صفقة القرن وفرحة المزايدين
الجمعة / 13 / جمادى الآخرة / 1441 هـ - 18:45 - الجمعة 7 فبراير 2020 18:45
يقال إن أنجولا كانت من الخيارات المطروحة أمام المنظمة الصهيونية العالمية لتكون وطنا قوميا لليهود، ولتكون لاحقا وبالمقاس والتفصيل أرض الميعاد. هذا الشيء ليس بالأمر الصعب على الصهاينة، كونهم من أمهر الناس في إعادة إنتاج وصنع تاريخ البشر والحجر بما يتوافق مع رؤاهم ومصالحهم ومستقبل وجودهم.
لنتخيل أن إسرائيل استوطنت أنجولا، ولنقس ذلك بما جرى في منطقتنا وسيجري، فالسيناريو سيكون كالتالي: الحكومة البرتغالية - كون أنجولا كانت مستعمرة برتغالية، ممثلة في وزير خارجيتها ترسل رسالة إلى اللورد روتشيلد أو أي صهيوني آخر، تخبره فيها بسرور الحكومة البرتغالية واستعدادها لإنشاء وطن قومي لليهود في تلك المستعمرة، حيث إنها وبنبوءات التوراة والعهد القديم أرض الوعد والميعاد!
الأمة الأفريقية ترفض التقسيم الذي أيدته الأمم المتحدة عام 1947، والذي ينهي الانتداب البرتغالي، وتدعو شعوبها للنفير العام. عام 1948 الدول نفسها تعلن الحرب على إسرائيل وتفشل فشلا ذريعا في السيطرة على أراضي أنجولا، وتصبح إسرائيل أمرا واقعا لا مفر منه.
تتطور الأحداث وتنتقل إسرائيل من مساحة محدودة داخل أنجولا لتتمدد في حرب الست ساعات، وتسيطر على أجزاء من نامبيا والكونجو وزامبيا، في حرب مذلة لم تستغرق سوى سويعات كسويعات الأصيل عند طلال مداح.
اللاءات الثلاث تعلن في مؤتمر قمة أفريقية طارئ، ولجان شعبية تظهر، ومنظمات تحرير تؤسس، وجيوش تعلن ولاءها لأنجولا، فالحرس الثوري لبروتوريا العنصرية يعلن تصميمه على استعادة الحق الأفريقي وطرد المغتصبين، وأن هذا الحق أولا يبدأ بتحطيم جماجم السود (الناصبة) في أفريقيا ودخول عواصم بلادهم، فالطريق إلى أنجولا يبدأ بتحرير الدول المحيطة بها.
(موجابي) قائد فيلق (لواندا) يسرح ويمرح في دول الجوار ويبشر بعودة أنجولا حرة أبية، ونيلسون مانديلا يعلن انقلابه على كل الأنظمة الرجعية، ويبشر الأمة الأفريقية بقرب رمي إسرائيل في المحيط الأطلسي، والذي لا يعجبه هذا الكلام يشرب من المحيط الهادئ، ومن لم يعجبه الهادئ عليه بالمحيط الأطلنطي.
هذا السيناريو كان يمكن أن يكون في أنجولا، في المقابل كيف كان سيكون حال شرق أوسطنا لو لم تكن إسرائيل موجودة فيه ككيان محتل مغتصب؟ هل كنا سنرى شعارات كاذبة كالموت لإسرائيل واللعنة على اليهود، هل كانت شعارات العروبة المزيفة وأصداؤها المجلجلة في كل مكان تستأثر بعقولنا وتستنفد طاقاتنا وعزائمنا حينا من الدهر؟ هل كنا سنعيش أيلول الأسود وكانون الأبيض؟ هل كنا سنرى ياسر عرفات يستبدل ربطة العنق بكوفيته الفلسطينية؟ هل كانت العربية اللغة، ستنتج شعراء يرثون حال الأمة العربية ويبكون الأقصى مثل نزار ومحمود درويش وأحمد مطر والبقية الباقية؟!
صفقة القرن سيرفضها العقل قبل أن يرفضها العرب والمسلمون، ولكن المزايدين يطربون لمثل هذه المواقف الحساسة والمحن العصيبة، ففيها تنفيس لأحقادهم وضغائنهم، فيها يكمن خطابهم الدعائي والادعائي، فيها يكمن خبثهم ودجلهم واستغفالهم للشعوب.
من ينكر صفقة القرن - كلاميا - عليه أن يقطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، وأن يخفض مستوى التبادل التجاري والتنسيق العسكري معها، من يرفض صفقة القرن في هذه اللحظات العصيبة من تاريخ امتنا عليه أن يعطينا كشفا بمواقفه المشرفة مع الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، من يرفض صفقة القرن عليه أن يثبت أن فلسطين قضيته الأولى، وليست ورقته الأولى التي يلوح بها في (الميادين) ليجمع الناس ويعيد ترتيب صفوفهم في معسكره وتحت رايته، (مكملين) مشاريعه الدعائية المضللة، ثم يكون نتاج ذلك حراك في الشارع، وفي الاستديوهات، وخطب رنانة ومشاريع حصاد، واتجاهات متعارضة ومتعاضدة، منها ما ظهر قبحه وما خفي أقبح!
