التعليم والجودة الجامعية.. رؤى ومقترحات
السبت / 5 / رجب / 1441 هـ - 18:45 - السبت 29 فبراير 2020 18:45
تشهد الجامعات السعودية وتعليمها اليوم تطورا ملحوظا وإصلاحات تتمثل في زيادة عددها، وتوسع تخصصاتها، وخلق وزارة التعليم لنظام شامل لها، وتشكيلها لأول مجلس لشؤونها، وهذه دلائل على عناية الحكومة الرشيدة ورؤيتها المستقبلية.
وكل ما تحتاج إليه إصلاحات وزارة التعليم الآن هي الإفادة من المرئيات المطروحة حول تحسين جودة التعليم، ومستوى كفاءة مخرجاته، ورِفعة مؤشرات التأثير البحثية والعلمية للجامعات.
إن مما تتطلبه جودة التعليم المراجعة المستمرة للخطط والاستراتيجيات المرسومة، كمراجعة إمكانية رفع معايير ونسب قبول الطلاب بين الجامعات السعودية، لا خفضها.
أجل، وُضعت الجامعات بهذا العدد الكبير في كل المناطق لخدمة المجتمع، ولكن ليس شرطا من وجهة نظري أن تستقطب الجامعات كل الخريجين من التعليم العام لتكون قد لبت حاجات المجتمع التنموية الذي تخدمه! لأن الكسل وضمان القبول دفعا جميع الخريجين للالتحاق بتخصصات متنوعة، اختارتهم ولم يختاروها، فدرسوها بلا شغف وخرجوا منها بلا معارف تسعفهم لدفع عجلة التنمية وبناء المعرفة، ما شكل عبئا وإرباكا للعمل وسوقه!
فرفع وتوحيد معايير القبول لكل برنامج دراسي وبحثي في الجامعات السعودية أراه دافعا لتوليد جودة تعليمية مختلفة، لأن ذلك سيخلق بيئة تنافسية بين كل أبناء الوطن الذين يسعون برغبة للالتحاق بالتعليم العالي واكتساب معارف وخبرات تناسب المؤهلات التي يجتهدون للحصول عليها.
وهذه الاستراتيجية كما هي دعوة للطلاب للاجتهاد والحرص، فهي ترشيد أيضا يمنح الجامعات القدرة على إبقاء أبواب جميع التخصصات مشرعة أمام الطموحين فقط، كما يمنحها القدرة على مواكبة تنوع التخصصات الأخرى وفقا للاحتياجات التنموية والوطنية في كل منطقة بالإقرار والإلغاء.
وبهذه الاستراتيجية سيكون التوظيف الأكاديمي أيضا مقصورا على الكفاءات فقط، بعد تنحية فكرة المناطقية التي بدأت في التوسع مؤخرا في قبول الطلاب وفي توظيف المخرجات، وحدت كثيرا من التنوع الثقافي والخبراتي بين شرائح المجتمع الطلابية والأكاديمية التي تشكل عنصرا مهمّا في تكوين نسيج الجامعات وبيئاتها التعليمية الخلاقة.
والحديث عن الجودة يأخذنا أيضا لمؤشرات التصنيف والتأثير العلمي والبحثي العالمي للأقسام العلمية والبحثية في الجامعات التي - أراها - ما تزال دون المأمول. فلا حضور إلا لثلاث أو أربع جامعات سعودية في التصنيف العالمي، يقابله ركود في المؤشرات العلمية والبحثية. والأسباب كثيرة والحلول متنوعة، وما قد أضيفه هو أن استثمار الجامعات لبرامج دراسية وبحثية محددة، قد يسهم في تقدمها، مما يجعلها مركزا رياديا في قيادة وتقدم المجتمع.
ما أعنيه باختصار هو أن دعم المؤسسة التعليمية لمسارات دراسية أو بحثية معينة، وتوفيرها للمراكز البحثية، وتعزيزها لشراكاتها الداخلية والخارجية، وتسخيرها لكراسيها العلمية والبحثية لخدمة المجال الذي تتميز به كل منطقة، سينعكس إيجابا على جودة البرنامج، وكفاءة مخرجاته، مما يتيح للجامعة فرصة استقطاب العلماء والباحثين، لرفع المستوى التعليمي وزيادة النتاج البحثي. عندها تكون لدينا جامعات بهويات علمية وبحثية مختلفة في مسارات/مجالات: لغوية، وشرعية، وتربوية، وحقوقية، وهندسية، وصحية، أو طبية، أو المسارات/المجالات التي تخضع لحاجات المناطق الجغرافية: كالنفطية، والعسكرية، والبحرية، أو الزراعية والجغرافية.. إلخ.
فليكن تركيز الجامعات على جودة التعليم برفع وتوحيد معايير القبول ونسبها بين جامعاتها، والعمل على خلق فرادة علمية وبحثية في مسار تخصصي محدد، لتتمتع بتعليم نوعي وقوة مخرجات، وتشكل لهوية تخصصية مستقلة تمنحها مؤشرات عالمية رفيعة. وهذا كله لن يقطع صلة الجامعات المستمرة في مواكبة تنوع التخصصات الأخرى بالإقرار أو الإلغاء، وفقا للاحتياجات التنموية والوطنية في كل منطقة، مما يعمل على ربط الجامعات بأهم أعمالها التي وجدت من أجلها وهي خدمة المجتمع.
