موضوعات الخاصة

يد خامنئي تفضح تكتم إيران

فورين بوليسي: 700 رجل دين صيني مهدوا الطريق لنشر الفيروس في قم نائب وزير الصحة عارض الحجر الصحي قبل أن يتم الإعلان عن إصابته حكومة روحاني تجاهلت النداءات وأقامت الانتخابات البرلمانية في موعدها لائحة اتهام طويلة تكشف تعمد الحكومة إخفاء المرض عن الشعب الإيراني صعيدي عارض إغلاق الأضرحة.. والمرشد عده حربا أمريكية

لماذا منع الحرس الثوري رجال الدين من الاقتراب من المرشد الأعلى علي خامنئي، وتقبيل يده كما جرت عادتهم، خلال اجتماعهم الشهير قبل 4 أيام من الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد بإيران؟

كيف أعلنت طهران في 19 فبراير عن أول إصابة لشخصين بفيروس كورونا المستجد، ثم كشفت بعد ساعتين فقط عن وفاتهما؟ هل يزيد المصابون في إيران عن نصف مليون شخص وتتجاوز الوفيات عشرات الآلاف وفق توقعات مسؤولين في منظمة الصحة العالمية؟

أسئلة مهمة طرحتها مجلة فورين بوليسي الأمريكية، بعدما فضحت يد خامنئي التكتم الحكومي على انتشار فيروس كورونا بسبب رغبة نظام الملالي في إقامة الانتخابات البرلمانية والكثير من الفعاليات بعيدا عن أنظار الشعب المغلوب على أمره.

خلصت المجلة إلى أن التصرفات المتهورة تقود إيران إلى الجحيم، وكانت وراء الأعداد الكبيرة التي يجري الإعلان عنها يوميا، مؤكدة أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير مما يعلن، خصوصا بعدما قال مدير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية ريك برينان عقب زيارته لإيران في 17 مارس الماضي، إن العدد الإجمالي الفعلي للمصابين بكورونا قد يكون أعلى بخمس مرات من الإحصاءات الرسمية.

تصرفات ساخرة

ترى فورين بوليسي أن الأزمة تكتسب أبعادا هائلة في إيران التي يتجاوز عدد سكانها 83 مليون نسمة، بسبب تعامل الحكومة الفاشل، فهناك مؤشرات متزايدة على أنها كانت على علم بتفشي المرض، وتجنبت فعل أي شيء لوقفه أو حتى إعلام الناسب به، ولا يزال أسلوب الحكومة يشوبه مزيج من السخرية.

ومع بدء انتشار الفيروس التاجي رسميا في الصين حتى يناير مع ارتفاع حصيلة القتلى، لم يفعل المسؤولون الإيرانيون شيئا لوقف السفر بين البلدين، في محاولة للحفاظ على علاقات دبلوماسية قوية، ففي مقابلة في 4 فبراير، اشتكى بهرام بارسائي، وهو عضو بارز في البرلمان من شيراز، أنه على الرغم من قرار الحكومة في 31 يناير بتعليق جميع الرحلات الجوية الإيرانية-الصينية، فإن بعض شركات الطيران الإيرانية لم تستمر فقط في العمل كالمعتاد، ولكن ساعدت أيضا في نقل الركاب المتجهين إلى الصين في البلدان الأخرى.

وأضاف «حتى تركيا ألغت جميع الرحلات الجوية الصينية حرصا على حياة الناس، على الرغم من اعتمادها الاقتصادي الشديد على السياحة، بما في ذلك السياح الصينيون. ومع ذلك، استمرت ماهان إير في رحلاتها بين طهران وبكين حتى أواخر 23 فبراير».

فضيحة فبراير

انفضح الأمر في 19 فبراير، عندما أكدت الحكومة الإيرانية علانية وفاة شخصين في مدينة قم الدينية، التي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليون نسمة، وجد خبراء الصحة العامة الدوليون أنه من الغريب أن أول اعتراف رسمي من إيران بتفشي المرض جاء في شكل وفاة، بدلا من أي إعلان عن الإصابة، والذي يجب أن يكون قد سبقه بالضرورة، وهذا يشير إلى أن الفيروس ربما يكون قد انتشر بالفعل على نطاق واسع في وقت الإعلان، وأن المسؤولين الإيرانيين ربما عرفوا ذلك.

ولإعطاء المزيد من المصداقية لهذه النظرية، ففي 15 فبراير، أي قبل أربعة أيام من إبلاغ إيران رسميا عن أول حالات فيروس كورونا، عقد المرشد الأعلى علي خامنئي اجتماعا معتادا مع مجموعة من رجال الدين، ولكن على عكس السنوات الماضية، لم يسمح الأمن لهم بالاقتراب من خامنئي وتقبيل يده، وفي حين أن الحكومة الإيرانية اهتمت بحياة المرشد الأعلى واتخذت احتياطات إضافية لحمايته من الفيروس التاجي في منتصف شهر فبراير، إلا أنها فشلت في رعاية حياة 83 مليون إيراني وأعطت الأولوية لشراكتها مع الصين.

