلصنا بعد قدرة الله وحفظه لنا من هذه الجائحة التي لا ترحم صغيرا ولا شيخا كبيرا؟

وأخيرا: ما هي السياسات الصحية التي ستتبعها المملكة في ظل تقهقر معظم الدول الكبرى التي تمتلك العلم والعمل والأبحاث والباحثين؟

بعد كل هذه العلامات الاستفهامية، أجدني أتساءل وأتساجل مع ذاتي. صحيح، كل شيء بتدبير العليم الخبير، وأن جانبنا الإيماني هو سلاحنا لقادم الأيام لمواجهة هذه الجائحة، وثقتنا راسخة مصداقا لقوله تعالى (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)، وإحقاقا لقول رسوله عليه الصلاة والسلام (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)، وهذا ما يزيد لدينا الشعور الإيجابي بقرب خلاصنا من هذا الوباء بإذن الله.

ومنذ صدور القرار بتعليق الدراسة، والدوام في الأجهزة الحكومية والعاملين في القطاع الخاص، واستثناء بعض الجهات ومنها العاملين في المجال الصحي ومن في حكمهم للبدء بإجراءات التصدي لوباء «كوفيد 19»، استبشرت واستبشر كثيرون بأن وزارة الصحة بدأت استراتيجية الاستجابة السريعة، وطبقت القواعد الإدارية واللوجستية في إدارة الأزمات، وعقد الاجتماعات الطارئة، برئاسة معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، لعقد ورش العمل لاستخلاص المعرفة من خلال أطروحات العصف الذهني التكاملي الطارئ، وخروج معاليه ممثلا لفريق عمل الوزارة بفيديو توعوي مصور تم عرضه على معظم القنوات كسابقة احترازية توعوية من الوباء، في غضون 12 يوما تقريبا.

كما تم جمع ممثلي الجهات الحكومية المعنية، كالتجارة والأمن العام والتعليم والبلدية لسرعة إصدار القرارات وتطبيقها من خلال غرفة عمليات متقدمة وآنية، للإجابة عن تساؤلات الصحافة والإعلام لإفادة الرأي العام بآخر المستجدات بقيادة المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي، والتي أثلجت صدورنا بحق كمواطنين ومقيمين بالإجابة الشافية والكافية عن كل التساؤلات، والتي تجعل الجميع في دائرة المسؤولية. وآخرها ما جرى من جولات ومسوحات عشوائية لعدة مناطق، كشفت عديدا من الحالات المصابة التي تتزايد يوميا بشكل ملحوظ.

إن كل هذه الإجراءات الوقائية والعلاجية التي تجري خلف الكواليس من جنود الصحة من الكادر الطبي والتمريضي والإداري، والذين يعملون على قدم وساق ضمن خطط عمل مدعومة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ومرسومة من قائد هذه الوزارة بأفكاره وخبراته العلمية والعملية، والتي مكنته خلال أربع سنوات من النهوض بهذا القطاع الإنساني الحساس المعني بصحة الإنسان، جعلت منه بحق محركا لمنظومة الوزارة العامة والخاصة.

ولا تزال وزارة الصحة بجنودها الشرفاء وقادتها العظماء تبذل أقصى الجهود المطمئنة، والتي تعمل على خفض مستوى القلق العام بفضل الله. ولا نملك في هذه الفترة سوى الدعاء الوفير والشكر الجزيل لكم يا وزارة الصحة، على مواقفكم المشرفة التي ستبقى تاجا على رؤوسنا، ووساما على صدورنا يردده تاريخنا.

@Yos123Omar