الرأي

من الأرض إليكم

صفاء المحضار
في ظل الحكاية ألف حكاية نعيشها جميعا اليوم دون استثناء، يوحدنا الزمن في عزلة تامة مضمونها صاخب ومربك جدا، يجوب في داخل كل منا ذلك السؤال، نعم أسمعك الآن كما تسمعني: كيف تورط العالم في قصة كورونية -أو كرتونية- بغيضة، يليق بها هذا المسمى أكثر - لأنها بوتقتنا وشلت ضجيج حركتنا؟

كيف اختلف إيقاع الكون بوتيرة سريعة تتخطى استيعاب البشر هكذا؟ في ليلة هبوط اضطرارية للأرض

فجأة جاء ليطرح ويقسم.، يفرق ويضرب في كل اتجاه، تماما كـ 'لعبة اليانصيب العشوائية' لا أحد يعلم فيها من رابح الرهان!

رهان البقاء على قيد الحياة أو البقاء بعيدا - على الأقل - عن خطر الموت، بعيدا من أنفسنا.. بعيدا عن أحبابنا عن إبنائنا وأصدقائنا، بعيدا حتى من أطرافنا التي نغسلها في اليوم مرارا بأنواع متعددة من المعقمات.. فقدنا الثقة حتى في أطراف أجسادنا ما عاد لنا صمام حماية!

لنجد أنفسنا فجأة نتناول لوجو (LOGO) الزمن الجديد 'تفرقوا'! لا أحد يستطيع أن ينكر كيف يبدو الأمر هزليا وساخرا جداـ ساخرا بالقدر الذي بدت به هشاشة البشرية في مواجهة الخوف من أمر مجهول.

ويبقى السؤال الأهم: كيف واجهت أنت عزلتك؟

الجميع كان يفكر بذات الصيغة وكأنه يحتاج أن يطمئن قلبه 'أنا والآخرون جميعا ما زلنا متشابهين'، قد يكون البعض منهم قد مارس الموت أثناء الحياة في حجره المنزلي هلعا وجزعا من فكرة الوباء ذاتها، غير مصدق، متسائلا: هل سأكون التالي؟ في حين استنزف البعض الآخر وقته أمام هشاشة التلفاز في متابعة لاهثة لآخر الإحصاءات والخسائر، وفي محاولة أيضا للتنبؤ بحظ جيد!

وعلى جانب آخر هناك من أنهكه المرض، يتمنى أن يصافح - بعينه قبل يديه - حبيبا أو قريبا وتسمع رسالته الأخيرة قبل أن يفارق (حياة)، في وقتنا الراهن أصبح لا عزاء فيها، هناك أيضا من يمارس الحجر الصحي بغاية الرفاهية والكفاية لأنهم معتادون على العزلة كأمر طبيعي في حياتهم.

جميعنا يعلم تماما أن هذه الأزمة العالمية ستزول 'برعاية إلهية' لا سواها.

ربما الأرض الآن تلتقط أنفاسها من ثقل البشرية، تجدد أوكسجينها، تعالج احتباسها، تغتسل وتتطهر، توسع مساحتها التي وضعناها نحن لأنفسنا، حتى تستطيع أن تستوعب الإنسانية التي منها وإليها نعود، تطرز نفسها لتعود خصبة مخضرة تستعيد وسم هويتها كالبسيطة، وتعيد ترتيب الأغنيات، تمهد كلا منا للذي يليه، كي نعود للحياة بشكل ملائم.

يليق بها أن تكون بخير، بقي على الإنسان أن يتجرد من كل شيء عدا كونه إنسانا، حتى يستوعب نفسه والآخر.

أن يتبنى رسالة مشرقة، ولن يكون ذلك كله قبل أن يستوعب الرموز والرسائل، ويفهم تلك الشيفرة جيدا

حتى نتجاوز هذه الأزمة بخير وسلام، ونترك حكايات جميلة تروى لمن سيزور الأرض بعد أن نغادرها

ثقوا إن هناك الكثير لنقدمه للأرض ولأنفسنا، فقط لا تستسلموا تلفتوا حولكم، وتفقدوا أنفسكم جيدا ودعونا نردد عند الفجر بذاك اليقين قول الراحل محمود درويش

على هذه الأرض ما يستحق الحياة وكونوا على قيد الأمل والحب والفرح بغد أجمل.