لائحة الاتهام

جاءت لائحة الاتهام الأكثر رعبا في الاستجابة للأزمة الإيرانية في 24 فبراير، عندما صرح محمد حسين بحريني رئيس جامعة مشهد للعلوم الطبية، في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانيين التي تديرها الدولة، بأن «وجود 700 رجل دين صيني قام الطلاب في معهد قم بتمهيد الطريق لنشر ”الفيروسات التاجية في جميع أنحاء إيران.

تمت إزالة المقابلة بعد وقت قصير من نشرها ورفضتها وسائل الإعلام المرتبطة بالدولة في وقت لاحق. وفي نفس اليوم، استشهد أحمد أميرابادي فرحاني، عضو مجلس النواب عن قم وعضو مجلس رئاسة البرلمان، بأن أول حالات الوفاة التي تسبب بها الفيروس كانت في 13 فبراير، أي قبل ستة أيام من الإعلان الرسمي.

تعد إيران أن الصين هي شريان الحياة بالنسبة لها، ولا يتوقف الأمر على التجارة، بل تقوم ببناء طريق قطار فائق السرعة بقيمة 2.7 مليار دولار ومحطة للطاقة الشمسية بالقرب من قم، من بين مشاريع أخرى.

تجاهل النداءات

تجاهلت طهران إلى حد كبير كل التحذيرات والنداءات، وتجلى الفشل المنهجي في أخذ التهديد على محمل الجد، وارتفاع عدد القتلى نسبيا بين الشخصيات الحكومية المؤثرة، بما في ذلك داخل قيادة الحرس الثوري.

خسرت إيران بسبب تفشي الفيروس ناصر شعباني، وهو قائد كبير لديه 37 عاما من الخبرة ومناصب رئيسية مثل نائب رئيس قاعدة سار الله في طهران، المسؤول عن الأمن في العاصمة. كما أودى الفيروس بحياة محمد مير محمدي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام بالقرب من خامنئي.

لم تكن إيران تريد عرقلة الانتخابات البرلمانية في 21 فبراير. كانت الحكومة لديها بالفعل مخاوف من انخفاض نسبة الإقبال بسبب الاضطرابات السياسية في الأشهر السابقة من القمع الوحشي من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد ضد ارتفاع أسعار الوقود، وبعد سقوط 176 قتيلا بصاروخ من الحرس الثوري استهدف طائرة ركاب.

قرار متأخر

عندما اتخذت إيران مجموعة إجراءات لاحتواء انتشار كورونا في وقت متأخر جدا، أقامت إدارة روحاني «مقرا وطنيا لمكافحة الفيروس التاجي» في فبراير عقب قرار من المجلس الأعلى للأمن القومي وتأييده من قبل المرشد الأعلى، لكنه أيضا قاوم تدابير الحجر الصحي.

وفي مؤتمر صحفي عقد في 24 فبراير، عارض نائب وزير الصحة الإيراني إيراج حريري علنا نوع الحجر الصحي الواسع النطاق الذي فرضته الصين، وشدد على أن الحجر يعود إلى الفترة قبل الحرب العالمية الأولى بسبب أمراض مثل الطاعون والكوليرا، وقال إن الإيرانيين أنفسهم غير راضين عن الحجر الصحي الذي تم وضعه، ومن المفارقات أن الحريري كان يصدر هذه التعليقات أثناء التعرق بغزارة والسعال بشكل متكرر، وقد أثبتت الاختبارات لاحقا أنه مصاب بكورونا.

مؤامرة معادية

ورغم أمر خامنئي للجيش الإيراني بقيادة الحرس الثوري، بإنشاء قاعدة الإمام رضا كجزء من جهود الدولة لمكافحة الوباء، وتنظيم حملة لإزالة الزحام من المتاجر والشوارع والطرق، لكن الاقتراح سقط على آذان صماء بين الضباط العسكريين.

وأجبرت الزيادة الهائلة في الوفيات الحكومة على الحركة، ولكن الالتزامات الأيديولوجية والدينية بين بعض المسؤولين الحكوميين وأجزاء من المجتمع تدخلت بوضوح في استجابة الصحة العامة.

وفي خطاب ألقاه آية الله محمد صعيدي في 22 فبراير بعد ثلاثة أيام من الإعلان الرسمي عن الوفيات في قم، عارض عزل ضريح فاطمة معصومة، واصفا إياه بأنه مؤامرة معادية توجه «ضربة سمعة».