عمليات اعتقال وتعذيب للمدونين الإيرانيين
خامنئي يملك حسابا باللغة الإنجليزية وروحاني خاطب أمريكا عبر تويتر 7 كتائب الكترونية تضم 8400 عضو تعمل على الدعاية الممجوجة لطهران الحرب العراقية نبهت نظام الملالي لفرض رقابة صارمة على الإنترنت شرطة الإنترنت في طهران تعمل منذ 9 سنوات وتحظى بسمعة سيئة الحرس الثوري اشترى الحصة الأكبر في شركة الاتصالات ليحكم قبضته مستخدمو فيس بوك يستخدمون طرقا عنكبوتية للتهرب من الرقابة الواسعة
الخميس / 24 / رجب / 1441 هـ - 18:30 - الخميس 19 مارس 2020 18:30
لم يتوقف الأمر في إيران على دفن ضحايا فيروس كورونا المستجد في مقابر جماعية بعد تكفينهم بالجير بالقرب من محافظة قم، بل وصل إلى اعتقال وتعذيب المدونين الذين يكشفون جانبا من الوضع المرعب الذي وصلت إليه الأوضاع في طهران.
يعيش رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمدونون الإيرانيون في معاناة وملاحقات مستمرة منذ 2011، عندما أُطلقت «شرطة الإنترنت» التي تراقب كل كلمة تكتب هنا أو هناك، وتدخل الحرس الثوري في المعادلة المعقدة وسيطر على النصيب الأكبر من شركة الاتصالات ليصبح صاحب السلطة والهيمنة، وفقا لمركز أبحاث المجلس الأطلسي الأمريكي.
ورغم أن الحكومة الإيرانية لم تفرض أي قيود على الإنترنت في البداية، ظنا منها أنه سيخدم أغراضها في الدعاية ونشر أفكارها، إلا أن الحرب العراقية نبهت نظام الملالي للأمر ثم بعد ذلك الثورة الخضراء، ودفعته للانقضاض على الشبكة العنكبوتية، وفرض قيود شديدة، ومع مرور الوقت أصبح الإنترنت الإيراني إحدى الأزمات الحاضرة دائما في الصورة.
1500 مقهى
بحلول أوائل العقد الأول من القرن العشرين بدا أن الإنترنت مهيأ لإعادة تشكيل المجتمع الإيراني. وعلى الرغم من أن الشبكة العنكبوتية وفرت منصة جديدة لنشر التعاليم الإسلامية، إلا أنها وفرت ملاذا يمكن فيه مناقشة الأفكار الممنوعة بحرية، وانتهز عدد من الشباب الإيراني هذه الفرصة، ففي عام 2001 كان هناك 1500 مقهى إنترنت في طهران وحدها، وأصبح التدوين هواية شائعة.
وبعد إنشاء أول مدونة باللغة الفارسية عام 2001 تابعها عشرات الآلاف تقريبا، وانضمت هذه المجتمعات عبر الإنترنت إلى سياسيين ورجال دين ذوي عقلية إصلاحية، مما خلق دافعا لتحرير التجارة الذي لامست معظم جوانب المجتمع الإيراني.
اعتقال وتعذيب
جاء أول إجراء رئيسي للرقابة الرقمية عام 2001 عندما فرضت المحاكم الإيرانية سيطرتها على مقدمي خدمات الإنترنت، وأخضعتهم لمعايير رقابة صارمة، وكان هذا امتدادا للقمع العام لوسائل الإعلام المعارضة الذي بدأ في 2000. وفي أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أصبح فرض الرقابة أكثر صرامة، وبدأت السلطات الإيرانية في أول عملية اعتقال وتعذيب واسعة النطاق للمدونين المنشقين.
وعندما ترشح محمود أحمدي نجاد للرئاسة عام 2005 وعد بإلغاء القيود المفروضة على الخطاب الرقمي، وتحدث الإيرانيون بحماس في أكشاك الاقتراع في طهران عن هذا المرشح الحديث، الذي كان يرتدي لبسا غربيا بدلا من الزي الديني المعروف، ووعد بفتح النافذة أمام عالم رقمي تم عزلهم منه بشكل متزايد.
وبينما كانت السلطات الإيرانية ترى الإنترنت تهديدا، اعتبره المذيعون الأجانب فرصة جديدة لمواد صحفية مغرية، وسرعان ما أصبح موقع بي بي سي الأكثر شعبية، وبحلول منتصف 2000 كانت الحكومة الأمريكية تستثمر موارد كبيرة في المواقع الالكترونية المستهدفة في إيران وبرامج الإنترنت، في حين انجذب الشباب الإيراني إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي الغربية الجديدة مثل فيس بوك وتويتر، وفي الوقت نفسه حددت الحكومة الإيرانية بشكل متزايد الإنترنت على أنه الناقل الذي من خلاله كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يشنون على الأرجح «حربهم الناعمة».
