الرأي

النظام الدولي وكورونا

فيصل الشمري
السياسيون وصناع القرار في الدول التي يوجد فيها تفش لفيروس كورونا يفعلون ما بوسعهم لإبطاء الانتشار. المشكلة التي تواجه العالم حتى الآن أنه لا يوجد تنسيق دولي حقيقي، وذلك يزيد من خطر حدوث موجة ثانية من الفيروس حتى إذا نجحت الدول في إيقاف انتشار الفيروس الآن. هذه هي المعضلة التي تواجه الصين وكوريا الجنوبية الآن. يبدو أن كلا البلدين أوقف الانتشار الداخلي للفيروس الجديد أو أبطأ انتشاره وبدأ القلق بشأن المسافرين العائدين من الخارج، بمن في ذلك عودة مواطنيهم إلى ديارهم.

بعبارة أخرى، طالما أن الفيروس موجود في أي بلد، يمكنه إعادة دخول الدول التي تمكنت من إبطائه أو حتى تلك التي قضت عليه. كمهتم في السياسية الدولية والتاريخ أشعر بالقلق من أن الجهود الدولية المبذولة لمنع موجة ثانية من انتشار الفيروس ستدفع الدول إلى وضع مزيد من اللوائح والأنظمة التي سوف تغير تعامل الدول بشأن الحدود للسفر والتجارة الدولية. وهذا من شأنه أن يطيل الأثر الاقتصادي السلبي. لهذا السبب أعتقد أن الحل الوحيد الفعال طويل الأمد ضد فيروس كورونا هو الحل العالمي الذي يتطلب استجابة منسقة.

تتخذ عشرات الدول مجموعة متنوعة من التدابير القوية لمحاربة انتشار الفيروس الجديد، من العزلة الاجتماعية والحجر الجماعي إلى القيود الصارمة على حركة الأشخاص والبضائع. ولكن لم يكن هنالك تنسيق بين الدول أو كان تنسيقا ضعيفا جدا، فقد اختلفت التدابير وتوقيتها، وتدل الطريقة المجزأة التي تم بها وضع القيود إلى عدم مشاركة بين الدول والبيانات، مما جعل من الصعب هزيمة الفيروس.

علاوة على ذلك، أدى نقص التنسيق بين الدول عند فرض حظر السفر إلى توترات دبلوماسية، مثلا عندما حظرت إدارة ترمب الرحلات الجوية من أوروبا دون استشارة الحلفاء منذ فترة طويلة أو مثل عدم مشاركة الصين مع البيانات مع منظمة الصحة العالمية أو التراشق بين إدارة ترمب والحكومة الصينية من متسبب في هذه الكارثة الدولية.

حتى في البحث عن لقاح، هناك نقص واضح في التنسيق الدولي، مما يمكن أن يسرع العملية. علاوة على ذلك، يبدو أن معظم البلدان تتبنى نهجا وطنيا، بدلا من نهج تعاوني يمكن أن يحد من فعالية اللقاح المحتمل في إنهاء الوباء. وهذا يعني أن الدول الناجحة ستضطر إلى فرض أو الاستمرار في فرض قيود شديدة ومكلفة على السفر الدولي، وتلك التي تمكنت من تجنب تفشي المرض مثل روسيا يجب أن تستمر في الحفاظ على قيودها.

في حالة روسيا، أدى إغلاق المعابر الحدودية إلى الصين إلى الإضرار بالتجارة بشدة. إذا فرض عدد كبير من البلدان مثل هذه القيود في وقت واحد فإن الجميع يخسر اقتصاديا، مما يزيد من التكاليف الاقتصادية المرتفعة بالفعل للفيروس دون نهاية في الأفق، مما يؤدي إلى كساد اقتصادي دولي عظيم.

أعتقد الآن أن العالم بحاجة تنسيق دولي واضح وتعاون بين الدول لأن العالم كما كان على المحك، ولأن الاقتصاد الدولي على المحك دون تنسيق دولي لإيجاد حلول سريعة سوف يدخل الاقتصاد الدولي مرحلة ركود طويلة المدى يعاني منها العالم أجمع.

الأفضل تنفيذ إغلاق عالمي لمدة أسبوعين في جميع البلدان، حتى تلك التي لم تتأثر بـ COVID-19، تفرض عديد من البلدان حاليا مثل هذه المحاجر الجماعية بنجاح، لكن سيكون الإقفال العام المتزامن أكثر فعالية. ينبغي لمنظمة الصحة العالمية أن تقود الجهود العالمية لإيجاد لقاح وعلاجات فعالة لفيروس كورونا الجديد، لضمان توفرها على نطاق واسع. يمكن للمجموعة المساعدة في نشر نتائج البحوث بسرعة وتنسيق الأنشطة لتجنب الازدواجية، وبالتالي سيقلل ذلك من مقدار الوقت المستغرق لإيجاد لقاح وعلاج.

يجب تطبيق القيود على السفر والتجارة الدولية بالتعاون مع الدول الأخرى، وبدلا من القيود القومية التي تفيد دولة ما على حساب دول أخرى، يمكن توزيع تكلفة القيود المطلوبة بين جميع الشركاء التجاريين، بطريقة عادلة تحفز جميع الحكومات على المشاركة في هذه الإجراءات الاقتصادية المؤلمة.

الجميل جدا أن أقوى دعوة للتنسيق العالمي ضد COVID-19 جاءت من المملكة العربية السعودية، التي تقود حاليا مجموعة العشرين من أكبر الاقتصادات، بدلا من الولايات المتحدة أو الصين أو الاتحاد الأوروبي.

mr_alshammeri@