الرأي

في مجموعتنا مثقف داعشي

شاهر النهاري
قد يستطيع المرء إخفاء مشاعره وحقيقة انتماءاته السياسية والدينية والفكرية على من يشاركهم مجموعة (واتس اب)، ولكنه ومهما حرص وحاول التجمل والظهور كمثقف ديمقراطي متقبل لجميع الآراء، وحتى ولو كان عمله أو موقعه الاجتماعي يتطلب منه الظهور بصورة المثقف الوطني المسؤول؛ يظل مكشوفا أمام الأعين الواعية والفكر الواثق القادر على الربط بين مختلف الجمل والصور ونشر الاختيارات الظلامية المنقولة، بتوقيتات غير عشوائية!، يبدع في دسها بين مشاركاته بدهاء وخبث وتحايل لفظي وحواري ومقارنات لتمرير الفكر الأعوج، الذي يحمله ويقدسه مهما تجمل ومهما تأنق ونقش الكلمات بالبراءة، ونثر الزهور والبسمات، أو اختبأ خلف علامات التعجب والاستنكار. ودون الدخول في النوايا، ولكن الأمر في منتهى الوضوح وإن لم يتسن لجميع المشاركين معه في المجموعة الإقرار بذلك كنوع من التأدب واحترام المكانة التي يمثلها، إلا أن الأغلبية منهم يظلون يتحينون فرصة للبوح بما يشعرون به لفضح حاله المعوج. وأكثر الأطياف التي تظهر ملامحها واضحة بشذوذ وخبث وعشق للتفرد في خفاء وزئبقية، وتحت ستار من ادعاء النزاهة هم من نجدهم داعشيي الهوى والأسس والتربية والتعليم والفكر والتركيب، فلهم وجهات نظر متشددة موالية بحذر للضلال والعنف، وتأرجح لقيمهم، وتلميح وتبرير وتشتت لمسار المنطق الفكري، رغم أنهم في نهاية كل محادثة لا ينسون أن يتبرؤوا من داعش باعتبارها لا تمثل نهج السلف القويم، بمنطق متناقض، وعشق لفكر المؤامرة، ولا ينسون أن يبرزوا ويضخموا الزلات من حولنا كشعوب وحكومات لدرجة التكفير. إننا أمام حالات تناقض عظيمة التعقيد، آن لها أن تُدرس من جميع الزوايا، وأن تفضح، وتُحجم، لأن هؤلاء المتسترين بيننا، هم من ينخرون في صلابة فكر مجتمعاتنا أكثر من غيرهم، وهم من يرفعون البيارق السوداء في حروب فساد تؤيد الباطل. هؤلاء هم الخطر الحقيقي على ثقافتنا وعلى عقولنا، خصوصا من وهبهم الله قدرة البيان والحفظ، واستخدام الآيات والأحاديث في غير مواضعها، أو كان لهم مناصب ثقافية، ومنابر علنية يتحدثون من خلالها بأصوات عالية مخادعة تنادي بالوطنية واللحمة والحريّة، بينما تجد في عسلهم السم مدسوسا يتجرعه كل من لا يتفكر في حقيقة أقوالهم من تدليس مطرز بالعاطفة العمياء. كلامي هنا ليس إلا رسالة لعلها تصل إليهم ليعلموا كم هم مكشوفون بيننا، حتى وإن لم يتجرأ أحد من معارفهم أو زملائهم على تبيان ذلك لهم علانية، أو على شكل مزاح يحمل بين جوانحه رزحة!. ونصيحتي لنا جميعا بضرورة عدم استخدام وسائل التطنيش والمجاملة والمداهنة معهم كونهم يستمرون خنجرا يذبح أعناق وجهات نظرنا، وعقولنا، ويحرقون أفكارنا، وينامون بيننا كالحيات نستأمن برونق ما تختبئ تحته من الزيف قبل بلوغها الوتين. رسالتي هنا واضحة للجميع، فعلينا أدوار عظيمة يجب أن نقوم بها، فلا نتهرب من مواجهتهم بحقيقة مشاعرنا نحوهم، وتوضيح خيبات غزواتهم على عقولنا، وأن نعلن حروب صدها بقوة وسرعة الفهم الواعي، واللسان الذي لا يخشى في قولة الحق لائما. أنت مكشوف أيها المثقف الداعشي، مهما اعتليت خيول بيانك، وقد آن لك أن تعرف ذلك فتكف عن مخادعة عقول ومشاعر من عانوا وصبروا على ضلالك كثيرا.