سمعة سيئة
ما تبقى من الإنترنت الإيراني المجاني كان بمثابة ضربة قاضية في أعقاب الحركة الخضراء عام 2009، فقد اعتقل عشرات المدونين واحتجزوا لأجل غير مسمى، تم حظر فيس بوك وتويتر، وفي العام نفسه اشترى الحرس الثوري الإيراني حصة مسيطرة في شركة الاتصالات الإيرانية، مزود خدمة الإنترنت الرئيسي في الدولة، مما جعل مستخدمي الإنترنت الإيرانيين تحت مراقبة أشد.
في عام 2011 أنشأت إيران وحدة «شرطة الإنترنت» التي سرعان ما أصبحت سيئة السمعة لاحتجازها مدونا يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاما وتعذيبه حتى الموت.
في عام 2012 أعلنت إيران عن المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني الذي وضع تنظيم الإنترنت بشكل مباشر في أيدي السلطات الدينية وليس العلمانية.
مفارقات إيرانية
ولإن إيران تحفل دائما بالمفارقات المثيرة، ففي الوقت الذي قلصت فيه حرية الإنترنت لمواطنيها، وسعت الدولة إلى حد كبير استخدام منصات وسائل الإعلام الاجتماعي للدبلوماسيين والدعاية في الخارج. وفي عام 2013 عمل الرئيس روحاني للتقارب مع الولايات المتحدة من خلال حسابه على تويتر باللغة الإنجليزية، وبعد ذلك بفترة قصيرة تبعه المرشد الأعلى علي خامنئي، حيث سجل حسابا على تويتر بعد فترة وجيزة من الثورة الخضراء باللغة الإنجليزية.
ومع ذلك فإن نشاط السياسيين الإيرانيين المتزايد عبر تويتر لا يمثل سوى الجزء الأكثر وضوحا من حملة التأثير الرقمي الأوسع نطاقا.
كتائب الكترونية
تدير إيران شبكة هائلة من الأشخاص على الإنترنت ومصانع الدعاية، والتي لا تكشف أي منها عن انتمائها إلى الحكومة الإيرانية، وفي أغسطس عام 2018 قدمت شركة الأمن السيبراني رصدا للتأثير الإيراني.
وكشف التقرير أن طهران استهدفت العشرات من الدول وأنفقت ملايين الدولارات في محاولة لنشر أفكارها ودعايتها.
في عام 2009 صرح آية الله خامنئي بأن «الترويج للمحتوى» كان «أكثر الأسلحة الدولية فاعلية» ضد الخصوم الأجانب.
وفي 2011 تباهى رئيس الإذاعة الإيرانية بأنه طور 7 كتائب إلكترونية من «خبراء ومختصين في مجال الإعلام»، من المفترض أنها تتألف من بين 8400 عضو، حيث قام مقر الحرس الثوري الإيراني في طهران بتدريب الآلاف من المجندين على «إنتاج المحتوى»، بتعليمهم إستراتيجية وسائل الإعلام الاجتماعية والتصميم الجرافيكي.
وبالنظر إلى هذا التركيز الشديد والقديم فمن المحتمل أن عددا من عناصر الدولة الإيرانية (مكتب القائد الأعلى، أجهزة المخابرات، قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المرتبطة بها، الجيش الإيراني النظامي) يوظف كل منهم عملاء الإنترنت الخاصين به.
مواقع مضللة
تمثل عمليات التأثير الرقمي في إيران استمرارا للدبلوماسية العامة، وإن كانت تتم من خلال مواقع ويب مضللة ومجموعات من وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث تستثمر إيران طاقة كبيرة عن طريق ضخ محتوى مؤيد لها في بيئات المعلومات الخاصة بالبلدان التي تقدم فائدة استراتيجية مباشرة قليلة.
وعلى سبيل المثال بنى الوكلاء الإيرانيون عددا من مواقع الويب وصفحات فيس بوك التي تستهدف الجماهير في إندونيسيا، والتي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم. وكان الهدف الرئيسي سرد القصة الإيرانية.
في 2014 ساعدت إيران في تضخيم نظرية المؤامرة اللبنانية بأن الولايات المتحدة قد أنشأت داعش، وكان الهدف الواضح هو إعاقة جهود القوة الناعمة الأمريكية في لبنان وتقوية الموقف النسبي لحزب الله المدعوم من إيران، والذي شارك في معركة الدعاية الخاصة به.
