الرأي

هيئة الأدب والنشر والترجمة

جبريل العريشي
وافق مجلس الوزراء السعودي على إنشاء هيئة الأدب والنشر والترجمة، ضمن الهيئات الثقافية الجديدة المنوط بها إدارة القطاع الثقافي السعودي. وهو قرار طال انتظاره من جموع الكتاب والمثقفين والناشرين.

فقد كان الكتاب السعودي دائما مفتقرا إلى بنية تحتية قادرة على توفيره كما ونوعا، بما يتلاءم مع الحاجات الأكاديمية والثقافية للنخب وللأفراد العاديين على حد سواء. فهو ليس فقط سلعة ذات قيمة تجارية واقتصادية، بما يتيحه من توظيف أيد عاملة جديدة وتطوير صناعة محلية وخلق سوق وطني للكتاب ولمختلف المطبوعات الأخرى، بل هو أيضا منتج له دور فكري وتنويري، حيث يعتبر مؤشرا على عافية الفكر والثقافة، وإحدى أهم الأدوات اللازمة لرفع المستوى الثقافي.

ومن ثم فقد كانت هناك حاجة إلى تكوين هيكل مستقل ذي صلاحيات موسعة، يضم الكفاءات ذات الصلة بالكتاب إبداعا وإنتاجا وتوزيعا، بحيث يكون مؤهلا للتركيز على الكتاب السعودي، وتعميق الاهتمام به ومعالجة مشاكله وفتح الآفاق اللازمة له. هيكل قادر على مباشرة كل الأنشطة الخاصة بنشر الكتاب، ووضع خطط طموحة تؤدي إلى زيادة نشر الكتاب الرصين والجاد، ووقف تسلل الكتب الرديئة المسيئة لسمعة الإنتاج الثقافي في المملكة.

هيكل مستقل، يكون قادرا على وضع حد لظاهرة السرقات الأدبية والمحافظة على حقوق المؤلف، وعلاج ظاهرة النقص في الكوادر البشرية المساعدة في عمليات إنتاج الكتاب وصناعته. هيكل قادر على علاج المشاكل الناجمة عن غياب الدعم للمؤلفين والناشرين على حد سواء، ولصناعة النشر على وجه العموم، مما أدى إلى ارتفاع سعر الكتاب وتراجع مستوى إنتاجه.

هيكل قادر على وضع خطة وطنية للنهوض بالترجمة، من خلال كيانات وطنية تكفل تنفيذ هذه الخطة، وقادر على إصدار قوانين تحمي حقوق المترجمين وتشجع حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية وتنسق مجهوداتها، وتنشط تبادل الخبرات بين المؤسسات العاملة في هذا المجال.

هيكل قادر على متابعة الجديد مما ينشر في ميادين المعرفة العلمية والأدبية والفنية في العالم، والتعريف به واختيار الجيد والملائم منه لترجمته، وقادر على إغناء الثقافة العربية بترجمة الرفيع من روائع الفكر العالمي في العلوم والآداب والفنون، في إطار الخطة الوطنية.

لذا، فقد كان قرار إنشاء هيئة الأدب والنشر والترجمة - التي تختص بالكتاب دون سواه - بمثابة أمل يتحقق بعد أن طال انتظاره. فمن المأمول أن تقوم الهيئة بدور أساسي في الارتقاء بالكتاب، وفي إفساح المجال للقطاع الخاص في أن يصبح القوة الدافعة في هذا الشأن. باعتبار أن مستقبل الكتاب مرتبط بتطوير آفاق مساهمة القطاع الخاص في الارتقاء به إنتاجا ونشرا وتوزيعا، وذلك في إطار جهد ترشيدي تقوم به الهيئة. بحيث يزداد انتشار الفكر الثقافي الواعي، ويزداد نشر المؤلفات الإبداعية والمعرفية والتعريف بها، بما ييسر انسيابها بين جموع المثقفين في الداخل والخارج.

jarishee@yahoo.com