الرأي

التربية يا وزير التعليم

ياسر عمر سندي
في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا الوطني، والطارئة على وضعنا المجتمعي، الذي أحدثته جائحة كورونا على المستويين المحلي والعالمي، والتي أثرت سلبا على عديد من النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، وأهمها التعليمية، حيث أصبح كثير من الأسر والعوائل في حالات توجس وقلق مصاحب للحالة السلبية العامة التي تعتري المجتمع، خاصة الطلاب على مختلف أعمارهم ومستوياتهم وتخصصاتهم التعليمية، يعيشون حالة من الاضطراب الوجداني، والتأرجح النفسي، والهلع الموقفي الذي تسبب به هذا الوباء، والذي جعل الجميع بين مطرقة «الخوف المرضي» جراء خطر الإصابة بفايروس كورونا، سواء من ذويهم وأهليهم أو منهم أنفسهم، وسندان «الخوف التحصيلي» جراء التوتر الناشئ من احتمالية الإخفاق أو عدم التمكن من تجاوز شبح الامتحانات الملازم للحالة العامة، والضغوطات أيضا التي يواجهها الطلاب من أولياء أمورهم، خاصة أن الفترة الحالية من وجهة نظر الآباء تعتبر غير مكتملة الرؤية، وغير مشبعة كذلك للطلاب من خلال عدم حصولهم على الفوائد التفاعلية المرجوة من العملية التعليمية بالحضور الكلي على مقاعد الدراسة.

ولكل أمر جانبه المشرق وأسبابه الإيجابية التي تبعث الطمأنينة وتقلل من ذلك الاضطراب والخوف الملازمين للطلاب وأولياء أمورهم، حين صدر قرار وزير التعليم أخيرا بتعليق الدراسة في كل المراحل الدراسية، وكذلك الكادر التعليمي من معلمين وإداريين، وعلى الجانب الخاص والحكومي أيضا، حفاظا على صحة المعلمين والطلاب، ووقاية لهم من أي مسبب لانتقال وباء كورونا لا سمح الله.

ارتأت الوزارة من منطلق الحرص والرعاية أن تستمر العملية التعليمية الافتراضية عن بعد، وتفعيل تلك العملية عن طريق عدد من البرامج لتساعد المعلمين في التواصل مع الطلاب، وتقييمهم بالتبادل العلمي معهم في الإلقاء والحوار، لتستمر العملية التعليمية بلا توقف حتى في ظل هذه الجائحة التي نسأل الله أن يعافينا منها، فالشكر لكم يا وزارة التعليم على هذه البادرة الجريئة، التي تعكس مدى اهتمامكم برأس المال البشري المتمثل في أبنائنا الطلاب والمعلمين، وكل الاحترام والتقدير لكل معلم ومعلمة استشعروا أهمية الدور الملقى على عاتقهم والمسؤولية الوطنية والإنسانية والمجتمعية المترتبة على ذلك، وبذلوا جهودهم عن بعد ليبقى طلابنا في منازلهم بخير وأمان.

ومن وجهة نظري السلوكية والمعرفية، وما وددت أن أطرحه في هذا المقال كرأي خاص مقترح، هو رجائي من وزير التعليم، بأن لا تمر هذه الأزمة علينا وعلى طلابنا خصوصا مرور الكرام، أو أن تحفظ في ماضي الذكريات كحالة مأساوية تم تجاوزها.

فكما استمر التعليم عن بعد في ظل أزمة كورونا كذلك هي التربية يجب أن تستمر جراء هذه المواقف، من خلال الدروس المستفادة التي خرج منها الطلاب وأسرهم، وماذا قدم الوطن للمواطنين، سواء داخل حدوده أو خارجها، وما الإيجابيات والتدابير التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة في احتواء انتشار الوباء، والدور الأبوي البناء الذي حمل لواءه خادم الحرمين الشريفين لرعاية شعبه، من توفير سبل الراحة وتسخير كل الجهود الممكنة من الكوادر الطبية المتمثلة بوزارة الصحة، والكوادر الأمنية المتمثلة في كل قطاعات الأمن العام الداخلي والدفاع والجيش، الذين استجابوا للنداء الوطني بأوامر وتوجيهات مليكهم حفظه الله ورعاه، وولي عهده الأمين، بالتخطيط الاستراتيجي بكل كفاءة وفاعلية، لضمان صحة المواطن، وكذلك التدابير المستمرة التي اتخذت لإرجاع المواطنين من خارج المملكة بتعميد سفارات المملكة في جميع الدول.

هذه اللفتات التربوية والمواقف العظيمة من الوطن تجاه الشعب ونحو من يعيش على أرضه من مقيمين، يجب تدريسها مستقبلا للطلاب في المراحل كافة، لتسجيل هذه المواقف المشرفة لوطنهم على جميع الأصعدة وأهمها الصحية والأمنية والتعليمية، والتي افتقرت إلى تطبيقها وتقديمها كبرى الدول التي تدعي أنها دول العالم الأول، إذ تنصلت وتبرأت من مواطنيها ورعاياها داخلها وخارجها، فنحن بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، نفخر بأننا سجلنا أروع الأمثلة التي تدرس كمنهج للتربية الوطنية بمعناه الحق من خلال التفاف القيادة على الشعب ببذل قصارى الجهود الفعلية على أرض الواقع، لا الكلامية على أرض الخيال.

ونحن كمواطنين وبكل أطيافنا ومناطقنا وفئاتنا، نلتف حول قيادتنا ونسجل كل عبارات الحب والوفاء والولاء المطلق، ونشهد بأنكم أديتم الأمانة فيمن وليتم أمورهم في السراء والضراء، فجزاكم الله عنا خير الجزاء.

@Yos123Omar