بشكل عام أبدت إيران حتى الآن القليل من الاهتمام بالتأثير المباشر على الانتخابات الأمريكية رغم أنها في عام 2016 أدارت صفحة فيس بوك وسعت إلى تعزيز ترشيح السناتور بيرني ساندرز في الانتخابات الرئاسية الديمقراطية، ويبدو أن تلك التجربة قد تكون مدخلا لمحاولة التأثير ضد ترمب في الانتخابات المقبلة.
خنق الصحافة
أدت المراقبة الأكثر تطورا، إلى جانب الاعتقال والسجن المنتظمين لـ»الدعاية ضد الدولة»، إلى خنق مجتمع الصحافة الإيراني، حتى تحت إشراف الرئيس المعتدل ظاهريا حسن روحاني. وبدأت الحكومة أيضا في تشديد الرقابة على آلاف المتطوعين الذين يبلغون عن انتهاكات الكلام للسلطات القضائية. وطوال الوقت تواصل إيران عملها البطيء فيما يسمى «المشروع الوطني للإنترنت» الذي بدأ عام 2011.
بدأت إيران في إنشاء شبكة منفصلة تماما عن الإنترنت تخلو من المواقع الأجنبية والتأثير الخارجي، وتسمح في رأيها بالوعي الكامل لجميع حركات الإنترنت في البلد، وتفرض سيطرة كاملة على بيانات المستخدم وتواصله. وفي مايو 2019 أعلنت إيران أن هذا النظام اكتمل بنسبة 80 % على الرغم من وجود عدد من الأسئلة المتعلقة بفعالية وجدوى تنفيذه.
تجويع المحتجين
جاء الاختبار الأكثر أهمية لضوابط الإنترنت الإيرانية الجديدة في نوفمبر 2019 عندما رفعت الحكومة أسعار الوقود بنسبة 50 % بين عشية وضحاها، مما أثار احتجاجات على نطاق واسع فيما لا يقل عن 100 مدينة، من حيث الحجم والفعالية.
كان هذا أكبر إغلاق للإنترنت في التاريخ. خلال تلك الفترة رد مسؤولو الشرطة والأمن بعنف، مما أسفر عن مقتل 1500 متظاهر غير مسلح. وعلى مدار شهر واحد ورغم عدد القتلى المذهل، إلا أن انقطاع الاتصالات أدى إلى احتياج المحتجين للدعم الدولي المعاصر.
وحتى مع تشديد الرقابة الحكومية فإن حوالي 56 مليون إيراني (70 % من السكان) أصبحوا الآن مستخدمين منتظمين للإنترنت، ولا يزال عدد من الخدمات المحظورة، مثل فيس بوك، تتمتع بشعبية محلية واسعة النطاق، بفضل التهرب من مرشحات الإنترنت والتسامح من قبل بعض منفذي الدولة.
يعيش رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمدونون الإيرانيون في معاناة وملاحقات مستمرة منذ 2011، عندما أُطلقت «شرطة الإنترنت» التي تراقب كل كلمة تكتب هنا أو هناك، وتدخل الحرس الثوري في المعادلة المعقدة وسيطر على النصيب الأكبر من شركة الاتصالات ليصبح صاحب السلطة والهيمنة، وفقا لمركز أبحاث المجلس الأطلسي الأمريكي.
ورغم أن الحكومة الإيرانية لم تفرض أي قيود على الإنترنت في البداية، ظنا منها أنه سيخدم أغراضها في الدعاية ونشر أفكارها، إلا أن الحرب العراقية نبهت نظام الملالي للأمر ثم بعد ذلك الثورة الخضراء، ودفعته للانقضاض على الشبكة العنكبوتية، وفرض قيود شديدة، ومع مرور الوقت أصبح الإنترنت الإيراني إحدى الأزمات الحاضرة دائما في الصورة.
1500 مقهى
بحلول أوائل العقد الأول من القرن العشرين بدا أن الإنترنت مهيأ لإعادة تشكيل المجتمع الإيراني. وعلى الرغم من أن الشبكة العنكبوتية وفرت منصة جديدة لنشر التعاليم الإسلامية، إلا أنها وفرت ملاذا يمكن فيه مناقشة الأفكار الممنوعة بحرية، وانتهز عدد من الشباب الإيراني هذه الفرصة، ففي عام 2001 كان هناك 1500 مقهى إنترنت في طهران وحدها، وأصبح التدوين هواية شائعة.
