الرأي

كورونا يجمعنا

ياسر عمر سندي
في هذه الأيام المسجلة تاريخيا، والتي تحمل في طياتها النواحي السلبية والإحباط، ومن جانبها الآخر الإيجابية والنشاط، لا يخفى على معظمنا في عامنا الجديد 2020، والذي لم نلبث أن ننسى تفاصيل قدومه واستهلالته علينا، وتمنياتنا في بدايته بأن يسوق لنا الخير واليسر والبركات، ولم يكد يكتمل شهره الثالث إلا وتفاجأ الجميع بما يخالجهم من حس رهابي اجتماعي بكل درجاته، وما يتملكهم من رعب وفزع نفسي بكل مراحله، خاصة عند مشاهدتهم للأخبار وما يحدث في مختلف الدول من زيادة توخي الحذر، والتركيز على طرق انتقال العدوى، وآلية الانتباه والتنبؤ بهذا الفايروس المتجدد «كورونا» حمانا الله والجميع منه.

وعند مشاهدتنا للإحصاءات المتزايدة عالميا من خطر الإصابة به، تتزايد المخاوف وتزداد معها نوبات الهلع، وهذا هو الجانب المعتم والسلبي، وهذا أمر نفسي مبرر في هذه المواقف، فالأمر لا نستطيع أن نجرده من الجانب العاطفي، والتكامل النفسي من حيث إشباع جانب الأمن والأمان، خاصة الطبي للبعدين البيئي والجسدي مطلب يسعى له كل إنسان ليتمتع بالصحة النفسية والجسدية.

بلاد الحرمين حفظها الله ورعاها، قامت باحتياطات احترازية ووقائية وعلاجية، من خلال وقف المعتمرين من خارج البلاد وداخلها، خوفا على الحرمين الشريفين من تزايد فرص انتشار الفايروس، وما تقوم به وزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة التعليم أيضا من طرق الإغلاق المناطقي، والعزل الطبي، والإجازات الممنوحة للطلاب والكادر التعليمي، ووقف الرحلات الدولية، والبيانات المتتالية التي تحذر من التجمهر في جميع المحافل الرياضية، وغيرها من مناسبات الأفراح والأتراح، ووقف نشاط المراكز التجارية، وصالونات الحلاقة والتجميل، وما أعلن مؤخرا من منح إجازة 16 يوما للموظفين الحكوميين ومن هم على شاكلتهم، وتحفيز القطاع الخاص على منح الإجازة لموظفيه، والميزانية المرصودة والمقدرة بـ 50 مليار لمواجهة هذا الوباء، وتعويض الخسائر المترتبة على ذلك.

ويتزايد لدينا الجانب الإيجابي المشرق، لجهود الدولة رعاها الله في حماية مواطنيها والمقيمين على أرضها. والتي ترفع من درجة الثقة والالتزام والولاء والانتماء لدينا، ولله الحمد والمنة، وتزيد أيضا لدينا الإيمان، وينخفض مؤشر الخوف إذا ما التزمنا بالإرشادات والتحذيرات الوقائية.

ومن وجهة نظري السلوكية إذا ما تحدثنا عن الجانب الآخر الذي يبث الفرح ويعمق الألفة في النفوس، والذي تسبب به فايروس كورونا أبعده الله وأباده، فإنه أدى إلى انبعاث حالة من الجو الاجتماعي، من حيث الحميمية والتجاذب والانجذاب والتقرب والاقتراب، وذلك على المستويين الأول الوطني، والثاني النفسي والمجتمعي.

فالجانب الوطني الذي أراه من خلال الحالة الأبوية التي شملتنا بها الدولة، والمتمثلة في رعاية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، بتسخير كل الجهود المالية والمادية والمعنوية لخدمة الشعب، وزيادة الاطمئنان والأمان أيضا تجاه حرص هذا البلد العظيم وحكومته الرشيدة، من خلال القرارات الجريئة والحكيمة والفاعلة التي لمسناها جميعا.

ومن حيث المستوى النفسي أدى هذا الحدث إلى زيادة الوعي لدى الفرد بأن هنالك أمورا يجب أن تؤخذ في الحسبان ويعاد ترتيبها، فالإنسان ما هو إلا جانب فكري وجانب بشري، وإذا ما تفاعل الجانبان زادت معهما الثقافة العامة والانضباط؟

ومن حيث الجانب الاجتماعي لهذا الحدث فإنه رفع من معدلات التقارب الأسري بين الأب والأم والأبناء، من خلال قضاء الأوقات المفيدة والتعرف أكثر إلى بعضهم البعض، وفهم كل طرف للآخر، كما وضح الاحتياجات الكامنة لكل عضو من أعضاء الأسرة، وزادت أيضا نواحي الترابط والعودة إلى العائلة الأم وهي الرئيسة أو ما يسمى بالبيت الكبير، فانظروا إلى الجانب الإيجابي دائما، فالإجازة فرصة جمعت الكل في بيت واحد وحجرة واحدة على طاولة طعام واحدة.

@Yos123Omar