الرأي

هل يعاقَب العبد المأمور إذا خالف القانون؟

عبدالله قاسم العنزي
الأخطاء التي يقع فيها الموظف العام متنوعة، ومن الطبيعي أن تكون متكررة إذا كان غير مدرب أو جديدا في العمل الوظيفي، وقد نصت المادة 31 من نظام تأديب الموظفين الصادر بالمرسوم ملكي رقم م/7 بتاريخ 1/2/1391 على أنه «يُعاقب تأديبيا كل موظف ثبت ارتكابه مخالفة مالية أو إدارية، وذلك مع عدم الإخلال برفع الدعوى العامة أو دعوى التعويض»، ولكن هنالك عبارة نسمعها من بعض الموظفين هي «أنا عبد مأمور»، فهل هذا العبد المأمور بتعليمات رئيسه المباشر تطاله سياط التأديب التي تمسه كعقوبة أم إن طاعته العمياء لرئيسه تعفيه من ذلك؟

الأصل هو طاعة الرؤساء فيما يصدرونه من تعليمات في العمل، وهو ما يقتضي أن ينفذ الموظف أمر رئيسه فور إبلاغه به، لا أن يناقشه فيه، أو أن يمتنع عن تنفيذه، فالرئيس وفقا للتدرج الإداري هو الذي يقوم يوزع الأعمال حسب التعليمات ومصلحة العمل، وهو المسؤول عن سير العمل في الوحدة التي يرأسها، ولكن قد تكون تعليمات الرئيس الإداري - الخايب - مخالفة للنظام! فكيف يحمي العبد المأمور نفسه من العقوبة؟

في هذه المقالة، بكل بساطة ودون تعقيد، نوضح أبرز الأحوال التي يعفى فيها الموظف من العقوبة التأديبية في حال نفذ أمرا أو تعليمات لرئيسه مخالفة للنظام.

أولا: يعفى الموظف من العقوبة، سواء كان في السلك العسكري أو المدني، إذا أثبت أنه نفذ تعليمات مكتوبة! فلا يعفى من المسؤولية إذا نفذ تعليمات شفهية وهذه أكثر المقالب التي يقع فيها الموظفون، بحيث ينفذ تعليمات شفهية دون قرائن تدل على توجيه من رئيسة أو شهود ونحوهما ثم يضرب به الرئيس عرض الحائط، ويقول: لم أوجه ولا أعلم عنه! طبعا التوجيه الشفهي الموافق لصحيح النظام لا يستلزم الكتابة حالة كانت هنالك ضرورة عاجلة لا تحتمل التأخير، وهذا من بدهيات الأمور، ولكن نحن نتكلم عن التوجيه المخالف للنظام.

ثانيا: إذا اعترف الرئيس بصدور التعليمات منه فإن هذا الإقرار يقوم مقام كتابة التعليمات، ويعفى الموظف المؤتمر والمنفذ للتعليمات من المسؤولية والعقوبة التأديبية.

ثالثا: يعفى الموظف إذا أثبت أن ثمة إكراها مورس عليه من قبل رئيسه المباشر شاب إرادته، سواء كان إكراها أدبيا أو ماديا.

وعلى أية حال يجب على الموظف قبل أن ينفذ تعليمات رئيسه المخالفة للنظام أن يعرض مذكرة على رئيسه، ينبهه فيها إلى وجه المخالفة للنظام التي ستترتب إذا تم تنفيذ تعليماته، وإذا أصر الرئيس بعد ذلك على تنفيذ تعليماته المخالفة بأن يؤشر بالتنفيذ على مذكرة مرؤوسه أو يعيد إصدار تعليمات بذات المضمون، فعلى الموظف أن يمتثل في هذه الحالة للتعليمات، ويعفى من المسؤولية التأديبية التي يُسأل عنها في هذه الحالة الرئيس وحده.

الموظف أيا كان موقعه في خدمة الدولة يجب أن يعرف ويفهم أن هنالك نظاما يحكم سلوكه وتوجهاته، وأنه يعمل وفق الأنظمة والتعليمات، ولا يعمل وفق أهواء رئيسه ونحو ذلك، ويجب عليه قبل الالتحاق بالخدمة في أي قطاع كان أن يدرك كل حقوقه وحقوق مرؤوسيه وحقوق المواطن والوطن، وهذا هو واجبنا نحن كرجال قانون بأن ننشر الثقافة القانونية والحقوقية على أوسع نطاق ممكن، حتى نمتثل جميعا للنظام الذي فرض لينظم حياة المجتمع. وإلى اللقاء في حديث قانوني آخر.

@expert_55