وبعد إنشاء أول مدونة باللغة الفارسية عام 2001 تابعها عشرات الآلاف تقريبا، وانضمت هذه المجتمعات عبر الإنترنت إلى سياسيين ورجال دين ذوي عقلية إصلاحية، مما خلق دافعا لتحرير التجارة الذي لامست معظم جوانب المجتمع الإيراني.
اعتقال وتعذيب
جاء أول إجراء رئيسي للرقابة الرقمية عام 2001 عندما فرضت المحاكم الإيرانية سيطرتها على مقدمي خدمات الإنترنت، وأخضعتهم لمعايير رقابة صارمة، وكان هذا امتدادا للقمع العام لوسائل الإعلام المعارضة الذي بدأ في 2000. وفي أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أصبح فرض الرقابة أكثر صرامة، وبدأت السلطات الإيرانية في أول عملية اعتقال وتعذيب واسعة النطاق للمدونين المنشقين.
وعندما ترشح محمود أحمدي نجاد للرئاسة عام 2005 وعد بإلغاء القيود المفروضة على الخطاب الرقمي، وتحدث الإيرانيون بحماس في أكشاك الاقتراع في طهران عن هذا المرشح الحديث، الذي كان يرتدي لبسا غربيا بدلا من الزي الديني المعروف، ووعد بفتح النافذة أمام عالم رقمي تم عزلهم منه بشكل متزايد.
وبينما كانت السلطات الإيرانية ترى الإنترنت تهديدا، اعتبره المذيعون الأجانب فرصة جديدة لمواد صحفية مغرية، وسرعان ما أصبح موقع بي بي سي الأكثر شعبية، وبحلول منتصف 2000 كانت الحكومة الأمريكية تستثمر موارد كبيرة في المواقع الالكترونية المستهدفة في إيران وبرامج الإنترنت، في حين انجذب الشباب الإيراني إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي الغربية الجديدة مثل فيس بوك وتويتر، وفي الوقت نفسه حددت الحكومة الإيرانية بشكل متزايد الإنترنت على أنه الناقل الذي من خلاله كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يشنون على الأرجح «حربهم الناعمة».
سمعة سيئة
ما تبقى من الإنترنت الإيراني المجاني كان بمثابة ضربة قاضية في أعقاب الحركة الخضراء عام 2009، فقد اعتقل عشرات المدونين واحتجزوا لأجل غير مسمى، تم حظر فيس بوك وتويتر، وفي العام نفسه اشترى الحرس الثوري الإيراني حصة مسيطرة في شركة الاتصالات الإيرانية، مزود خدمة الإنترنت الرئيسي في الدولة، مما جعل مستخدمي الإنترنت الإيرانيين تحت مراقبة أشد.
في عام 2011 أنشأت إيران وحدة «شرطة الإنترنت» التي سرعان ما أصبحت سيئة السمعة لاحتجازها مدونا يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاما وتعذيبه حتى الموت.
في عام 2012 أعلنت إيران عن المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني الذي وضع تنظيم الإنترنت بشكل مباشر في أيدي السلطات الدينية وليس العلمانية.
مفارقات إيرانية
ولإن إيران تحفل دائما بالمفارقات المثيرة، ففي الوقت الذي قلصت فيه حرية الإنترنت لمواطنيها، وسعت الدولة إلى حد كبير استخدام منصات وسائل الإعلام الاجتماعي للدبلوماسيين والدعاية في الخارج. وفي عام 2013 عمل الرئيس روحاني للتقارب مع الولايات المتحدة من خلال حسابه على تويتر باللغة الإنجليزية، وبعد ذلك بفترة قصيرة تبعه المرشد الأعلى علي خامنئي، حيث سجل حسابا على تويتر بعد فترة وجيزة من الثورة الخضراء باللغة الإنجليزية.
ومع ذلك فإن نشاط السياسيين الإيرانيين المتزايد عبر تويتر لا يمثل سوى الجزء الأكثر وضوحا من حملة التأثير الرقمي الأوسع نطاقا.
كتائب الكترونية
تدير إيران شبكة هائلة من الأشخاص على الإنترنت ومصانع الدعاية، والتي لا تكشف أي منها عن انتمائها إلى الحكومة الإيرانية، وفي أغسطس عام 2018 قدمت شركة الأمن السيبراني رصدا للتأثير الإيراني.
وكشف التقرير أن طهران استهدفت العشرات من الدول وأنفقت ملايين الدولارات في محاولة لنشر أفكارها ودعايتها.
في عام 2009 صرح آية الله خامنئي بأن «الترويج للمحتوى» كان «أكثر الأسلحة الدولية فاعلية» ضد الخصوم الأجانب.