فلسطين قبل صفقة القرن وبعدها، ستظل القضية الأولى للعرب والمسلمين، أما المزايدون أصحاب المصالح والشعارات، فيظلون الزبد الذي يذهب جفاء، وستظل فلسطين بالخيّرين الذين كانوا مع هذا الحق منذ بدايته حتى اليوم القضية العادلة الماكثة في الوجدان والأرض، وفي أرواح الشهداء والشرفاء وضمائرهم الحية.
@alaseery2
لنتخيل أن إسرائيل استوطنت أنجولا، ولنقس ذلك بما جرى في منطقتنا وسيجري، فالسيناريو سيكون كالتالي: الحكومة البرتغالية - كون أنجولا كانت مستعمرة برتغالية، ممثلة في وزير خارجيتها ترسل رسالة إلى اللورد روتشيلد أو أي صهيوني آخر، تخبره فيها بسرور الحكومة البرتغالية واستعدادها لإنشاء وطن قومي لليهود في تلك المستعمرة، حيث إنها وبنبوءات التوراة والعهد القديم أرض الوعد والميعاد!
الأمة الأفريقية ترفض التقسيم الذي أيدته الأمم المتحدة عام 1947، والذي ينهي الانتداب البرتغالي، وتدعو شعوبها للنفير العام. عام 1948 الدول نفسها تعلن الحرب على إسرائيل وتفشل فشلا ذريعا في السيطرة على أراضي أنجولا، وتصبح إسرائيل أمرا واقعا لا مفر منه.
تتطور الأحداث وتنتقل إسرائيل من مساحة محدودة داخل أنجولا لتتمدد في حرب الست ساعات، وتسيطر على أجزاء من نامبيا والكونجو وزامبيا، في حرب مذلة لم تستغرق سوى سويعات كسويعات الأصيل عند طلال مداح.
اللاءات الثلاث تعلن في مؤتمر قمة أفريقية طارئ، ولجان شعبية تظهر، ومنظمات تحرير تؤسس، وجيوش تعلن ولاءها لأنجولا، فالحرس الثوري لبروتوريا العنصرية يعلن تصميمه على استعادة الحق الأفريقي وطرد المغتصبين، وأن هذا الحق أولا يبدأ بتحطيم جماجم السود (الناصبة) في أفريقيا ودخول عواصم بلادهم، فالطريق إلى أنجولا يبدأ بتحرير الدول المحيطة بها.
(موجابي) قائد فيلق (لواندا) يسرح ويمرح في دول الجوار ويبشر بعودة أنجولا حرة أبية، ونيلسون مانديلا يعلن انقلابه على كل الأنظمة الرجعية، ويبشر الأمة الأفريقية بقرب رمي إسرائيل في المحيط الأطلسي، والذي لا يعجبه هذا الكلام يشرب من المحيط الهادئ، ومن لم يعجبه الهادئ عليه بالمحيط الأطلنطي.
هذا السيناريو كان يمكن أن يكون في أنجولا، في المقابل كيف كان سيكون حال شرق أوسطنا لو لم تكن إسرائيل موجودة فيه ككيان محتل مغتصب؟ هل كنا سنرى شعارات كاذبة كالموت لإسرائيل واللعنة على اليهود، هل كانت شعارات العروبة المزيفة وأصداؤها المجلجلة في كل مكان تستأثر بعقولنا وتستنفد طاقاتنا وعزائمنا حينا من الدهر؟ هل كنا سنعيش أيلول الأسود وكانون الأبيض؟ هل كنا سنرى ياسر عرفات يستبدل ربطة العنق بكوفيته الفلسطينية؟ هل كانت العربية اللغة، ستنتج شعراء يرثون حال الأمة العربية ويبكون الأقصى مثل نزار ومحمود درويش وأحمد مطر والبقية الباقية؟!
صفقة القرن سيرفضها العقل قبل أن يرفضها العرب والمسلمون، ولكن المزايدين يطربون لمثل هذه المواقف الحساسة والمحن العصيبة، ففيها تنفيس لأحقادهم وضغائنهم، فيها يكمن خطابهم الدعائي والادعائي، فيها يكمن خبثهم ودجلهم واستغفالهم للشعوب.
من ينكر صفقة القرن - كلاميا - عليه أن يقطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، وأن يخفض مستوى التبادل التجاري والتنسيق العسكري معها، من يرفض صفقة القرن في هذه اللحظات العصيبة من تاريخ امتنا عليه أن يعطينا كشفا بمواقفه المشرفة مع الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، من يرفض صفقة القرن عليه أن يثبت أن فلسطين قضيته الأولى، وليست ورقته الأولى التي يلوح بها في (الميادين) ليجمع الناس ويعيد ترتيب صفوفهم في معسكره وتحت رايته، (مكملين) مشاريعه الدعائية المضللة، ثم يكون نتاج ذلك حراك في الشارع، وفي الاستديوهات، وخطب رنانة ومشاريع حصاد، واتجاهات متعارضة ومتعاضدة، منها ما ظهر قبحه وما خفي أقبح!
فلسطين قبل صفقة القرن وبعدها، ستظل القضية الأولى للعرب والمسلمين، أما المزايدون أصحاب المصالح والشعارات، فيظلون الزبد الذي يذهب جفاء، وستظل فلسطين بالخيّرين الذين كانوا مع هذا الحق منذ بدايته حتى اليوم القضية العادلة الماكثة في الوجدان والأرض، وفي أرواح الشهداء والشرفاء وضمائرهم الحية.
@alaseery2