الرأي

مشروعية حظر السفر قانونا في ظل انتشار كورونا

عبدالله قاسم العنزي
إن حقوق الإنسان في جوهرها متنوعة ومتجددة، وقد صنفها فقهاء القانون إلى أصناف عدة، لسنا في صدد حصرها، لكن سنتحدث عن الحقوق الفردية للإنسان، مثل حق التنقل والسفر من خارج البلد أو العودة إليه.

وحرية السفر أو حرية التنقل كفلت أنظمة المملكة العربية السعودية المحافظة عليها كحق من حقوق الإنسان فقد نصت المادة الـ 36 من النظام الأساسي للحكم على أن «توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد ..إلخ»، وجاء في المادة الـ 6 من نظام وثائق السفر الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 24 وتاريخ 28 / 5 / 1421 هـ في الفقرة الثانية «عدم جواز المنع من السفر إلا بحكم قضائي أو بقرار يصدره وزير الداخلية لأسباب محددة تتعلق بالأمن ولمدة معلومة»، وورد أيضا في النظام نفسه في المادة الـ 7 أنه «يحدد وزير الداخلية البلدان التي لا يسمح بالسفر إليها.. إلخ».

وبلا شك فإن حرية التنقل ليست حرية مطلقة، وإنما هي مقيدة ويأتي هذا التقييد في عدة جوانب يكون هدفها تحقيق الموازنة بين المصالح العامة والمصالح الخاصة، ومن ثم تغليب الأولى على الثانية عند تعارضها، وفي ظل انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم وتحوله إلى صورة وباء عالمي مخيف! فإن الظروف الراهنة تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية لمنع انتشاره في المجتمع، ومنها حظر السفر خارج الدولة أو القدوم إليها من بعض الدول.

والحظر كمصطلح يقصد منه منع أو تقييد بعض الحريات لهدف المحافظة على النظام العام، وهو إجراء من إجراءات الضبط الإداري الذي هو حق مكتسب لأي دولة تقصد تنظيم شؤونها الداخلية، ويقصد بالضبط الإداري مجموعة الإجراءات والتعليمات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام والعام، والذي من مدلولاته المحافظة على الصحة العامة.وبما أن هنالك دولا ممنوع السفر إليها، فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق من الناحية القانونية: هل سفر المواطن السعودي إلى الدول المحظور السفر إليها يعد جريمة أم مخالفة إدارية؟

إن الذين يسافرون إلى الدول التي صدر قرار من وزير الداخلية بمنع سفر المواطنين السعوديين إليها ولو مؤقتا يعتبرون مخالفين لأحكام نظام وثائق السفر، وعلى ذلك فإن نظام وثائق السفر نص على تشكيل هيئة لها صلاحيات عدة، منها محاكمة المخالفين لأحكام نظام وثائق السفر ولائحته التنفيذية، وهي لجنة تشكل برئاسة ضابط برتبة مقدم، وتكون لها صفة المحكمة الإدارية، ولها الحق في استدعاء المخالفين واستجواب وجمع الأدلة وتحقيق أوجه الدفاع، وما إلى ذلك من إجراءات المحاكمة، ولها إصدار العقوبات على المخالفين، وفقا لما ورد بالمادة الـ 10 من نظام وثائق السفر، والتي تقضي بغرامة لا تزيد على خمسة آلاف ريال أو بالمنع من السفر مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بهما معا.

أختم هذه العجالة بأن التقيد بالتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة ووزارة الصحة شعور بالمسؤولية وواجب وطني وإنساني، لتفادي انتشار الفيروس بين الناس، فالإجراءات المتخذة تصب في المصلحة العامة، وعلى ذلك من المنطق والعقل أننا جميعا نتقيد بها للمحافظة على الصحة العامة وسلامة المجتمع. دمتم بعافية وصحة، وإلى حديث قانوني آخر.

@ABDALLUHALANZI