وفي 2011 تباهى رئيس الإذاعة الإيرانية بأنه طور 7 كتائب إلكترونية من «خبراء ومختصين في مجال الإعلام»، من المفترض أنها تتألف من بين 8400 عضو، حيث قام مقر الحرس الثوري الإيراني في طهران بتدريب الآلاف من المجندين على «إنتاج المحتوى»، بتعليمهم إستراتيجية وسائل الإعلام الاجتماعية والتصميم الجرافيكي.
وبالنظر إلى هذا التركيز الشديد والقديم فمن المحتمل أن عددا من عناصر الدولة الإيرانية (مكتب القائد الأعلى، أجهزة المخابرات، قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المرتبطة بها، الجيش الإيراني النظامي) يوظف كل منهم عملاء الإنترنت الخاصين به.
مواقع مضللة
تمثل عمليات التأثير الرقمي في إيران استمرارا للدبلوماسية العامة، وإن كانت تتم من خلال مواقع ويب مضللة ومجموعات من وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث تستثمر إيران طاقة كبيرة عن طريق ضخ محتوى مؤيد لها في بيئات المعلومات الخاصة بالبلدان التي تقدم فائدة استراتيجية مباشرة قليلة.
وعلى سبيل المثال بنى الوكلاء الإيرانيون عددا من مواقع الويب وصفحات فيس بوك التي تستهدف الجماهير في إندونيسيا، والتي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم. وكان الهدف الرئيسي سرد القصة الإيرانية.
في 2014 ساعدت إيران في تضخيم نظرية المؤامرة اللبنانية بأن الولايات المتحدة قد أنشأت داعش، وكان الهدف الواضح هو إعاقة جهود القوة الناعمة الأمريكية في لبنان وتقوية الموقف النسبي لحزب الله المدعوم من إيران، والذي شارك في معركة الدعاية الخاصة به.
بشكل عام أبدت إيران حتى الآن القليل من الاهتمام بالتأثير المباشر على الانتخابات الأمريكية رغم أنها في عام 2016 أدارت صفحة فيس بوك وسعت إلى تعزيز ترشيح السناتور بيرني ساندرز في الانتخابات الرئاسية الديمقراطية، ويبدو أن تلك التجربة قد تكون مدخلا لمحاولة التأثير ضد ترمب في الانتخابات المقبلة.
خنق الصحافة
أدت المراقبة الأكثر تطورا، إلى جانب الاعتقال والسجن المنتظمين لـ»الدعاية ضد الدولة»، إلى خنق مجتمع الصحافة الإيراني، حتى تحت إشراف الرئيس المعتدل ظاهريا حسن روحاني. وبدأت الحكومة أيضا في تشديد الرقابة على آلاف المتطوعين الذين يبلغون عن انتهاكات الكلام للسلطات القضائية. وطوال الوقت تواصل إيران عملها البطيء فيما يسمى «المشروع الوطني للإنترنت» الذي بدأ عام 2011.
بدأت إيران في إنشاء شبكة منفصلة تماما عن الإنترنت تخلو من المواقع الأجنبية والتأثير الخارجي، وتسمح في رأيها بالوعي الكامل لجميع حركات الإنترنت في البلد، وتفرض سيطرة كاملة على بيانات المستخدم وتواصله. وفي مايو 2019 أعلنت إيران أن هذا النظام اكتمل بنسبة 80 % على الرغم من وجود عدد من الأسئلة المتعلقة بفعالية وجدوى تنفيذه.
تجويع المحتجين
جاء الاختبار الأكثر أهمية لضوابط الإنترنت الإيرانية الجديدة في نوفمبر 2019 عندما رفعت الحكومة أسعار الوقود بنسبة 50 % بين عشية وضحاها، مما أثار احتجاجات على نطاق واسع فيما لا يقل عن 100 مدينة، من حيث الحجم والفعالية.
كان هذا أكبر إغلاق للإنترنت في التاريخ. خلال تلك الفترة رد مسؤولو الشرطة والأمن بعنف، مما أسفر عن مقتل 1500 متظاهر غير مسلح. وعلى مدار شهر واحد ورغم عدد القتلى المذهل، إلا أن انقطاع الاتصالات أدى إلى احتياج المحتجين للدعم الدولي المعاصر.
وحتى مع تشديد الرقابة الحكومية فإن حوالي 56 مليون إيراني (70 % من السكان) أصبحوا الآن مستخدمين منتظمين للإنترنت، ولا يزال عدد من الخدمات المحظورة، مثل فيس بوك، تتمتع بشعبية محلية واسعة النطاق، بفضل التهرب من مرشحات الإنترنت والتسامح من قبل بعض منفذي الدولة.