الرأي

سر تفوق المسلسلات الأوروبية على الأمريكية

عاصم الطخيس
عندما تقرأ العنوان قد يجول في خاطرك أن هذا غير صحيح، نسبة لكمية المسلسلات الأمريكية التي تعرض على قنواتنا، ذلك لا يعود إلى تفوقها، بل لعقود تجارية بحتة وتعميم الثقافة الأمريكية في الخليج والوطن العربي. المتابع الفاحص للمسلسلات على نتفليكس يجد أن أغلب المسلسلات الأوروبية لديها تقييم عال نسبة إلى الأمريكية، ولن نحكم على ذلك من هذه النقطة، لكن سنأخذ بعين الاعتبار القنوات التجارية وقنوات الكيبل والقنوات الحكومية في تلك البلدان.

سياسة القنوات

تعتمد القنوات الأمريكية وقنوات الكيبل خاصة على كونها تجارية ومصدر قوتها الدعايات، لذلك تجد أن المسلسلات الأمريكية (الدراما – ساعة) تحوي ما بين أربع وخمس فواصل، يكون بينها دعايات وقد تصل مدتها لعشر دقائق لكل فاصل. عكس القنوات الأوروبية التي تعتمد على دعم الجمعيات وليست تجارية، لذلك نجد أن فواصل المسلسلات لا تتعدى فاصلين أو ثلاثة بالكثير.

الكاتب وعدد الحلقات

تعتمد المسلسلات الأمريكية على غرفة الكُتاب التي تحتوي على المؤلف/الكاتب الرئيسي للمسلسل وعدد من الكتاب الآخرين لكتابة الحلقات الأخرى، أما المسلسلات الأوروبية فتعتمد على مؤلف/كاتب واحد لذلك نجد قوة ومصداقية تطور الشخصيات فيها. عدد الحلقات في المسلسلات الأمريكية يكون عادة ما بين (22-24) حلقة للموسم الواحد، وفي أحيان أخرى ما بين (8-12) حلقة للموسم. أما المسلسلات الأوروبية الدرامية، خاصة البريطانية تعتمد على 6 حلقات للموسم الواحد، وأحيانا 3 حلقات للموسم، مثل شيرلوك (Sherlock) من قناة بي بي سي BBC.

الحبكة وتطور الشخصيات

تعتمد المسلسلات الأمريكية على الحلقات المستقلة في أغلب مسلسلاتها مع الحفاظ على كون الشخصية لا تتغير على مدار الموسم، إلا في الحلقة الأخيرة أو يتغير بشكل طفيف جدا يكون لا يرى ضمن قوسه العاطفي في الحلقة الواحدة، لكنه يعود لنفسه السابقة في الحلقة الثانية. كون المسلسلات الأوروبية تتمتع بحلقات أقل، فتغلب عليها الحبكة المطولة التي تبدأ مع بداية الموسم وتنتهي معه، والتي تكون أعمق ومليئة بعُقد وتغيرات في أحداث القصة، مما تؤثر على تطور الشخصيات، ونراهم يتغيرون ضمن الحلقات بشكل مُصدق وواقعي، وفي نهاية الموسم نجد الشخصيات الرئيسية حقا تغيرت بشكل واضح وتتعلم من أخطائها.

المصداقية والمحتوى

المسلسلات الأمريكية لا تتمتع بأي مصداقية بدءا بالشخصية الرئيسية إلى نادلة المطعم، وكأن الجميع من هوليوود بوسامتهم وأسنانهم الجميلة وأجسادهم الرشيقة، وهذا بحد ذاته يعطيك عالما مزيفا غير قابل للتصديق. كذلك نجد في المسلسلات الإجرامية أن فريق البحث الجنائي «محققي مسرح الجريمة» لديه أجهزة وبرامج تكشف كل شيء في لحظتها وهذا غير واقعي. كذلك المحتوى الأمريكي يغلب عليه القشور وعدم التعمق في مواضيع مهمة، وأغلب القصص مستنسخة من مسلسلات أخرى، وكذلك توجه المسلسلات والشخصيات يغلب عليها الميل للحزب الديموقراطي.

أما الأوروبية فتعطيك مصداقية عالية ضمن شخصياتها، وذلك كون الطاقم خاصة الشخصيات الرئيسية يغلب عليها أن تكون عادية وليست بالغة الجمال، كذلك العالم الذي تعيش فيه الشخصيات واقعي، وهناك مقاطع تظهر الواقع حتى لو لم يكن لها أي علاقة بالمسلسل، لكن لتضفي طابع الأصالة والقرب للمشاهد. المحتوى الأوروبي تغلب عليه الفلسفة العميقة ومشاكل الحياة اليومية التي تعيشها الشخصيات، والتي ننتمي لها مع احترام عقول المشاهدين.

AsimAltokhais@