الرأي

ببساطة!

منى سالم باخشوين
قد يتفق معي كثيرون أن البساطة في معظم أمرنا إن لم يكن في كله هي أمر محبب ومريح. أبسط الأفكار التي لا تعقيد فيها هي الأكثر فاعلية - غالبا- وتأتي بنفس الثمار التي قد تأتي من كثير من التعقيد. البساطة في طريقة العيش تحررك من قيود وبروتوكولات أنت في غنى عنها. تستطيع إن كنت تملك الإمكانيات أن تعيش في جو من التعقيدات التي لا تنتهي وتستطيع أن تعيش ببساطة وتحرر. كلاهما طريقة للعيش ولكن إحداهما تضيف إلى عقلك هموما والأخرى تحرره من كل ذلك. البساطة في مظهرك وإن كنت تملك أن يكون مظهرا شديد الرفاهية ويدل على مستوى مادي معين، ولكن أن تميل إلى بساطته فذلك يدل على جمال روحك وعقلك. في لقاء رئيس فيس بوك بولي ولي العهد مؤخرا في الولايات المتحدة، لاحظت في الصور التي نشرت في مواقع التواصل بساطة كليهما فيما يلبسان: جينز وتي شيرت وقميص قطني وجاكيت. البساطة في الأمور التي تخص أجمل ما نملك.. أبناؤنا. تعليمهم. ربما شاهد بعضكم كما شاهدت ذلك المقطع الذي شاع عن ارتفاع مستوى الطالب ونجاح التعليم في فنلندا إلى مستوى فاق أي دولة أخرى. وعند لقاء أحدهم - وأعتقد أنه أمريكي الجنسية يعمل في مجال التعليم - بوزيرة التعليم هناك قالت إنه لا توجد في نظامهم واجبات منزلية وإنه لا توجد مدرسة أفضل من أخرى وإن أنسب مدرسة هي الأقرب من سكن الطالب. ويبدو من حديثها أنها تعلم تماما أن ما يقدم في جميع المدارس هو الأفضل بلا استثناء. وصرح عدد من مديري المدارس والمدرسين أنهم يريدون أن يشعر الطالب بالسعادة وهم يعملون على تحقيق ذلك. ساعات الدراسة لا تتجاوز الثلاث والأربع ساعات يوميا ومن ضمنها وقت الراحة والأكل. والطالب هناك يتعلم كل ما يحتاجه ويتفوق و.. يشعر بالسعادة. لماذا لا يشعر أبناؤنا بالسعادة في مدارسهم؟ لماذا يجب أن ندفع مبالغ طائلة إذا ما أردنا أن يحصل الطالب على مستوى مميز وبعض من سعادة فنبحث عن مدارس خاصة تؤدي الغرض؟ لماذا توحي كل مدارسنا بالكآبة والضيق للطالب والمدرس على حد سواء؟ في اجتماعاتنا ومناسباتنا تقريبا انعدم أي مظهر من مظاهر البساطة وامتلأت بالتعقيدات حتى فقدت معناها والسبب من الاجتماع أو المناسبة. تكاليف ليس لها أي داع في كل مرة تدعو البعض لزيارتك أو تقيم حفلا لزواج أو سواه. ونفى ذلك عنا أننا أمة وسط وأدخلنا في التعقيدات التي تكلف من يقوم بها ما يطيق وما لا يطيق ليجاري فقط من حوله. أما ما يحدث في مراكز التجميل المنتشرة في كل مكان والتي تحاصر عقول نسائنا وتصل بهم لتغيير الملامح تماما في الوجه والجسد، فذلك ليس تعقيدا وليس تغييرا لخلق الله وإنما هو مجرد تجميل! ولا تعليق.