@almarhaby
وكل ما تحتاج إليه إصلاحات وزارة التعليم الآن هي الإفادة من المرئيات المطروحة حول تحسين جودة التعليم، ومستوى كفاءة مخرجاته، ورِفعة مؤشرات التأثير البحثية والعلمية للجامعات.
إن مما تتطلبه جودة التعليم المراجعة المستمرة للخطط والاستراتيجيات المرسومة، كمراجعة إمكانية رفع معايير ونسب قبول الطلاب بين الجامعات السعودية، لا خفضها.
أجل، وُضعت الجامعات بهذا العدد الكبير في كل المناطق لخدمة المجتمع، ولكن ليس شرطا من وجهة نظري أن تستقطب الجامعات كل الخريجين من التعليم العام لتكون قد لبت حاجات المجتمع التنموية الذي تخدمه! لأن الكسل وضمان القبول دفعا جميع الخريجين للالتحاق بتخصصات متنوعة، اختارتهم ولم يختاروها، فدرسوها بلا شغف وخرجوا منها بلا معارف تسعفهم لدفع عجلة التنمية وبناء المعرفة، ما شكل عبئا وإرباكا للعمل وسوقه!
فرفع وتوحيد معايير القبول لكل برنامج دراسي وبحثي في الجامعات السعودية أراه دافعا لتوليد جودة تعليمية مختلفة، لأن ذلك سيخلق بيئة تنافسية بين كل أبناء الوطن الذين يسعون برغبة للالتحاق بالتعليم العالي واكتساب معارف وخبرات تناسب المؤهلات التي يجتهدون للحصول عليها.
وهذه الاستراتيجية كما هي دعوة للطلاب للاجتهاد والحرص، فهي ترشيد أيضا يمنح الجامعات القدرة على إبقاء أبواب جميع التخصصات مشرعة أمام الطموحين فقط، كما يمنحها القدرة على مواكبة تنوع التخصصات الأخرى وفقا للاحتياجات التنموية والوطنية في كل منطقة بالإقرار والإلغاء.
وبهذه الاستراتيجية سيكون التوظيف الأكاديمي أيضا مقصورا على الكفاءات فقط، بعد تنحية فكرة المناطقية التي بدأت في التوسع مؤخرا في قبول الطلاب وفي توظيف المخرجات، وحدت كثيرا من التنوع الثقافي والخبراتي بين شرائح المجتمع الطلابية والأكاديمية التي تشكل عنصرا مهمّا في تكوين نسيج الجامعات وبيئاتها التعليمية الخلاقة.
والحديث عن الجودة يأخذنا أيضا لمؤشرات التصنيف والتأثير العلمي والبحثي العالمي للأقسام العلمية والبحثية في الجامعات التي - أراها - ما تزال دون المأمول. فلا حضور إلا لثلاث أو أربع جامعات سعودية في التصنيف العالمي، يقابله ركود في المؤشرات العلمية والبحثية. والأسباب كثيرة والحلول متنوعة، وما قد أضيفه هو أن استثمار الجامعات لبرامج دراسية وبحثية محددة، قد يسهم في تقدمها، مما يجعلها مركزا رياديا في قيادة وتقدم المجتمع.
ما أعنيه باختصار هو أن دعم المؤسسة التعليمية لمسارات دراسية أو بحثية معينة، وتوفيرها للمراكز البحثية، وتعزيزها لشراكاتها الداخلية والخارجية، وتسخيرها لكراسيها العلمية والبحثية لخدمة المجال الذي تتميز به كل منطقة، سينعكس إيجابا على جودة البرنامج، وكفاءة مخرجاته، مما يتيح للجامعة فرصة استقطاب العلماء والباحثين، لرفع المستوى التعليمي وزيادة النتاج البحثي. عندها تكون لدينا جامعات بهويات علمية وبحثية مختلفة في مسارات/مجالات: لغوية، وشرعية، وتربوية، وحقوقية، وهندسية، وصحية، أو طبية، أو المسارات/المجالات التي تخضع لحاجات المناطق الجغرافية: كالنفطية، والعسكرية، والبحرية، أو الزراعية والجغرافية.. إلخ.
فليكن تركيز الجامعات على جودة التعليم برفع وتوحيد معايير القبول ونسبها بين جامعاتها، والعمل على خلق فرادة علمية وبحثية في مسار تخصصي محدد، لتتمتع بتعليم نوعي وقوة مخرجات، وتشكل لهوية تخصصية مستقلة تمنحها مؤشرات عالمية رفيعة. وهذا كله لن يقطع صلة الجامعات المستمرة في مواكبة تنوع التخصصات الأخرى بالإقرار أو الإلغاء، وفقا للاحتياجات التنموية والوطنية في كل منطقة، مما يعمل على ربط الجامعات بأهم أعمالها التي وجدت من أجلها وهي خدمة المجتمع.
@almarhaby